شرح حديث عائشة: "أين المتألي على الله لا يفعل المعروف؟"
عن عائشة رضي الله عنها قالت: سمع رسولُ الله صلى الله عليه وسلم صوتَ خُصومٍ بالباب عاليةٍ أصواتُهما، وإذا أحدهما يَستوضِعُ الآخَرَ ويَسترفِقُه في شيء، وهو يقول: واللهِ لا أفعل، فخرَج عليهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((أين المتألِّي على الله لا يفعلُ المعروفَ؟))، فقال: أنا يا رسول الله، فله أيُّ ذلك أَحَبَّ؛ متفق عليه.
معنى ((يَستوضِعُه)): يسأله أن يضَعَ عنه بعض دَينِه. ((ويَسترفِقُه)): يسأله الرِّفقَ. ((والمتألِّي)): الحالف.
قال سَماحة العلَّامةِ الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -:
هذا الحديث ذكَرَه المؤلف رحمه الله في بيان الصلح بين اثنين متنازعينِ، فإذا رأى شخصٌ رجُلينِ يتنازعان في شيء وأصلَحَ بينهما، فله أُسوةٌ برسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد فعل خيرًا كثيرًا، كما سبق الكلام فيه على قول الله تعالى: ﴿ لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 114].
فالنبي صلى الله عليه وسلم لما سمع نِزاعَ رجُلينِ وقد علَتْ أصواتُهما، خرَج إليهما صلى الله عليه وسلم؛ لينظُرَ ماذا عندهما، وفيه دليل على أنه لا حرَج على الإنسان أن يتدخَّل في النزاع بين اثنين، إذا لم يكن ذلك سرًّا بينهما؛ لأن هذين الرجلين قد أعلَنا ذلك، وكانا يتكلَّمان بصوت مرتفع، أما لو كان الأمر بين اثنين على وجه السرِّ والإخفاء، فلا يجوز للإنسان أن يتدخل بينهما؛ لأن في ذلك إحراجًا لهما؛ فإن إخفاءهما للشيء يدلُّ على أنهما لا يُحِبَّانِ أن يَطَّلِعَ عليه أحدٌ من الناس، فإذا أقحَمتَ نفسك في الدخول بينهما، أحرَجتَهما وضيَّقتَ عليهما، وربما تأخذهما العِزَّةُ بالإثم فلا يصطلحان.
والمهم أنه ينبغي للإنسان أن يكون أداة خير، وأن يحرص على الإصلاح بين الناس، وإزالةِ العداوة والضغائن حتى ينال خيرًا كثيرًا، والله الموفِّق.
جزاك الله خير الجزاء
وشكراً لطرحك الهادف وإختيارك القيّم
رزقك المــــــــولى الجنـــــــــــــة ونعيمـــــها
وجعلــــــ ما كُتِبَ في مــــــوازين حســــــــــناتك
ورفع الله قدرك في الدنيــا والآخــــرة
وأجـــــــــزل لك العطـــاء