♥ ☆ ♥ فعاليات بحر الامل ♥ ☆ ♥
|
|||||
♥ ☆ ♥اعلانات بحر الامل ♥ ☆ ♥
|
|
۩{ علوم منوعة من آلقرآن آلكريم }۩ قَسَمَ يَهَتَمَ بَاَلَقَرَآنَ وًّاَلَتَفَسَيَرَ وًّاَلَقَرَاَءاَتَ .. |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||||||||||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||||||||||
الواضح في التفسير الحلقة الثامنة والعشرون
الواضح في التفسير (الحلقة الثامنة والعشرون) أ. محمد خير رمضان يوسف الجزء الثامن سورة الأعراف (الآيات 48 - 87) ﴿ وَنَادَى أَصْحَابُ الأَعْرَافِ رِجَالاً يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ قَالُواْ مَا أَغْنَى عَنكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ ﴾ [الأعراف: 48] 48- ونادَى أهلُ الأعرافِ رجالاً منْ رؤساءِ الكُفرِ وعُظماءَ كانوا في الدُّنيا، يَعرِفونَهمْ في النَّارِ بعلاماتِهم: لم يُفِدْكمْ ولم يُسعِفْكُمْ ما جَمعتُموهُ في الدُّنيا مِنْ مالٍ وأولادٍ وأتباعٍ وأنصار، وما كنتُمْ تَتعالَونَ بهِ منِ اتِّباعِ الحقِّ والإذعانِ للإسلامِ، وصِرتُمُ الآنَ في العَذابِ دونَ أنْ يَصحَبَكُمْ شَيءٌ مِنْ ذلك. ﴿ أَهَـؤُلاء الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لاَ يَنَالُهُمُ اللّهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَنتُمْ تَحْزَنُونَ ﴾ [الأعراف: 49] 49- وقالوا للكافِرينَ أيضاً: أهؤلاءِ الضُّعفاءُ والفُقَراءُ مِنْ أهلِ الجنَّةِ الذينَ كنتُمْ تَحتَقِرونَهمْ وتَستهزِئونَ بهمْ، وتُعَذِّبونَهمْ وتَحرِمونَهمْ مِنْ حُقوقِهم، وتَحلِفونَ أنْ لا حظَّ لهمْ مِنْ رحمةِ اللهِ أو خَيرٍ يُصيبُهم، وأنَّهمْ ليسوا أهلاً للجنّةِ حتَّى يَدخُلوها؟ ثمَّ يُقالُ لأهلِ الأعراف، أو للضُّعَفاء: ادخُلوا الجنَّةَ برحمَتي، غيرَ خائفينَ ولا مَحزُونين. ﴿ وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ الْمَاء أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّهُ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ ﴾ [الأعراف: 50] 50- ونادَى أهلُ النَّارِ -وهمْ في الجَحيمِ تُسَعَّرُ بهمُ النار- أصحابَ الجنَّة، وهمْ في النَّعيمِ مُتَلذِّذون: صُبُّوا علينا شَيئاً مِنَ الماء، أو ممَّا رزقَكمُ اللهُ مِنْ طَعامِ الجنَّة، فيقولونَ لهم: إنَّ اللهَ حرَّمَ ماءَ الجنَّةِ وطعامَها على الكافِرين. قالَ سعيدُ بنُ جُبيرٍ رحمَهُ اللهُ في هذهِ الآية: يُنادي الرجلُ أباهُ أو أخاهُ فيقول: قدِ احتَرقتُ، أفِضْ عليَّ منَ الماء. فيُقالُ لهم: أجيبُوهم. فيقولون: إنَّ اللهَ حرَّمَهُما على الكافِرين. ﴿ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنسَاهُمْ كَمَا نَسُواْ لِقَاء يَوْمِهِمْ هَـذَا وَمَا كَانُواْ بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ ﴾ [الأعراف: 51] 51- همُ الكافِرون، الذينَ اتَّخَذوا دينَ اللهِ الذي أُلزِمو باتِّباعه، هُزْءاً وسُخريَة، بدلَ أنْ يَستقبِلوهُ بصدْقٍ وجِدّ، فاستحلُّوا وحرَّموا كما تُملي عليهمْ أهواؤهم، واغترَّوا بزينةِ الدُّنيا، وشَغلتهُمْ شهواتُها وزَخارِفُها عنِ الآخِرَة، فأعرضوا عنها ونَسُوها، واليومَ نَتركهُمْ في العَذابِ ولا نلتَفِتُ إليهم، ونعامِلُهمْ معاملةَ مَنْ نَسِيَهم، مثلما نَسُوا همْ لقاءَ هذا اليومِ العَظيم، ومثلما أنكَروا آياتِنا العَظيمةَ في الحياةِ الدُّنيا، فكانتْ حُجَّةً عليهم. ﴿ وَلَقَدْ جِئْنَاهُم بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾ [الأعراف: 52] 52- وقدْ أنزَلنا القُرآنَ وبيَّنا معانيهِ مِنَ العقائد، وفصَّلنا أحكامه، معَ ما فيهِ مِنْ مَواعظَ وقَصَص، ووَعدٍ ووَعيد، ونحنُ على عِلمٍ بوجهِ تَفصِيله، فجاءَ مُحكَماً مُبيّناً وحُجَّةً على الكافِرين، وهِدايةً إلى الحقّ، وخَيراً وسَعادةً للمؤمِنين. ﴿ هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبْلُ قَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَل لَّنَا مِن شُفَعَاء فَيَشْفَعُواْ لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ ﴾ [الأعراف: 53] 53- إنَّ الكافِرينَ الذينَ لا يُؤمِنونَ بالقُرآن، لا يَنتظِرونَ سِوَى ما أخبرَ بهِ مِنَ العَذاب، فهوَ ما يَؤولُ إليه، وهوَ بيانُ صِدقهِ بظُهورِ ما أخبرَ بهِ منَ الوَعدِ والوَعيد، وعِندما يأتي هذا التأويلُ الرَّهيب، وهوَ يومُ القيامة، يقولُ الذينَ تركوهُ وراءَ ظُهورهِمْ وأعرَضوا عنهُ عندَما كانوا في الدُّنيا: لقدْ تبيَّنَ أنَّ رُسُلَ اللهِ الذينَ كنَّا نستَهزِئُ بهمْ ونُحارِبُهمْ قدْ جاؤوا بالحقّ، فهلْ لنا مِنْ أولياءَ ونُصراءَ يتوسَّلونَ لنا لنتخلَّصَ مِنْ هذا العَذاب، أو نُرَدُّ إلى الدُّنيا فنؤمِنَ ونُطيعَ ونعملَ صالحاً، ولا نكذِّبَ بآياتِ ربِّنا. لقدْ خَسِروا أنفسَهُمْ عندَما رفَضوا الحقَّ فعرَّضوها للهَلاكِ والعَذاب، وذهبَ عنهمْ ما اتَّخذوهُ مِنْ آلهةٍ وشُركاءَ لله، ولم تُفِدْهُمْ شَيئاً. ﴿ إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الأعراف: 54] 54- إنَّ خالِقَكُمْ ومالِكَكُمْ هوَ الإلهُ الذي خلقَ السَّماواتِ السبعَ والأرضَ في ستَّةِ أيام. قال سعيدُ بنُ جبيرٍ رحمَهُ الله: كانَ اللهُ عزَّ وجلَّ قادِراً على خَلقِ السَّماواتِ والأرضِ في لمحةٍ ولحظَة، فخَلقهُنَّ في ستَّةِ أيام، تعليماً لخلقهِ التثبُّتَ والتأنِّيَ في الأمور. ثم استوَى ربُّنا على العَرْش، على الوجهِ الذي عَناه، كما يَليقُ بجلالهِ سُبحانَه. ثمَّ يأتي اللَّيلُ على النَّهارِ شَيئاً فشَيئاً حتَّى يُغطِّيَهِ بظلامِه، وكذا يَفعَلُ النهارُ باللَّيلِ بضِيائه، وكلٌّ منهما يَطلُبُ الآخَرَ طَلباً سَريعاً وكأنَّهُ يَتعقَّبه، ليَخْلُفَه، فيَجيءُ هذا ويَذهبُ ذاك، وهكذا باستِمرار. وخلقَ اللهُ الشمسَ والقمر، والنجوم، وكلُّها مُذَلَّلاتٌ بأمرِه، لا يَمتَنِعُ عليهِ شَيءٌ ممّا خَلَق. فلهُ الخَلْقُ لأنَّهُ خالِقُها ومالِكُها، ولهُ الأمرُ لأنَّهُ يُدَبِّرُها ويَتصرَّفُ فيها بما يَشاء، فتعالَى اللهُ وتمَجَّدَ مالكُ الخلقِ أجمَعين. ﴿ ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴾ [الأعراف: 55] 55- ادعوا ربَّكمْ واسْألوهُ في تذلُّلٍ وخُضوع، وفي السرِّ وبخَفضِ الصَّوتِ؛ ففي ذلكَ استِكانةٌ وخُشوعٌ وإخلاص، واللهُ لا يُحِبُّ المتَجاوِزينَ الحدَّ، في الدُّعاءِ وغيرِه، فلا تَطلُبوا ما لا يَحِقُّ لكم، ولا يَليق، ولا يَصلُح، أو ما يَستَحيلُ حصولُه، أو أنْ تَدعوا بمَعصِية... ﴿ وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الأعراف: 56] 56- ولا تُفسِدوا في الأرضِ بالمعَاصي والتعدِّي على حُقوقِ الناسِ، وتَغييرِ الأنساب، والكذبِ على الله، وسائرِ أنواعِ الفَساد، بعدَ أنْ أصلحَها اللهُ ببَعثِ الرسُل، والشَّريعةِ المُحكَمة. وادعوهُ خوفاً منْ غضَبِهِ وعِقابِه، وطمَعاً في رَحمتهِ ومَغفِرَتهِ وثَوابِه، فإنَّ ثوابَ اللهِ قَريبٌ مِنْ عِبادهِ المتَّبعِينَ لأمرِه، الخائفينَ مِنْ عذابِه. ﴿ وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَنزَلْنَا بِهِ الْمَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْموْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [الأعراف: 57] 57- وهوَ اللهُ الذي يَبعَثُ الرياحَ مُبَشِّرةً بالمطَر، حتَّى إذا حملتِ الرِّياحُ الغيمَ المثقَّل ببُخارِ الماء، دَفَعناهُ إلى بلدٍ مُجدِبٍ لا نباتَ فيه، فأنزلنا بهِ المطَر، فأنبَتنا بهِ النَّباتَ والشجَر، وأخرَجنا الثَّمراتِ مِنْ كلِّ أنواعِها، وكما نُحيي الأرضَ بعدَ موتِها، فكذلكَ نُحيي الأجسادَ بعدَ أنْ تَصيرَ رَميماً، لتَعلموا أنَّ الذي يَقدِرُ على هذا، قادرٌ على ذاك، وهو القادِرُ على كلِّ شَيء. ﴿ وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِداً كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ ﴾ [الأعراف: 58] 58- والأرضُ الكريمةُ الطيِّبةُ يَخرجُ نباتُها حَسَناً غزيرَ النَّفع، بمشيئةِ اللهِ وتَيسيره، والأرضُ الخبِيثة، كالسِّباخِ ونحوِها، لا يَخرُجُ نباتُها إلاّ قَليلاً وما لا خيرَ فيه. كذلك نبيِّنُ الآياتِ الباهِرَةَ التي تدلُّ على قُدرةِ الله، ونكرِّرُها، لمنْ يفكِّرُ فيها، ويَعتبرُ منها، فيَشكرُ اللهَ على نِعَمِه. ﴿ لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ إِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ﴾ [الأعراف: 59] 59- ولقدْ أرسَلنا نوحاً نبيًّا مِنْ عندِنا إلى قَومِه، وقدِ انتَشرَتْ بينهمْ عبادةُ الأصنام، وكانوا في بِلادِ العِراق، فقالَ لهمْ مُنَبِّهاً ومُحَذِّراً: أيُّها القوم، اعبُدوا اللهَ وحدَهُ ولا تُشرِكوا به شَيئاً، فليسَ لكمْ إلهٌ يَستَحِقُّ العِبادةَ غيرُه، فإذا أصرَرتُمْ على عبادةِ الأوثانِ ولم توَحِّدوا ربَّكمْ وتَعبدوه، فإنِّي أخشَى أنْ يُصيبَكمْ عَذابٌ منهُ عَظيم. ﴿ قَالَ الْمَلأُ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ ﴾ [الأعراف: 60] 60- قالَ الرؤساءُ والكُبراءُ مِنْ قومِه: إنَّنا نَراكَ بَعيداً عنِ الحقِّ عندَما تَدعُونا إلى تركِ عِبادةِ الأصنام، فعلى هذا كانَ آباؤنا مُقيمِين، ولا نُصَدِّقُ نبوَّتك. ﴿ قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلاَلَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الأعراف: 61] 61- قالَ لهم: يا قوم، ما أنا بضالٍّ عنِ الحقّ، ولكنِّي رسولٌ مَبعوثٌ مِنْ قِبَلِ ربِّكمْ وربِّ الناسِ أجمَعين. ﴿ أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي وَأَنصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ﴾ [الأعراف: 62] 62- أبلِّغكمْ ما أمرَني اللهُ بتَبليغهِ إليكم، وأنا ناصِحٌ لكمْ بأمانةٍ وإشفاق، فأتحرَّى ما فيهِ خيرُكمْ وصلاحُكم، وأرغِّبُكمْ في قَبولِ أوامرِه، وأحذِّرُكمْ مِنْ نَواهيه، حتَّى لا يُصيبَكمْ عِقابُه، وأنا أعلمُ أشياءَ لا علمَ لكمْ بها، فاتَّقوا ربَّكم، واسمَعوا نَصيحَتي، ولا تكونوا مِنَ الكافِرينَ المتكبِّرين. ﴿ أَوَعَجِبْتُمْ أَن جَاءكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِّنكُمْ لِيُنذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُواْ وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [الأعراف: 62] 63- ولماذا تَتعجَّبونَ وتَستبعِدونَ مجيءَ مَوعظةٍ وبيانٍ مِنْ ربِّكم، يُوحي بهِ على رَجُلٍ منْ جنسِكم، ليُحَذِّرَكمْ منَ العَذابِ والهلاكِ إذا عَصيتُم، ولتتَّقوا بذلكَ نقمتَه، وليَرحمَكمْ ويُحسِنَ إليكم إذا آمنتُمْ واتَّقيتُم؟!. ﴿ فَكَذَّبُوهُ فَأَنجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً عَمِينَ ﴾ [الأعراف: 64] 64- لكنَّهمْ استكبَروا عنْ طَاعةِ رَسولِهمْ وكذَّبوه، وأصرُّوا على كُفرِهم، على الرَّغمِ منَ المدَّةِ الطويلةِ التي دعاهُمْ فيها إلى دينِ الله، فأنجيناهُ مِنْ بينِهم، هوَ ومَنْ آمنَ معَهُ في السَّفينة، منَ الطُّوفانِ العارم، وأغرَقنا جميعَ مَنْ كذَّبوه، ولقدْ كانوا عُمياً عنِ الحقّ، لا يَهتدونَ إلى الإيمان. ﴿ وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ ﴾ [الأعراف: 65] 65- وأرسَلنا إلى قَبيلةِ عادٍ الأُولى أخاهُمْ في النسَبِ هوداً، وكانوا بالأحقاف، بين عُمانَ والربعِ الخالي واليمن، وآثارُهمْ مازالتْ موجودةً في عُمان، فقالَ لهمْ نبيُّهم: يا قوم، اعبُدوا اللهَ وحدَه، ولا تُشرِكوا بهِ شَيئاً، فليسَ لكمْ إلهٌ غيرُ الله، أفلا تخافونَ أنْ يُصيبَكمْ بعَذابٍ مِنْ عندِه؟. ﴿ قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وِإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ ﴾ [الأعراف: 66] 66- قالَ الكافِرونَ مِنْ كُبراءِ قومهِ وسادتِهم، وكانوا مِنْ أشدِّ الأقوامِ تَكذيباً وعِناداً: يا هُود، إنَّنا نَراكَ في حُمْقٍ وجَهالة، حيثُ تُفارِقُ دينَ آبائكَ وتَدعو إلى دينٍ لا نَعرِفُه، ونحنُ نظنُّ أنَّكَ تكذِبُ بادِّعائكَ الرِّسالة. ﴿ قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الأعراف: 67] 67- قالَ لهمْ هودٌ عليهِ السَّلام: يا قوم، لستُ في جَهالةٍ وضَلالةٍ كما تَزعُمون، ولكنِّي مُرسَلٌ إليكمْ مِنْ ربِّ العَالمين، ورُسُلهُ متَّصِفونَ بالرُّشدِ والصِّدْق، والأمانةِ والنُّصْح، والبَلاغةِ والبَيان. ﴿ أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنَاْ لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ ﴾ [الأعراف: 68] 68- أبلِّغُكمْ ما أمرَني اللهُ بتَبلِيغهِ إليكم، وأنا أنصحُكمْ بأمانةٍ وإخلاص، لا أكذِبُ على الله، ولا أكذِبُ عليكم، فلماذا تتَّهمونَني بالجَهلِ والسَّفَه؟ ﴿ أَوَعَجِبْتُمْ أَن جَاءكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِّنكُمْ لِيُنذِرَكُمْ وَاذكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاء مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُواْ آلاء اللّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [الأعراف: 69] 69- ولماذا تَتعجَّبونَ وتَستَبعِدونَ مجيءَ رَسولٍ إليكمْ مِنْ ربِّكمْ يَكونُ مِنْ بينِكم، يَعرِفُكمْ وتَعرِفونَه، فيُحَذِّرُكمْ بأسَهُ إذا أعرضتُمْ عنْ أمرِه، وأصررتُمْ على الكُفرِ والعِصيان. واذكروا فضلَ اللهِ عليكمْ واشْكروا نعمتَه، وقدْ جعلَكمْ خُلفاءَ ومُلوكاً بعدَ قَومِ نوح، وقدْ أهلكَهمْ لتَكذيبِهمْ رسولَ ربِّهم، فلا تَكونوا مثلَهم. واشكروهُ كذلكَ أنْ ميَّزَكمْ في أجسادِكمْ على الناسِ بالطُّولِ والقوَّة، فتذكَّروا نِعمَهُ ومِنَنهُ عليكمْ وكُونوا لهُ منَ الشَّاكرين، لتكونوا عندَهُ مِنَ الفائزين. ﴿ قَالُواْ أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ﴾ [الأعراف: 70] 70- قالوا في تحدٍّ وعِناد: هلْ أُ رسِلْتَ إلينا منْ قِبَلِ ربِّكَ لنَعبدَهُ وحدَهُ ونترُكَ ما كانَ يَعبدهُ آباؤنا وأجدادُنا مِنْ أصنامٍ وألِفْنا ذلكَ ورَضِينا به؟ فإذا كنتَ صادقاً في قولِكَ فأتِنا بالعَذابِ الذي وعدتَنا به! ﴿ قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤكُم مَّا نَزَّلَ اللّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ فَانتَظِرُواْ إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ ﴾ [الأعراف: 71] 71- قالَ لهمْ نبيُّهمْ هُود: لقدْ وجَبَ عليكمْ منَ اللهِ السُّخْطُ والغَضَب، والعَذابُ والانتِقام، أتخاصِمُونَني وتُجادِلونَني في هذهِ الأسماءِ التي وضعتُموها للأصنامِ أنتُمْ وآباؤكمُ المشرِكون، وجعلتُمْ منها آلهة، وهوَ ما لم يُنْزِلِ اللهُ بهِ حُجَّةً ولا دَليلاً؟ قيلَ إنَّهمْ سمَّوها خالِقة، ورازِقة، ومُنزِلةَ المطر، ونحوَ ذلك. فانتَظِروا نزولَ العَذابِ بكمْ كما طَلبتُموه، وأنا مُنتَظِرٌ مَعكمْ ليَحيقَ بكمْ ويُهلِكَكم. ﴿ فَأَنجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَمَا كَانُواْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [الأعراف: 72] 72- فوقعَ العَذابُ المُتربِّصُ بهم، وأنجَينا هوداً ومَنْ مَعه منَ المؤمِنينَ برَحمةٍ منّا رأفةً بهم، وأهلَكنا الكافرينَ الذينَ كذَّبوا رَسولَنا واستكبَروا عنِ الإيمانِ بآياتِنا، واستأصَلناهمْ عنْ آخِرِهم، ولم يؤمِنوا كما آمنَ غيرُهمْ ليَنجوا، بلْ أصرُّوا على الكُفرِ والتَّكذيب. ﴿ وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ هَـذِهِ نَاقَةُ اللّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوَءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [الأعراف: 73] 73- وأرسَلنا إلى قَبيلةِ ثمودَ أخاهُمْ في النسَبِ النبيَّ صالحاً عليهِ السَّلام، وكانوا فيما بينَ الحجازِ والشَّام (مدائنَ صالحٍ في بلادِ الحرَمَينِ في عَصرِنا)، فقالَ لهمْ وقدْ كفَروا وأشرَكوا: يا قوم، اعبُدوا اللهَ وحدَهُ ولا تُشرِكوا في عبادتِهِ أصناماً لا تَنطِقُ ولا تَسمَع، ليسَ لكمْ منْ إلهٍ غيرُ الله، وهذهِ مُعجِزَةٌ خارِقةٌ تَدُلُّ على صِدقِ نبوَّتي وإرسالي إليكمْ منْ قِبَلِ ربِّكم، هذهِ ناقةُ اللهِ -قيلَ ذلكَ تعظيماً لها وتشريفاً، وقدْ جاءتْ منْ عندِ اللهِ ولم يَملِكُها أحَد- فاترُكوها تأكلِ العشبَ في أرضِ اللهِ الواسِعة، ولا تمدُّوا أيديَكمْ إليها بأذًى وشَرّ، كذَبحٍ أو ضَرْب، حتَّى لا يُصيبَكمُ اللهُ بعَذابٍ مِنْ عندِه. ﴿ وَاذْكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاء مِن بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِهَا قُصُوراً وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتاً فَاذْكُرُواْ آلاء اللّهِ وَلاَ تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ ﴾ [الأعراف: 74] 74- وتذكَّروا فَضلَ اللهِ عليكم، حيثُ جعلَكمْ خُلفاءَ في الأرضِ منْ بعدِ قَومِ عاد، وأنزلَكمْ في أرضِ الحِجْر، بينَ الحِجازِ والشَّام، تَبنونَ المساكنَ العاليةَ في سُهولِها، وتَنقُبونَ الجبالََ وتَنحِتونَ منها البُيوتَ لتَسكُنوا فيها شِتاء، فتذكّروا النِّعمَ التي قدَّرَكمُ اللهُ عليها، ولا تُفسِدوا في الأرضِ فتَكونوا أشراراً مستَحقِّينَ العِقاب. ﴿ قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُواْ لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحاً مُّرْسَلٌ مِّن رَّبِّهِ قَالُواْ إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ ﴾ [الأعراف: 75] 75- قالَ السَّادةُ والأشرافُ الذينَ تَكبَّروا منْ قَومِ صالح، ممَّنْ لم يَسمَعوا نصيحتَه، واستهزَؤوا بالمُعجِزةِ التي أيَّدتْ نُبوَّته؛ قالوا لأتباعهِ منَ المؤمِنينَ الضُّعفاءِ في سُخريةٍ وتَهكُّم: هلْ أنتُمْ متأكِّدونَ مِنْ أنَّ صالحاً نبيٌّ مُرسَلٌ منْ عندِ اللهِ إليكم؟ قالوا: نحنُ مؤمِنونَ بذلك، ولا شُبهةَ عندَنا فيه. ﴿ قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ إِنَّا بِالَّذِيَ آمَنتُمْ بِهِ كَافِرُونَ ﴾ [الأعراف: 76] 76- قالَ لهمُ الكافِرونَ المستَكبِرونَ في عتوٍّ وجَلافة: ونحنُ نَجحَدُ بالذي آمنتُمْ به، ولا نسلِّمُ مثلَكمْ بنبوَّته. ﴿ فَعَقَرُواْ النَّاقَةَ وَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُواْ يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ﴾ [الأعراف: 77] 77- فنَحروا الناقَة، واستَكبَروا عنِ الامتِثالِ لأمرِ ربِّهمُ الذي بلَّغَهمْ نبيُّهم، ثمَّ وقَفوا في تحدٍّ وتَعجيزٍ أمامَ تهديدهِ قائلين: يا صالح، ائتِنا بالعَذابِ الذي وعدتَنا به، إذا كنتَ حقًّا نبيًّا مُرسَلاً. ﴿ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ ﴾ [الأعراف: 78] 78- فأهلكَهمُ اللهُ بزَلزَلةٍ شَديدةٍ مِنْ تحتِهم، وصَيحةٍ قويَّةٍ مِنْ فَوقِهم، فأصبَحوا في ديارِهمْ خامِدين، موتَى هامِدين، لا حَرَاك بهم، ولا حِسَّ فيهم. ﴿ فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِن لاَّ تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ ﴾ [الأعراف: 79] 79- فأعرضَ عنهمْ صالحٌ وهوَ مُتَحسِّرٌ على ما فاتَهمْ منَ الإيمان، وخاطَبَهُمْ كما خاطبَ رسولُنا صلى الله عليهِ وسلم موتَى المشرِكينَ في غَزوةِ بدر: يا قوم، لقدْ أبلغتُكمْ رسالةَ ربِّي كما طَلبَ منِّي، وكانَ فيها فوزُكمْ ونجاتُكمْ لو أطعتُمْ ولم تُعانِدوا، ونَصحتُكمْ كما يَنبغي، وأنا مُشفِقٌ عليكم، وودِدْتُ لو آمنتُمْ عنْ آخِرِكم، ولكنَّكمْ لا تَوَدُّون الناصِحين، وتُعادونَ المخلِصين، فكانَ هذا جزاءَكم، وفي الآخِرةِ عذابٌ أشدُّ وأبقَى. ﴿ وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ ﴾ [الأعراف: 80] 80- وقدْ أرسَلنا لوطاً نبيًّا منْ عندِنا إلى قومِه، وكانوا حولَ البَحرِ الميِّت بفلسطين، فقالَ لهمْ مُستَنكِراً: أتأتونَ فاحشةً بَغيضةً مُنكَرةً لم يَسبِقْكمْ بها أحدٌ منَ العالَمين؟ ﴿ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ ﴾ [الأعراف: 81] 81- إنَّكم تأتونَ الذُّكورَ منَ الرِّجالِ في أدبارِهمْ لشَهوتِكمْ وتَترُكونَ ما خلقَ اللهُ لكمْ منَ النِّساءِ وهنَّ محلُّ الاشتهاءِ عندَ ذوي الفِطَرِ السَّليمةِ والطِّباعِ المستَقِيمة؟ لا شكَّ أنَّكمْ مُتجاوزونَ بذلكَ الحلالَ إلى الحرام، والمُستَحْسَنَ إلى المرْذول، والمعرُوفَ إلى المُنكَرِ المُستَهجَن. فاللِّواطُ فِعلٌ فاحِشٌ بَذيء، فيهِ فسادُ الفِطرةِ، وانحلالُ الخُلق، وسوءُ السُّلوك، وانحِرافُ الرُّجولة. ويسبِّبُ أمراضاً خَطيرة، مثلَ الزُّهْرِيّ، وقُصورِ الجهازِ المناعي عنْ أداءِ وظيفتِه، فيُصبِحُ الحسمُ ضَعيفاً عاجِزاً عنْ مقاومةِ أنواعٍ كثيرةٍ منَ العدوَى، معَ أمراضٍ أخرى... ﴿ وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُواْ أَخْرِجُوهُم مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ ﴾ [الأعراف: 82] 82- وما كانَ جوابَ المستَكبِرينَ مِنْ قومِه، إلاّ أنْ قالَ بعضُهمْ لبَعض، وقدْ أبَوا نَصيحةَ نبيِّهمْ وأعرَضوا عنْ رسالتِه: أخرِجوا لوطاً ومَنْ تَبِعَهُ منْ بلدتِكُمْ هذه، وقالوا في سُخريةٍ وتهكُّم: إنَّهمْ يَتطهَّرونَ منَ الفواحِش، ويَتنَزَّهونَ عن اللِّواط، ويَتقَذَّرونَ ما نَرغَبُ فيه. ﴿ فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ ﴾ [الأعراف: 83] 83- فأنجينا لوطاً وأهلَهُ الذينَ آمَنوا به، إلا امرأتَه، التي بَقيتْ على دِينِ قومِها، فكانتْ منَ الباقينَ معَهم، وقدْ هَلَكوا جميعاً. ﴿ وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَراً فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ ﴾ [الأعراف: 84] 84- فكانَ جزاءُ عِصيانِهمْ وإصرارِهمْ على هذه الفاحِشَةِ المُنكَرة، أنْ ﴿ أَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ ﴾ [الحجر: 74]، فانظُر، وتأمَّل، واعتَبِر، عاقبةَ هؤلاءِ المُجرِمين، ولْيَحْذَرْ غَضَبَ اللهِ وعُقوبتَهُ يومَ الدِّينِ مَنْ فعلَ هذا الفِعلَ المُستقَذَر. ﴿ وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴾ [الأعراف: 85] 85- وأرسَلنا إلى قَبيلةِ مَدْيَن -وهوَ اسمُ مدينةٍ أيضاً، قُربَ مَعَان- أخاهُمْ في النسَبِ شُعَيباً، فقالَ لهمْ ناصِحاً ومُحَذِّراً: يا قَوم، اعبُدوا اللهَ وحدَه، ولا تُشرِكوا في عِبادتهِ أحداً مِنْ أصنامِكمُ التي تَزعُمونَ أنَّها آلهة، فإنَّهُ لا إلهَ لكمْ غيرُ الله، وقدْ جاءَتكمْ آيةٌ بيِّنة، ومُعجِزةٌ ظاهِرةٌ مِنْ ربِّكم، تدلُّ على صِدقِ رِسالتي إليكم، فاسمَعوا التَّوجيهاتِ الربَّانية، والنصائحَ النبويَّة، التي تأخذُ بيدكمْ إلى السَّعادةِ والنَّجاة: أتِمُّوا المِكيالَ ولا تَنقُصوا مِنْ مَقاديرِ مَقاييسِ الوَزنِ والكَيْل، واعدِلوا في وَزنِ الميزان، ولا تَنقُصوا الناسَ حقوقَهم، ولا تَخونُوهمْ في أموالِهمْ ومُبايعاتِهمْ خُفْيَةً وتَدليساً. ولا تُفسِدوا في الأرضِ بالكفرِ والظُّلم، والتحايلِ والخيانة، بعد إصلاحِ أمرِها وأهلِها بالشَّرائعِ الربّانية، فإنَّهُ خيرٌ لكمْ وأفضلُ لمجتَمعِكمْ وأهليكمْ منَ الظُّلمِ والفسادِ الذي أنتمْ فيه، هذا إذا تدبَّرتمْ ما أقولُ ووَعيتُموهُ وآمنتُمْ بأنَّهُ الأحسَنُ والأَولى. ﴿ وَلاَ تَقْعُدُواْ بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجاً وَاذْكُرُواْ إِذْ كُنتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ وَانظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [الأعراف: 86] 86- وقالَ شُعيبٌ عليهِ الصلاةُ والسَّلامُ أيضاً وهوَ يَعِظُ قومَهُ، وكانَ يُسمَّى خطيبَ الأنبياء، لفَصاحةِ عبارتِه، وجَودةِ حوارِه، ومهارتهِ في الحديث: ولا تَقعُدوا بالطرُقِ تخوِّفونَ النَّاسَ وتُهَدِّدونهمْ بالقَتلِ والأذَى، وتَمنعونَ الناسَ عنْ دينِ الله، وتَقولونَ إنَّ شُعيباً كذَّابٌ فلا يَصرِفنَّكمْ عنْ دينِكم، وتتوعَّدون الذينَ آمنوا بهِ بافتِتانِهمْ عنْ دِينِهم، وتَبغونَ مِنْ دِينِ اللهِ الميَلانَ والعُدولَ عنِ الحقِّ ليوافِقَ أهواءَكم. وتَذكَّروا كيفَ أنَّكمْ كنتُمْ قِلَّةً مُستَضعَفين، فوهبَكمُ الذريَّةَ وزادَ منْ عددِكمْ حتَّى صِرتُمْ كُثُراً. وتَفَكّروا واعتَبِروا بمنْ كانَ قبلَكمْ مِنْ قَومِ نوحٍ وعادٍ وثمودَ ولوط، وما حلَّ بهمْ منَ العَذابِ نَتيجةَ فسادِهمْ وعِصيانِهمْ وتكذيبِهمْ رُسُلَهم. ﴿ وَإِن كَانَ طَآئِفَةٌ مِّنكُمْ آمَنُواْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ وَطَآئِفَةٌ لَّمْ يْؤْمِنُواْ فَاصْبِرُواْ حَتَّى يَحْكُمَ اللّهُ بَيْنَنَا وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ ﴾ [الأعراف: 87]
87- وإذا كانَ مِنكمْ جماعةٌ قدِ اهتَدَوا وآمَنوا وصدَّقوا برِسالتي إليكم، وجماعةٌ أخرَى ضلُّوا وكفَروا وأبَوا أنْ يُصَدِّقوني، فانتَظِروا -جماعةَ الكفّارِ- وتربَّصوا، حتَّى يَفصِلَ اللهُ بينَنا وبينَكم، وستَرونَ حينئذٍ حُكمَهُ العادِل، وكيفَ أنَّهُ يَنصُرُ المُحِقَّ ويَخذُلُ المُبطِل، وهوَ سبحانَهُ أعدَلُ الحاكِمين. الموضوع الأصلي: الواضح في التفسير الحلقة الثامنة والعشرون |~| الكاتب: نزف القلم |~| المصدر: منتديات بحر الامل
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
2020-04-22, 08:57 AM | #2 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|