ما هي فتنة المحيا والممات؟
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى :
" فتنة المحيا : هي أن يفتتن الإنسان بالدنيا ، وينغمس فيها ، وينسى الآخرة ؛ وهذا ما أنكره الله تعالى على العباد ( بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ، وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى ) .
ومن فتن الدنيا : الشبهات ؛ أن يقع في قلب الإنسان شك وجهل فيما أنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم .
أما فتنة الممات فتشمل شيئين :
الأول ما يحدث عند الموت ،
والثاني ما يحدث في القبر .
فأما الأول : وهو الذي يحدث عند الموت : فإن الشيطان ، أعاذنا الله منه ، أحرص ما يكون على إغواء بني آدم عند موته ، لأنها هي الساعة الحاسمة فيحول بين المرء وقلبه ؛ بمعنى : أنه يوقع الإنسان في تلك اللحظة فيما يخرجه عن دين الإسلام ... يحرص حرصاً كاملاً على إغواء بني آدم في تلك اللحظة . وقد ذكروا عن الإمام أحمد رحمه الله أنه كان حين احتضاره يغمى عليه ، فيسمعونه يقول : بعد ، بعد ، فلما أفاق ، قيل له : يا أبا عبد الله ما قولك بعد ، بعد ؟ قال : إن الشيطان يتمثل أمامي يقول : فُتَّني يا أحمد ، فتني يا أحمد ، فأقول له : بعد ، بعد – يعني - لم أَفُتْك ؛ لأن الإنسان لا ينجو من الشيطان إلا إذا مات ، إذا مات انقطع عمله ، ولا رجاء للشيطان فيه إن كان مؤمناً ، فيقول : إني أقول بعد ، بعد ؛ أي : لم أفتك لجواز أن يحصل من الشيطان فتنة عند موت الإنسان .
ولكنني أبشر إخواني الذين آمنوا بالله حقاً ، واتبعوا رسوله صدقا ، واستقاموا على شريعة الله ؛ أبشرهم أن الله بفضله وكرمه لن يخذلهم ، لن يختم لهم بسوء الخاتمة ... فمن صدق مع الله ، فليبشر بالخير ...
أما الثاني : - مما يتناوله فتنة الموت : فهو فتنة الإنسان في قبره ، فإن الإنسان إذا مات ودفن وتولى عنه أصحابه : أتاه ملكان يسألانه عن ربه ودينه ونبيه ... " انتهى "
جزآكِ الله جنةٍ عَرضها آلسَموآت وَ الأرض ..
بآرك الله فيكِ على الطَرح القيم
وَ في ميزآن حسناتك ..
آسأل الله أنْ يَرزقـك فسيح آلجنات !!
دمتِ بحفظ الله ورعآيته ..
فإن معنى الفتنة كما قال النووي هو الابتلاء والاختبار، قال: قال أهل اللغة: أصل الفتنة في كلام العرب الامتحان والاختبار. قال القاضي عياض: ثم صارت في عرف الكلام لكل أمر كشفه الاختبار عن سوء. قال أبو زيد: فتن الرجل يفتن فتونا إذا وقع في الفتنة وتحول من حال حسنة إلى سيئة. انتهى.
وقال السندي شارح جامع الترمذي قال: ابن دقيق العيد: فتنة المحيا ما يعرض للإنسان مدة حياته من الافتتان بالدنيا والشهوات والجهالات، وأعظمها والعياذ بالله أمر الخاتمة عند الموت، وفتنة الممات يجوز أن يراد بها الفتنة عند الموت أضيفت إليه لقربها منه، ويكون المراد بفتنة المحيا، على هذا ما قبل ذلك ويجوز أن يراد بها فتنة القبر. انتهى.
وعلى هذا، فمن فتنة المحيا الاغترار بالدنيا والانشغال بها عن طاعة الله تعالى، وكل ما يشغل المسلم عن طاعة ربه فهو فتنة، قال النووي: وفتنة الرجل في أهله وماله وولده ضروب من محبته لهم وشحه عليهم وشغله بهم عن كثير من الخير كما قال تعالى: إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ. أو لتفريطه بما يلزم من القيام بحقوقهم وتأديبهم وتعليمهم، فإنه راع لهم ومسئول عن رعيته. انتهى، وفتنة الممات قد تبين أنها فتنة القبر أي السؤال فيه أو الفتنة عند الموت نسأل الله الثبات على الإيمان.