كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم خُمرة يصلي عليها، وكانت كالحصير الصغير من سعف النخل، مضفرة بالسيور ونحوها، بقدر الكف والوجهين، وهي أصغر من أن يصلي عليها. وسميت خمرة لأن خيوطها مستورة بسعفها، ولأنها تستر الوجه والكفين من برد الأرض وحرها، فإن كبرت عن ذلك فهي حصير، فعن ميمونة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وأنا حذاءه... قالت: وكان يصلي على الخمرة.[1]
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ناوليني الخُمرة من المسجد".[2] وعن جابر رضي الله عنه قال: حدثنا أبو سعيد الخدري أنه دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجده يصلي على حصير يسجد عليه.[3]
كما كان للنبي صلى الله عليه وسلم كرسي يجلس عليه، كان من خشب أسود، فعن أبي رفاعة قال: انتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يخطب، فقلت: يا رسول الله، رجل غريب جاء يسأل عن دينه، لا يدري ما دينه. فأقبل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وترك خطبته حتى انتهى إليَّ، فأتي بكرسي حسبت قوائمه حديدًا، فقعد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعل يعلمني مما علمه الله، ثم أتى خطبته فأتم آخرها.[4]
وزاد البخاري في الأدب المفرد لفظ: "قال حميد: أراه خشبًا أسود حسبه حديدًا". قال ابن الجوزي: ولولا ما ذكرناه عن حميد، لكان الأليق أن يكون من ليف قوائمه من حرير.
وذكر المبرد في الكامل أنه كان لعمر رضي الله عنه كرسي يجلس عليه، وذكر النسائي أنه كان لعلي رضي الله عنه كرسي يجلس عليه.[5]
كما كان له قبة حمراء من أدم، فعن عون بن أبي جحيفة عن أبيه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو في قبة حمراء من أدم، ورأيت بلالاً أخذ وضوء النبي صلى الله عليه وسلم والناس يبتدرون الوضوء، فمَن أصاب منه شيئًا تمسح به، ومن لم يصب منه شيئًا أخذ من بلل يد صاحبه.[6]
وعن أنس رضي الله عنه قال: أرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى الأنصار وجمعهم في قبة من أدم.[7]
وكان له حصير يصلي عليه بالليل، ويبسطه بالنهار للجلوس عليه، فعن عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحتجر حصيرًا بالليل فيصلي، ويبسطه بالنهار فيجلس عليه، فجعل الناس يثوبون إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيصلون بصلاته حتى كثروا، فأقبل فقال: "يا أيها الناس، خذوا من الأعمال ما تطيقون، فإن الله لا يمل حتى تملوا، وإن أحب الأعمال إلى الله ما دام وإن قلَّ".[8] [1] رواه البخاري.
[2] رواه مسلم.
[3] رواه مسلم.
[4] رواه مسلم.
[5] انظر: سنن النسائي، ومسند الإمام أحمد، وإمتاع الأسماع 7/ 128.
[6] متفق عليه.
[7] رواه البخاري.
[8] رواه البخاري.
سامح محمد البلاح