3- أدعية الحج والعمرة
أولاً: أدعية العمرة
ملاحظة: أدعية العمرة عامة للعمرة منفردة، ومع الحج.
* الذكر إذا أنشأ الحاج السفر
إذا استوت به راحلته على البيداء حَمِدَ الله، وسبَّح، وكبَّر؛ لحديث أنس - رضي الله عنه - قال: "صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن معه بالمدينة الظهر أربعًا، والعصر بذي الحليفة ركعتين، ثم بات بها حتى أصبح، ثم ركب حتى استوت به راحلته على البيداء، حمد الله وكبر، ثم أهل بحج وعمرة"، الحديث؛ رواه البخاري.
وفيه مشروعية التحميد والتسبيح والتكبير.
* التلبية: فإذا أحرم لبى، والتلبية لها عدة صيغ:
1) أشهرها "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد لك، والنعمة لك والملك لا شريك لك"؛ متفق عليه.
2) وصح عنه صل الله عليه وسلم - أنه كان يقول: ((لبيك إله الحق لبيك))؛ أحمد والنسائي.
3) وكان عبدالله بن عمر - رضي الله عنهما - يزيد فيها "لبيك لبيك وسعديك، والخير بيديك، والرغباء إليك"؛ مسلم.
* وله أن يُكبِّر أحيانًا.
مسألة: متى يبدأ الحاج بالتلبية؟ يبدأ بعد الصلاة، أو بعد أن يستوي على راحلته، أو إذا علا البيداء، وكله وارد.
مسألة: لا يزال الحاج يلبي حتى رمي جمرة العقبة؛ لحديث ابن عباس - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أردف الفضل، وخبره الفضل أنه لم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة؛ أخرجه البخاري ومسلم، وأهل السنن الأربعة.
وفيه استحباب الاستمرار على التلبية حتى رمي جمرة العقبة.
* الذكر في الطواف
1) إذا استلم الحجر الأسود قال: "بسم الله والله أكبر"، "اللهم إيمانًا بك، وتصديقًا بكتابك، ووفاءً بعهدك، وابتاعًا لسنة نبيك محمد - صلى الله عليه وسلم –"؛ البخاري، عبدالرزاق، البيهقي.
2) عند استلام الركن اليماني لا يقول شيئًا.
3) يقول بين الركن اليماني والحجر الأسود: "ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار"؛ أحمد، أبو داود، النسائي.
4) أما الذكر أثناء الطواف، فلم يَثْبُت في ذلك شيئًا؛ بل يدعو الإنسان بما يريد.
* الدعاء عند شرب ماء زمزم
وإذا شرب من ماء زمزم، فليستقبل القبلة ويذكر الله، وليتضلع منه، وليحمد الله – تعالى - ويدعو بما أحب؛ فماء زمزم لما شُرِبَ له، وهو طعام الطعم، وشفاء السقم. (مسلم، أحمد، ابن ماجه).
* الذِّكْر إذا رقي على الصفا والمروة
فإذا فرغ من الطواف صلى ركعتين كما تقدم، فإذا دنا من الصفا قرأ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة: 158]، فيرقى على الصفا حتى يرى البيت، فيستقبل القبلة ويوحد الله ويكبره ثلاثًا، ويقول: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، ثم يدعو بعد ذلك، ويقول مثل هذا ثلاث مرات، ثم ينزل المروة حتى إذا انصبَّت قدماه في بطن الوادي، سعى حتى إذا صعد مشى.(مسلم).
* الذكر إذا كان بين الصفا والمروة
وبين الصفا والمروة: "رب اغفر وارحم، وأنت الأعز الأكرم، اللهم آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار"، وإذا أتى المروة فعل على المروة كما فعل على الصفا.
ثانيًا: أدعية الحج
* الذكر إذا سار إلى عرفات
وإذا سار إلى عرفات لبى وكبر. (مسلم).
*الدعاء يوم عرفة
خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وللمسلم أن يدعو بما شاء من خير الدنيا والآخرة، ومن الأدعية الواردة يوم عرفة:
- قال صل الله عليه وسلم -: ((وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير))؛ الترمذي.
- ((اللهم اجعل في قلبي نورًا، وفي سمعي نورًا، وفي بصري نورًا، اللهم اشرح لي صدري، ويسر لي أمري، وأعوذ بك من وساوس الصدر، وشتات الأمر، وفتنة القبر، اللهم إني أعوذ بك من شر ما يلج في الليل، وشر ما يلج في النهار، وشر ما تهب به الرياح))؛ ابن أبي شيبة في مصنفه.
* والحاصل أن المشروع في هذا الموطن ذكر الله - سبحانه وتعالى – ودعاؤه، والإكثار من ذلك.
* الذكر بعد النفرة من عرفة إلى المشعر الحرام
"إذا صلى الفجر أتى المشعر الحرام، واستقبل القبلة، فدعا الله وكبَّره وهلله ووحده، ولم يزل واقفًا؛ حتى أسفر جدًّا"؛ مسلم.
* الذكر عند الفراغ من الرمي
حتى إذا فرغ قال: اللهم اجعله حجًّا مبرورًا، وذنبًا مغفورًا. (أحمد، وابن أبي شيبة في مصنفه).
*الدعاء عند الذبح وما يسن فيه
فإذا ذبح سمى وكبر، ووضع رجله على عرض خده.
ويقول في الأضحية: بسم الله، اللهم تقبل مني، ومن أمة محمد، صل الله عليه وسلم.
وإن كانت بدنة فليقمها، ثم ليقل: الله أكبر ثلاثًا، اللهم منك ولك، ثم ليُسَمِّ، ثم لينحر.
4- السكينة.. السكينة
1- إذا غربت الشمس سار الحاج إلى مزدلفة وعليه السكينة، قال جابر في صفة حجه صل الله عليه وسلم -: "ودفع رسول الله صل الله عليه وسلم - وقد شنق للقصواء الزمام حتى إن رأسها ليصيب مَوْرِكَ رحله، ويقول بيده: ((أيها الناس السكينة.. السكينة))؛ مسلم.
2- فإذا وصلها صلى المغرب والعشاء جمعًا.. إلا أن يصل مزدلفة قبل العشاء الآخرة، فإنه يصلي المغرب في وقتها، ثم ينتظر حتى يدخل وقت العشاء الآخرة فيصليها في وقتها؛ ففي صحيح البخاري عن ابن مسعود - رضي الله عنه -: "أنه أتى مزدلفة حين الأذان بالعتمة أو قريًبا من ذلك، فأمر رجلاً فأذَّن وأقام ثم صلى المغرب، وصلى بعدها ركعتين، ثم دعا بعَشَائه فتعشى، ثم أمر رجلاً فأذَّن وأقام ثم صلى العشاء ركعتين"، وفي رواية: "فصلى الصلاتين، كل صلاة وحدها بأذان وإقامة، والعَشاء بينهما"؛ لكن إذا كان محتاجًا إلى الجَمْع، إما لتعب أو قلة ماء أو غيرهما؛ فلا بأس بالجمع وإن لم يدخل وقت العشاء، وإن كان يخشى ألاَّ يصل مزدلفة إلاَّ بعد نصف الليل؛ فإنه يصلي ولو قبل الوصول إلى مزدلفة، ولا يجوز أن يؤخر الصلاة إلى ما بعد نصف الليل.
3- ويبيت بمزدلفة.. ولا يحيي ليله بذكر، ولا صلاة، ولا قيام؛ بل السنة النوم. وأما الوتر فالصحيح أنه يصليه؛ لأنه صل الله عليه وسلم - كان لا يتركه حضرًا ولا سفرًا.
4- فإذا تبيَّن الفجر، صلى الفجر مبكرًا بأذان وإقامة، ثم قصد المشعر الحرام فوحَّد الله وكبره ودعا بما أحب، حتى يسفر جدًّا، وإن لم يتيسر له الذهاب إلى المشعر الحرام دعا في مكانه؛ لقول الرسول صل الله عليه وسلم -: ((وقفت هاهنا وجَمْع كلها موقف))؛ مسلم. ويكون حال الذكر والدعاء مستقبلاً القبلة، رافعًا يديه.
5- المبيت إلى الفجر، هذا في حق الأقوياء؛ أما الضعفة ومَن كان مرتبطًا معهم، فيحق لهم الانصراف من مزدلفة بعد غياب القمر؛ لما ثبت أنه صل الله عليه وسلم - بعث الضعفة من أهله بليل.. وكانت أسماء بنت أبي بكر تنتظر حتى إذا غاب القمر دفعت.(البخاري ومسلم).
6- فإذا أسفر جدًّا دفع قبل أن تطلع الشمس إلى منى، ويسرع في وادي مُحَسِّر.
7- من الأخطاء التي يفعلها بعض الحجاج - هداهم الله -: اعتقادهم أنه لا بد من أخْذ الحصى من مزدلفة، فيتعبون أنفسهم بلقطها في الليل، واستصحابها في أيام مني؛ حتى إن الواحد منهم إذا ضاع حصاه حزن حزنًا كبيرًا، وطلب مِن رفقته أن يتبرعوا له بفضل ما معهم من حصى مزدلفة.. وقد علم مما سبق أنه لا أصل لذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنه أَمَرَ ابنَ عباس - رضي الله عنهما - بلقط الحصى له، وهو واقف على راحلته، والظاهر أن هذا الوقوف كان عند الجمرة؛ إذ لم يحفظ عنه أنه وقف بعد مسيره من مزدلفة قبل ذلك، ولأن هذا وقت الحاجة إليه ،فلم يكن ليأمر بلقطها قبله؛ لعدم الفائدة فيه، وتكلف حمله.
5- يوم العيد ( النحر)
فإنه يشرع للحاج في هذا اليوم عدة أعمال، هي كالتالي:
* ينطلق إلى منى قبل طلوع الشمس؛ لحديث جابر: "فدفع قبل أن تطلع الشمس..."؛ مسلم.
فإذا وصل إلى منى، فإنه يعمل ما يلي:
أولاً: رمي جمرة العقبة (وهي الجمرة التي تلي مكة في منتهى منى) بسبع حصيات، يكبر مع كل حصاة، ومقدار الحصاة مثل حصى الخذف؛ لحديث جابر في صفة حج النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ثم سلك الطريق التي تخرج على الجمرة الكبرى، حتى أتى الجمرة التي عند الشجرة، فرماها بسبع حصيات، يكبر مع كل حصاة منها مثل حصى الخذف"؛ مسلم.
* فائدة:
- أن الرمي يوم النحر يبدأ بعد طلوع الشمس لغير الضعفة؛ أما في حق الضعفة فيبدأ من بعد انصرافهم من مزدلفة بعد غياب القمر.
- أنه لا يرمي يوم العيد إلا جمرة العقبة؛ لأن النبي صل الله عليه وسلم - لم يرمِ سواها.
- يستمر الحاج في التلبية حتى يصل جمرة العقبة، حيث يقطع التلبية مع أول حصاة يرميها.
- يستمر الرمي في يوم النحر إلى غروب الشمس، وله الرمي ليلاً.
- أنه لا يغسل الحصى؛ فإن غسله - كما قال شيخ الإسلام - من البدع.
ثانيًا: النحر: وهو ثاني أعمال يوم العيد، فينحر هديه، هذا هو السُّنة، ويجوز أن ينحر في أي مكان آخر من منى أو في مكة، عن جابر قال: قال رسول الله صل الله عليه وسلم -: ((نحرت هاهنا، ومنى كلها منحر؛ فانحروا في رحالكم...))؛ رواه مسلم.
* ووقت الذبح أربعة أيام: يوم النحر وثلاثة أيام التشريق؛ قال صل الله عليه وسلم -: ((كل أيام التشريق ذبح))؛ أحمد.
ثالثًا: من أعمال يوم العيد: الحَلق والتقصير، والحلق أفضل.
رابعًا: من أعمال يوم العيد: طواف الإفاضة، وهو ركن من أركان الحج؛ قال - تعالى -: {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 29].
* وإن أخر الحاج طواف الإفاضة، فطافه عند الخروج؛ أجزأه عن طواف الوداع؛ لكن السُّنة أن يطوفه يوم العيد ضحى.
خامسًا: من أعمال يوم العيد: السعي، وهو سبعة أشواط؛ كسعيه في العمرة تمامًا، وبعد فراغه من السعي يتحلل التحلل الثاني؛ فيَحِلُّ له كل شيء منع منه الإحرام؛ حتى النساء.
* القارِن والمفرِد إذا سعيا مع طواف القدوم، كفاهما عن سعي الحج؛ فليس عليهما في يوم العيد سعي، وإن تركا السعي إلى يوم العيد لزمهما بعد الطواف، ولهما أن يؤخراه مع طواف الوداع.
* الأفضل ترتيب أعمال يوم العيد كما يلي:
1 – الرمي. 2- ذبح الهدي. 3- الحلق أو التقصير. 4- الطواف. 5- السعي.
فإن أخل بالترتيب، وقدَّم بعضها على بعض، فلا حرج؛ عن عبدالله بن عمرو بن العاص: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقف في حجة الوداع، فجعلوا يسألونه، فقال رجل: "لم أَشعُر؛ فحَلَقْتُ قبل أن أذبح!"، قال: ((اذبح ولا حرج))، فجاء آخر فقال: "لم أشعر فنحرت قبل أن أرمي!"، قال: ((ارمِ فلا حرج))، فما سُئل يومئذ عن شيء قُدِّم ولا أُخِّر إلا قال: ((افعل ولا حرج))؛ متفق عليه.