منتديات بحر الامل

منتديات بحر الامل (http://www.bhralaml.com/vb/index.php)
-   ۩{ علوم منوعة من آلقرآن آلكريم }۩ (http://www.bhralaml.com/vb/forumdisplay.php?f=106)
-   -   تفسير: (يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس) (http://www.bhralaml.com/vb/showthread.php?t=9701)

نزف القلم 2019-01-26 08:37 AM

تفسير: (يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس)
 
تفسير آية
(يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس)
قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ [1] فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا [2] وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً﴾[3] فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ [التوبة: 28].
﴿ نَجَسٌ ﴾ النجاسة: القذارة، وذلك ضربان: ضرب يُدرك بالحواس، وضرب يدرَك بالبصيرة، والثاني وصفَ الله تعالى به المشركين، فقال: ﴿ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ ﴾، ويقال: نجَّسه؛ أي: جعله نجسًا، ونجَّسه أيضًا أزال نجسه، ومنه تنجيس العرب؛ وهو شيء كانوا يفعلونه من تعليق عوذة على الصبي ليدفعوا عنه نجاسةَ الشيطان، والناجس والنجيس داءٌ خبيث لا دواءَ له[4].
عَيْل: ﴿ وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً ﴾؛ أي: فقرًا، يقال: عالَ الرجلُ إذا افتقر، يعيل عَيلة فهو عائلٌ، وأما أعال: إذا كثر عياله فمن بنات الواو، وقوله: ﴿ وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى ﴾ [الضحى: 8]؛ أي: أزال عنك فقرَ النفس، وجعل لك الغِنى الأكبر المعنِيَّ بقوله عليه الصلاة والسلام: ((الغنى غِنَى النفس))، وقيل: "ما عال مقتصد"، وقيل: ووجدك فقيرًا إلى رحمة الله وعفوِه فأغناك بمغفرته لك ما تقدَّم من ذنبك وما تأخر[5].
أمر الله تعالى في هذا النداء المؤمنينَ بأن يَمنعوا من دخول المسجد الحرام كلَّ مشركٍ ومشركة؛ لأن المشركَ نجسُ الظاهر والباطن، فلا يحلُّ دخولهم إلى المسجد الحرام وهو مكة والحرم حولها، ومن يومئذٍ لم يدخل مكةَ مشرك، وقوله تعالى: ﴿ وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً ﴾؛ أي: فقرًا لأجل انقطاع المشركين عن الموسم؛ حيث كانوا يجلبون التجارةَ يبيعون ويشترون، فيحصل النفعُ للمسلمين ﴿ فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ﴾، فامنعوا المشركين ولا تخافوا الفقرَ.
وقوله تعالى: ﴿ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ استثناءٌ منه تعالى؛ حتى تبقى قلوبُ المؤمنين متعلقةً به سبحانه وتعالى، راجيةً خائفة، غيرَ مطمئنَّةٍ غافلة، وكونه تعالى عليمًا حكيمًا يرشِّح المعنى المذكور؛ فإن ذا العلم والحكمة لا يَضع شيئًا إلا في موضعه؛ فلا بد لمن أراد رحمةَ الله أو فضلَ الله أن يَجتهد أن يكون أهلاً لذلك، بالإيمان والطاعة العامة والخاصة[6].
قال البغوي رحمه الله تعالى في قوله تعالى: ﴿ فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾: قال عكرمةُ: فأغناهم اللهُ عز وجل بأن أنزل عليهم المطر مدرارًا، فكثر خيرهم، قال مُقاتل: أسلم أهلُ جُدَّة وصنعاء وجُريش من اليمن، وجلبوا الميرة الكثيرة - الطعام - إلى مكةَ، فكفاهم اللهُ ما كانوا يخافون، وقال الضحَّاك وقتادة: عوَّضَهم اللهُ منها الجزيةَ فأغناهم بها[7].
قال الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله تعالى:
﴿ فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ﴾؛ فليس الرِّزق مقصورًا على بابٍ واحد، ومحل واحد؛ بل لا ينغلق بابٌ إلا وفتح غيره أبواب كثيرة؛ فإنَّ فضل الله واسعٌ وجوده عظيم، خصوصًا لمن ترَك شيئًا لوجه الله الكريم؛ فإنَّ الله أكرمُ الأكرمين، وقد أنجز وعدَه، قد أغنى المسلمين من فضله، وبسَط لهم من الأرزاق ما كانوا به من أكبر الأغنياء والملوك، ﴿ إِنْ شَاءَ ﴾ تعليقٌ للإغناء بالمشيئة؛ لأن الغِنى في الدنيا ليس من لوازم الإيمان، ولا يدلُّ على محبة الله، فلهذا علَّقه الله بالمشيئة؛ فإن الله يُعطي الدنيا مَن يحبُّ ومن لا يحب، ولا يعطي الإيمانَ والدين إلا من يحب؛ ﴿ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾؛ أي: علمُه واسعٌ، يعلم من يليق به الغِنى ومن لا يليق، ويضع الأشياءَ في مواضعها، ويُنزلها منازلها.
وتدل الآية الكريمة ﴿ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا ﴾ [التوبة: 28] أن المشركين بعدما كانوا همُ الملوكَ والرؤساء بالبيت، ثم صار بعد الفتحِ الحكمُ لرسول الله صلى الله عليه وسلم، مع إقامتهم بالبيت ومكة المكرمة، ثم نزلت الآيةُ... أمر أن يُجلَوا من الحجاز فلا يبقى فيها دِينَان، وكل هذا لأجل بُعد كلِّ كافرٍ عن المسجد الحرام، فيدخل في قوله تعالى: ﴿ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا ﴾[8].
قال أبو عمرو الأوزاعي: كتب عمرُ بن عبدالعزيز أنِ امنعوا اليهودَ والنصارى من دخول مساجد المسلمين، وأتبع نهيَه قولَ الله تعالى: ﴿ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ ﴾ [التوبة: 28]، وقال عطاء: الحَرم كلُّه مسجد؛ لقوله تعالى: ﴿ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا ﴾، ودلَّت الآيةُ الكريمة على نجاسة المشرك، كما ورد في الصحيح: ((المؤمن لا ينجس))، وأما نجاسة بدنه، فالجمهورُ على أنه ليس بنجس البدن والذات؛ لأن الله تعالى أحلَّ طعامَ أهل الكتاب، وذهب الظاهرية إلى نجاسة أبدانهم[9].
فوائد من الآية الكريمة:
1- تقرير نجاسة الكافر المعنوية.
2- منع دخول المشرك الحرمَ المكي كائنًا من كان، بخلاف باقي المساجد، فقد يؤذن للكافر لمصلحةٍ أن يدخل بإذن المسلمين.
3- لا يمنع المؤمنَ من امتثال أمرِ ربه الخوفُ من الفاقة والفقر؛ فإن الله تعهَّد بالإغناء إن شاء.
4- إعطاءُ الله ومنعه للعبد يخضع لعلمِ وحكمة الله تعالى.
5- مشروعية الأخذ بالأسباب؛ إذ قال صلى الله عليه وسلم: ((اعقِلها وتوكَّل))، قال بعضهم: الأسباب التي يُطلب بها الرزق هي: الجهادُ في سبيل الله، وأكل الرجل من عمل يده، والتجارة، والحَرْث، والغرس، والتعليم للعلوم بالأجرة[10].
[1] قيل: وصف المشرك بالنجس؛ لأنه جنب لا يغتسل من جنابة غسلاً شرعيًّا، فهو لذلك نجس، وقيل: الشِّرك هو الذي جعله نجسًا؛ إذ لو أسلم زال عنه الوصف، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن المؤمن لا ينجس))؛ متفق عليه.
[2] هو سنَة تِسع من الهجرة حين حج بالناس أبو بكر رضي الله عنه، وبعث النبيُّ ابنَ عمه عليًّا رضي الله عنه أن يؤذِّن يوم الحج الأكبر ب (براءة)، فنادَى أن لا يحجَّ بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان؛ (تفسير السعدي رحمه الله تعالى).
[3] قال الشاعر:
وما يَدري الفقير متى غِناه ♦♦♦ وما يدري الغنيُّ متى يعيل
أي: يَفتقر.
[4] المفردات في غريب القرآن؛ الراغب الأصفهاني ص 485.
[5] المفردات في غريب القرآن؛ الراغب الأصفهاني ص 357.
[6] أيسر التفاسير؛ الجزائري ج1 ص545.
[7] مختصر تفسير البغوي؛ عبدالله الزيد ص371.
[8] تفسير السعدي رحمه الله تعالى ص344.
[9] تفسير ابن كثير رحمه الله تعالى ج، 1ص1051.
[10] أيسر التفاسير؛ الجزائري ج1 ص545.
محمد حسن نور الدين إسماعيل

صقر 2019-01-26 08:46 AM

جزاك الله كل خير
جزآك الله جنةٍ عَرضها آلسَموآت وَ الأرض ..
بآرك الله فيك على الطَرح القيم
وَ جعله في ميزآن حسناتك ..
آسأل الله أنْ يَرزقـك فسيح آلجنات

زهرة الليلك 2019-01-26 09:49 AM

جزيت خيرا .. وبارك فيك

عبير الورد 2019-01-26 01:17 PM

جزاك الله كل خير
سلمت يدآك على روعة الطرح
وسلم لنآ ذوقك الراقي على جمال الاختيار
لك ولحضورك الجميل كل الشكر والتقدير

تاج الغلا 2019-01-26 02:21 PM

جزاك الله خير

عطر الورد 2019-01-28 08:06 PM

http://up.bhralaml.com/uploads/154869492228111.gif

ريــان 2019-01-29 02:15 AM

جزاك الله خير
وجعلها في موازين حسناتك
واثابك الله الجنه ان شاء الله
على ماقدمت

نزف القلم 2019-02-07 06:15 PM

بحر الامل
كل الشكر والامتنان على مرورك الراقي
لك مني كل الود والتقدير

نزف القلم 2019-02-07 06:15 PM

زهرة الليلك
كل الشكر والامتنان على مرورك الراقي
لك مني كل الود والتقدير

نزف القلم 2019-02-07 06:15 PM

همسات دافئة
كل الشكر والامتنان على مرورك الراقي
لك مني كل الود والتقدير


الساعة الآن 07:02 AM

 »:: تطويرالكثيري نت :: إستضافة :: تصميم :: دعم فني ::»

Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
هذا الموقع يستخدم منتجات Weblanca.com
المشاركات المكتوبة والمنشورة لا تعبر عن رأي منتدى بحرالامل ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك (ويتحمل كاتبها مسؤولية النشر)