♥ ☆ ♥ فعاليات بحر الامل ♥ ☆ ♥
|
|||||
♥ ☆ ♥اعلانات بحر الامل ♥ ☆ ♥
|
|
۩{ الحديث الشريف}۩ قَسَمَ مَخَصَصَ لَلَاَحَاَدَيَثَ اَلَشَرَيَفَهَ .. |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||||||||||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||||||||||
شرح حديثي أبي هريرة وعائشة الصديقة رقم 80 و81 من كتاب عمدة الأحكام
شرح حديثي أبي هريرة وعائشة الصديقة رضي الله عنهما رقم: (80) و(81) من كتاب عمدة الأحكام الشيخ فؤاد بن يوسف أبو سعيد الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين، وبعد؛ فهذا بابُ الإِمامةِ، من كتاب (عمدة الأحكام)، لعبد الغني المقدسي رحمه الله تعالى، ودرسنا اليوم هما الحديثان المرقومان بـ (80، 81) وموضوعهما متابعةُ الإمام في صلاة الجماعة. أوّلهما في درس اليوم هو الحديث الثاني من باب الإِمامةِ والمرقوم بـ(80) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَلا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ؛ فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ، وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا، وَإِذَا صَلَّى جَالِساً فَصَلُّوا جُلُوساً أَجْمَعُونَ". التخريج: (خ) (734)، (م) 86 - (414)، والرواياتُ عن أبي هريرة لم تذكر سببَ ورودِ الحديث. معاني كلمات الحديث وجُمَلِه: قوله صلى الله عليه وسلم: (إنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ): إنما؛ أداة قصر وحصر الائتمام بالإمام، لا بغيره. و[لا بد فيه من تقدير محذوف، وهو المفعول الثاني لـ (جَعَل)؛ لأنها هنا بمعنى صَيَّرَ، والتقدير: إنما جُعلَ الإمامُ إمامًا، و - المفعولُ - الأوَّلُ ارتفعَ - بالضّمّة - لقيامه مقامَ الفاعل، ومعنى «ليؤتم به»؛ أي: يُقتدَى به][1]. قوله صلى الله عليه وسلم: (فَلا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ). أي لا تسابقوه ولا توافقوه، ولا تتأخروا عنه، بل تابعوه. قوله صلى الله عليه وسلم: (فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا). الفاء الواقعة في (فكبروا) و (فاركعوا) ... إلخ؛ للترتيب والتعقيب، ومعنى الترتيب؛ أن تقع بعده، والتعقيب؛ بأن تليَه - أي تلي الإمامَ في حركاته وتنقلاته - مباشرة، فلا تُساوِه - أيها المأموم] - ولا تتأخرْ عنه، - ولا تسابقْه - [2]. قوله صلى الله عليه وسلم: (وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ)، [قيل: معنى «سمع الله لمن حمده»: أجاب الله دعاء من حمده. ففيه الحثُّ على التحميد][3]. قوله صلى الله عليه وسلم: (فَقُولُوا: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ). عندما تسمعوا التسميع من الإمام، وعند الرفع من الركوع، فالفاءُ تفيد الترتيبَ والتعقيب. قوله صلى الله عليه وسلم: (وَإِذَا صَلَّى جَالِساً فَصَلُّوا جُلُوساً أَجْمَعُونَ)، "أجمعون": تأكيد لضمير الجمع. وثاني الحديثين في درس اليوم هو الحديث الثالث من باب الإِمامةِ والمرقوم بـ(81) قال عبد الغني المقدسي: وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: ((صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِهِ وَهُوَ شَاكٍ، صَلَّى جَالِساً، وَصَلَّى وَرَاءَهُ قَوْمٌ قِيَاماً، فَأَشَارَ إلَيْهِمْ: أَنْ اجْلِسُوا، لَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: إنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا، وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ، وَإِذَا صَلَّى جَالِساً فَصَلُّوا جُلُوساً أَجْمَعُونَ)). التخريج: حديث عائشة رضي الله عنها عند البخاري وسلم وغيرهما هذا نصُّه: عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الـمُؤْمِنِينَ، أَنَّهَا قَالَتْ: (صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِهِ وَهُوَ شَاكٍ، فَصَلَّى جَالِسًا، وَصَلَّى وَرَاءَهُ قَوْمٌ قِيَامًا، فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ أَنِ اجْلِسُوا، فَلَمَّا انْصَرَفَ)، قَالَ: «إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا، وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا»[4]. هذا الحديث عن عائشة رضي الله عنها في شكوى النبي صلى الله عليه وسلم وصلاتِه جالسًا، وبتتبُّع رواياته لم أجدْ ما نسبه المصنفُ ابن قدامة رحمه الله تعالى من حديثها رضي الله عنها، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: (وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا: رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ)، وكذلك لفظةُ (أَجْمَعُونَ)؛ لا في الصحيحين ولا غيرهما من روايتها رضي الله عنها، بينما ثبت ذلك من حديث أبي هريرة وأنسٍ وغيرهما في الصحيحين وغيرهما، والله تعالى أعلم. وبعد البحث وجدت كلمة (أجمعون) من حديثها رضي الله عنها في كتاب (الطبِّ النبوي) لأبي نعيم الأصفهاني (المتوفى: 430هـ)[5]. وروى البخاريُّ هذا الحديث في (بَابٌ إِذَا عَادَ مَرِيضًا، فَحَضَرَتِ الصَّلاَةُ فَصَلَّى بِهِمْ جَمَاعَةً) من (كِتَاب المَرْضَى) [6]، عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، ثم حكم عليه بأن صلاة المأموم جالسًا خلف الإمام القاعد منسوخ، فـ [قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ - البخاريُّ -: قَالَ الحُمَيْدِيُّ: (هَذَا الحَدِيثُ مَنْسُوخٌ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آخِرَ مَا صَلَّى صَلَّى قَاعِدًا وَالنَّاسُ خَلْفَهُ قِيَامٌ)]. وفي موضع آخر قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ - البخاريُّ -: [قَالَ الحُمَيْدِيُّ: قَوْلُهُ: «إِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا»، هُوَ فِي مَرَضِهِ القَدِيمِ، ثُمَّ صَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسًا، وَالنَّاسُ خَلْفَهُ قِيَامًا، لَمْ يَأْمُرْهُمْ بِالقُعُودِ، وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ بِالْآخِرِ فَالْآخِرِ، مِنْ فِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ][7]. معاني الكلماتِ وتوضيحُ الجمل: قولها رضي الله عنها: (صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِهِ)، وفي رواية: في مَشْرُبَةٍ لِعَائِشَةَ، وهي الْغُرْفَة الْمُرْتَفِعَة[8]. (وَهُوَ شَاكٍ)، أي مريض. قولها رضي الله عنها: (فَأَشَارَ إلَيْهِمْ: أَنْ اجْلِسُوا) الإشارة المفهمة تغني عن العبارة. قولها رضي الله عنها: (قَالَ: إنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ)، أي ليُتَّبَعَ في أقوله وأفعالِه؛ إلاَّ ما خرج بدليله. الشرح والتوضيح: أوَّلا: سبب ورود الحديث في الصلاة جالسا؛ (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكِبَ فَرَسًا، فَصُرِعَ عَنْهُ فَجُحِشَ شِقُّهُ الأَيْمَنُ، ...). [9]، وفي رواية: (فَجُحِشَتْ سَاقُهُ أَوْ كَتِفُهُ). [10]، وفي رواية: (فَانْفَكَّتْ قَدَمُهُ)[11]. [ولا مانع من اجتماع الأمور الثلاثة، لما سقط أصيب برضوض، وانفكَّت قدمُه، وجرح، لا سيما وأن الروايات فيها قوة][12]. ثانيا: التعليلُ لصلاة المأمومين جلوسا خلف الإمام الجالس، هو عدم التشبُّه بالأعاجم، ففي رواية جَابِرٍ رضي الله عنه؛ حيث قال: (رَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَسًا بِالْمَدِينَةِ، فَصَرَعَهُ عَلَى جِذْمِ نَخْلَةٍ، فَانْفَكَّتْ قَدَمُهُ، فَأَتَيْنَاهُ نَعُودُهُ، فَوَجَدْنَاهُ فِي مَشْرُبَةٍ لِعَائِشَةَ [13] يُسَبِّحُ جَالِسًا)، قَالَ: (فَقُمْنَا خَلْفَهُ فَسَكَتَ عَنَّا، ثُمَّ أَتَيْنَاهُ مَرَّةً أُخْرَى نَعُودُهُ، فَصَلَّى الْمَكْتُوبَةَ جَالِسًا، فَقُمْنَا خَلْفَهُ فَأَشَارَ إِلَيْنَا، فَقَعَدْنَا)، قَالَ: (فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ)، قَالَ: "إِذَا صَلَّى الْإِمَامُ جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا، وَإِذَا صَلَّى الْإِمَامُ قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا، وَلَا تَفْعَلُوا كَمَا يَفْعَلُ أَهْلُ فَارِسَ بِعُظَمَائِهَا"[14]. ثالثا: المعنى الإجمالي: قال الشيخ البسَّام رحمه الله تعالى: [في هذين الحديثين بيانُ صفةِ اقتداءِ المأموم بالإمام، ومتابعتِه له. فقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم المأمومين إلى الحكمة من جعْلِ الإمام؛ وهي أن يُقتَدَى به ويُتابَع، فلا يُختلَفُ عليه بعمل من أعمال الصلاة، وإنما تُراعى تَنَقُّلاتُه بنظامٍ؛ فإذا كبّر للإحرام، فكبِّروا أنتم كذلك، وإذا رَكع فاركعوا بعده، وإذا ذكَّركم أنَّ الله مجيبٌ لمن حمده بقوله: "سمع الله لمن حمده"، فاحمدوه تعالى بقولكم: "ربنا لك الحمد". وإذا سجد فتابعوه واسجدوا، وإذا صلى جالساً لعجزه، عن القيام - فتحقيقاً للمتابعة - صلُّوا جلوساً، ولو كنتم على القيام قادرين...][15]. [فقد ذكرت عائشة رضي الله عنها أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم اشتكى من المرض، وبيَّن أنسٌ رضي الله عنه سببَ الشكوى وهو أنه (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَقَطَ عَنْ فَرَسِهِ فَجُحِشَتْ) - أي خدشت أو أشدّ من الخدش قليلاً - (سَاقُهُ - أَوْ كَتِفُهُ - وَآلَى مِنْ نِسَائِهِ) - أي حلف ألاَّ يدخل عليهن - (شَهْرًا)، وفي رواية: (آلَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نِسَائِهِ، وَكَانَتْ انْفَكَّتْ رِجْلُهُ، فَأَقَامَ فِي مَشْرُبَةٍ تِسْعًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً، ثُمَّ نَزَلَ)، فَقَالُوا: (يَا رَسُولَ اللَّهِ آلَيْتَ شَهْرًا!!) فَقَالَ: «إِنَّ الشَّهْرَ يَكُونُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ»[16]. وفي رواية: (فَجَلَسَ فِي مَشْرُبَةٍ لَهُ دَرَجَتُهَا مِنْ جُذُوعٍ، فَأَتَاهُ أَصْحَابُهُ يَعُودُونَهُ، فَصَلَّى بِهِمْ جَالِسًا وَهُمْ قِيَامٌ، فَلَمَّا سَلَّمَ قَالَ: «إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا، وَإِنْ صَلَّى قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا»[17]. فقد كان الصحابة - رضي الله عنهم - يظنونَّ أنَّ عليهم القيامَ لقدرتِهم عليه، فصلَّوا وراءَه قيامًا فأشار إليهم، أن اجلسوا. فلما انصرف من الصلاة أرشدهم إلى أن الإمام لا يخالف، وإنما يوافَق لتحقُّقِ المتابعةِ التامةِ والاقتداءِ الكامل، بحيث يصلى المأمومُ جالساً مع قدرته على القيام لجلوس إمامه العاجز][18]. فكان سقوطه صلى الله عليه وسلم عن فرسه قد وافق إيلاءه (... مِنْ نِسَائِهِ شَهْرًا). [19]،أَيْ: حَلَفَ لَا يَدْخُل عَلَيْهِنَّ شَهْرًا، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الْإِيلَاءَ الْمُتَعَارَفَ بَيْن الْفُقَهَاء[20]. واختُلف في سبب حَلِفِه بعدم الدخول على نسائه شهرا؛ هل هو حَلِفُه على تحريمِ أَمَتِه ماريَةَ القبطيةِ رضي الله عنها، [21] أو تحريمِ العسل على نفسه؟ أو كليهما؟ والقول الأخير هو الأقرب. الفوائد والأحكام: لقد اشتمل موضوع الحديثين على بضعَ عشرةَ فائدة، منها: 1 - [... الْفَاءُ فِي قَوْلِهِ: "فَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا ..." إلَخْ، تَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَفْعَالَ الْمَأْمُومِ تَكُونُ بَعْدَ أَفْعَالِ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ الْفَاءَ تَقْتَضِي التَّعْقِيبَ. وَقَدْ مَضَى الْكَلَامُ فِي الْمَنْعِ مِنْ السَّبْقِ. وَقَالَ الْفُقَهَاءُ: الْمُسَاوَاةُ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ: مَكْرُوهَةٌ. 2 - قَوْلُهُ: "وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ"، يَسْتَدِلُّ بِهِ مَنْ يَقُولُ: إنَّ التَّسْمِيعَ مُخْتَصٌّ بِالْإِمَامِ. فَإِنَّ قَوْلَهُ: "رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ". مُخْتَصٌّ بِالْمَأْمُومِ. وَهُوَ اخْتِيَارُ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ. 3 - اخْتَلَفُوا فِي إثْبَاتِ الْوَاوِ وَإِسْقَاطِهَا مِنْ قَوْلِهِ: "وَلَكَ الْحَمْدُ"، بِحَسَبِ اخْتِلَافِ الرِّوَايَاتِ، وَهَذَا اخْتِلَافٌ فِي الِاخْتِيَارِ، لَا فِي الْجَوَازِ. وَيَرْجِعُ إثْبَاتُهَا بِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى زِيَادَةِ مَعْنًى؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ التَّقْدِيرُ: رَبَّنَا اسْتَجِبْ لَنَا - أَوْ مَا قَارَبَ ذَلِكَ - وَلَكَ الْحَمْدُ، فَيَكُونُ الْكَلَامُ مُشْتَمِلًا عَلَى مَعْنَى الدُّعَاءِ، وَمَعْنَى الْخَبَرِ. وَإِذَا قِيلَ بِإِسْقَاطِ الْوَاوِ دَلَّ عَلَى أَحَدِ هَذَيْنِ. 4 - قَوْلُهُ: "وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا أَجْمَعُونَ"، أَخَذَ بِهِ قَوْمٌ، فَأَجَازُوا الْجُلُوسَ خَلْفَ الْإِمَامِ الْقَاعِدِ لِلضَّرُورَةِ، مَعَ قُدْرَةِ الْمَأْمُومِينَ عَلَى الْقِيَامِ، وَكَأَنَّهُمْ جَعَلُوا مُتَابَعَةَ الْإِمَامِ عُذْرًا فِي إسْقَاطِ الْقِيَامِ، وَمَنَعَهُ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ الْمَشْهُورِينَ. وَالْمَانِعُونَ اخْتَلَفُوا فِي الْجَوَابِ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى طُرُقٍ. منها: ادِّعَاءُ كَوْنِهِ مَنْسُوخًا، وَنَاسِخُهُ: صَلَاةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّاسِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ قَاعِدًا، وَهُمْ قِيَامٌ، وَأَبُو بَكْرٍ قَائِمٌ يُعْلِمُهُمْ بِأَفْعَالِ صَلَاتِهِ، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ الْإِمَامَ، وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ مَأْمُومًا فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ، وَقَدْ وَقَعَ فِي ذَلِكَ خِلَافٌ ...][22]. [... وأنكر الإمام أحمدُ النسخَ، والأصلُ عدمُ النسخ بين النصوص الشرعية، وأنه مهما أمكن الجمع بينها، وجب المصير إليه، لأنه إعمال لها جميعاً... وذهب الإمام أحمد إلى التوسط بين هذين القولين؛ وهو إن ابتدأ بهم الإمام الراتب الصلاة قائماً، ثم اعتلَّ في أثنائها فجلس؛ أتمُّوا خلفه قياماً وجوباً، عملا بحديث صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بأبي بكر والناسِ، حين مرِض مرَض الموت. وإن ابتدأ بهم الصلاة جالساً صلَّوا خلفه جلوسا استحبابا؛ عملا بحديثي الباب ونحوهما، وهو جمع حسن، تتلاقى فيه الأحاديث الصحيحة المتعارضة، ولاشك أن الجمع بين النصوص - إذا أمكن - أولى من النسخ والتحريف. - أي حَمْلُه عَلَى وَجْهَيْنِ فَأَكْثَر - [23]. وقد قوَّى هذا الجمعَ الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى... 5 - وجوب متابعة المأموم للإمام في الصلاة وتحريم المسابقة، - أو الموافقة أو المخالفة - . 6 - تحريم مخالفته وبطلان الصلاة بها. 7 - أنّ الأفضلَ في المتابعة، أن تقع أعمالُ المأموم بعد أعمال الإمام مباشرة، قال الفقهاء: وتكره المساواة والموافقة في هذه الأعمال. 8 - أن الإمام إذا صلى جالسا - لعجزه عن القيام - صلى خلفه المأمومون جلوساً - استحباباً -، ولو كانوا قادرين على القيام، تحقيقا للمتابعة والاقتداء. 9 - أن المأموم يقول: "ربنا لك الحمد"، حينما يقول الإمام: "سمع الله لمن حمده". وقال ابن عبد البر: (لا أعلم خلافاً في أن المنفرد يقول: "سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد")، وقال ابن حجر: (فَأَمَّا مَنْعُ الْإِمَام مِنْ قَوْل: "رَبَّنَا وَلَك الْحَمْد" فَلَيْسَ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَجْمَع بَيْنَهُمَا). 10 - جواز الإشارة في الصلاة للحاجة...][24]. 11 - [مشروعية ركوب الخيل، والتدرب على أخلاقها، والتأسي لمن يحصل له سقوط ونحوُه بما اتُّفِق للنبي صلى الله عليه وسلم في هذه الواقعة، وبه الأسوة الحسنة[25]. 12 - أنه يجوز عليه ما يجوز على البشر من الأسقام، ونحوها، من غير نقص في مقداره بذلك، بل ليزداد قدرُه رفعةً، ومنصبُه جلالةً. 13 - مشروعية عيادة من سقط عن مركوبه، فحصل له بذلك ضرر. 14 - ما قاله الحافظ ولي الدين العراقي رحمه الله: أنه يجوز للإمام إذا مرض، وعجز عن القيام أن يصلي بنفسه، ولا يستخلف، لكنَّ الأفضلَ له الاستخلاف...][26]. 15 - قال البيهقي: [وَأَمَّا حَدِيثُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فِي كَرَاهِيَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِيَامَهُمْ لَهُ، وَحَدِيثُ أَبِي أُمَامَةَ فِي ذَلِكَ وَقَوْلُهُ: «لَا تَقُومُوا كَمَا تَقُومُ الْأَعَاجِمُ يُعَظِّمُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا»، فَإِنَّمَا هِيَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ إِذَا كَانَ الْقِيَامُ عَلَى وَجْهِ التَّعْظِيمِ لَا التَّكْرِيمِ؛ مَخَافَةَ الْكِبْرِ، وَالَّذِي رُوِيَ عَنْ مُعَاوِيَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَمْثُلَ لَهُ الرِّجَالُ قِيَامًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ»، فَإِنَّمَا هُوَ أَنْ يَأْمُرَهُمُ بِذَلِكَ، وَيُلْزِمُهُ إِيَّاهُمْ عَلَى مَذْهَبِ الْكِبْرِ وَالنَّخْوَةِ، فَيَكُونُ هُوَ قَاعِدًا، وَهُمْ مُنْتَصِبُونَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ][27]. قال ابن عثيمين: [... فالقيام على الرجل منهيٌّ عنه، اللهمَّ إلا إذا دعت الحاجة إلي ذلك، كأن يُخاف على الرجل أن يَعتدِي عليه أحد فلا بأس أن يقوم عليه القائم، كذلك إذا قام عليه الرجل إكراماً له في حال يقصد إكرامَه وإهانةَ العدوِّ، مثل ما حصل من المغيرة بن شعبة رضي الله عنه في صلح الحديبية، حينما كانت قريش تراسل النبي صلي الله عليه وسلم للمفاوضة فيما بينهم، كان المغيرة بن شعبة رضي الله عنه واقفا على رأس رسول الله وبيده السيف؛ تعظيماً لرسول الله صلي الله عليه وسلم، وإهانة لرسل الكفار الذين يأتون للمفاوضة][28]. 16 - قال البسّام: [ومنه يؤخذ تَحَتُّمُ طاعةِ القادةِ وولاةِ الأمرِ ومراعاةِ النظام، وعدمِ المخالفةِ والانشقاقِ على الرؤساء. فما هذه الشرائعُ الإلهيَّةُ إلاّ لتعويدِنا على السمعِ والطاعة، وحسنِ الاتباعِ والائتلاف، بجانب التعبُّدِ بها لله سبحانه وتعالى. وما أعظمَ الإسلامَ وأسمى تشريعاتِه، وأجلَّ أهدافَه!! وفّق الله المسلمين إلى التبصّرِ بدينهم واتّباعِه، فيجتمعَ شملهم، وتتوحَّدَ صفوفُهم، وتعلوَ كلمتُهم فما الخيرُ إلا في الاجتماع والتفاهم، وما الشرُّ إلاَّ بالتفرُّق والاختلافِ والمراءِ الباطل، ﴿ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ [الأنفال: 46]][29]. هذا والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين [1] (رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام)، لأبي حفص عمر بن علي بن سالم بن صدقة اللخمي، الإسكندري المالكي، تاج الدين الفاكهاني (المتوفَّى: 734هـ) (2/ 110).
[2] بتصرف من (تيسير العلام شرح عمدة الأحكام) للبسام (ص: 135). [3] بتصرف من (رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام) للفاكهاني (2/ 113). [4] رواه (خ) (688)، (1113)، (1236)، (م) 82 - (412)، وغيرُهما. [5] كتاب الطب النبوي لأبي نعيم الأصفهاني (2/ 649) ح (703). [6] البخاري، رقم (5658). [7] (خ) (689). [8] من (فتح الباري) لابن حجر. [9] (خ) (689). [10] (خ) (378). [11] (د) (602)، (خد) (960). [12] قاله الشيخ عبد الكريم الخضير في (شرحه على الموطأ). [13] قال الشوكاني: [قَوْلُهُ: (مَشْرُبَةٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَبِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَبِضَمِّ الرَّاء وَفَتْحِهَا وَهِيَ الْغُرْفَةُ، وَقِيلَ: كَالْخِزَانَةِ فِيهَا الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ، وَلِهَذَا سُمِّيَتْ مَشْرُبَةً، فَإِنَّ الْمَشْرَبَةَ بِفَتْحِ الرَّاءِ فَقَطْ: هِيَ الْمَوْضِعُ الَّذِي يَشْرَبُ مِنْهُ النَّاسُ]. نيل الأوطار (3/ 203). [14] (د) (602)، (خد) (960)، صححه الألباني في (الإرواء) (2/ 122)، و(صحيح أبي داود) (615). [15] بتصرف من (تيسير العلام شرح عمدة الأحكام) للبسام (ص: 136). [16] (خ) (1911). [17] (خ) (378). [18] بتصرف من (تيسير العلام شرح عمدة الأحكام) للبسام (ص: 136). [19] (خ) (371)، وغيره. [20] من (فتح الباري) لابن حجر. [21] [قَطَاةٌ مَارِيَةٌ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ؛ مُكْتَنِزَةُ اللَّحْمِ لُؤْلُؤِيَّةُ اللَّوْنِ، وَقَدْ تُخَفَّفُ وَبِهَا سُمِّيت الْمَرْأَةُ، وَالْمَارِيَةُ بِالتَّشْدِيدِ الْبَقَرَةُ الْبَرَّاقَةُ اللَّوْنِ]. المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (2/ 585). [22] بتصرُّف من (إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام) لابن دقيق العيد (1/ 224، 225). [23] (فتح الباري لابن حجر) (13/ 523) [24] بتصرف من (تيسير العلام شرح عمدة الأحكام) للبسام (ص: 136، 138). [25] انظر(الاستذكار) لابن عبد البر (2/ 169) [26] (ذخيرة العقبى في شرح المجتبى) للإثيوبي (10/ 116، 117). [27] (الآداب) للبيهقي (ص: 100). [28] شرح رياض الصالحين (1/ 158). [29] بتصرف من (تيسير العلام شرح عمدة الأحكام) للبسام (ص: 136، 138). الموضوع الأصلي: شرح حديثي أبي هريرة وعائشة الصديقة رقم 80 و81 من كتاب عمدة الأحكام |~| الكاتب: نزف القلم |~| المصدر: منتديات بحر الامل
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
2020-04-29, 09:32 PM | #2 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
ســـلمـــت الأيـــــــــــآدي على الموضـــــــوع الجـــمـــيـــل ..
إبدآعآت وجهود مميزه فعلاً لك أرق تحيه .. لآخــــــــلآ ولآعـــــــدم منك ومن جديدك القـــآدم ..
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|