من المعروف أن الطيور المهاجرة تعتمد على المجال المغناطيسي للأرض كبوصلة خارجية تساعدها في التنقل. ويعتقد أن أحد البروتينات الحساسة للضوء والمسماة كريبتوكروم "cryptochrome" هو ما يساعدها على إنجاز تلك المهمة.
وفي دراسة حديثة أجراها باحثون من مركز ساوث ويسترن الطبي بجامعة تكساس بالتعاون مع جامعة ساوثرن ميثوديست نشرت في دورية "بِناس" مطلع الشهر الجاري، تمكن الباحثون من الإجابة عن هذا التساؤل.
يقول بريان زولتوفسكي -أحد الباحثين الرئيسين في الدراسة- الأستاذ في جامعة ساوثرن ميثوديست "لقد وضحنا أن الكريبتومات هي بروتينات فعالة للغاية. إذ يمكنها الإحساس بمستويات الضوء الخافتة. وبالتالي يمكننا فهم كيف تستجيب تلك البروتينات في حالات الإضاءة الخافتة ليلا أثناء هجرتها".
اكتشف الباحثون تغيرات استثنائية في المناطق الرئيسة لبنية البروتين التي تعزز من قدرة هذه الطيور على جمع الضوء من البيئة المحيطة بها.
يشرح زولتوفسكي هذه الآلية قائلا "تعمل هذه الكريبتومات على امتصاص فوتون الضوء، الذي يتسبب بدوره في انتقال إلكترون خلال سلسلة من الأحماض الأمينية. بحيث تحوي هذه الأحماض الأمينية على ثلاثة أو أربعة مواقع تعمل كسلك ناقل لتلك الإلكترونات. وقد تمكنا من التعرف على خمسة مواقع في الحمام".
تلك الطفرة الموجودة في الحمام تجعل الكريبتومات تحوي من الضوء ما يزيد على حاجتها لتصبح منشطة، فيقل اعتمادها على بيئتها المحيطة في تحصيل الضوء. ومن ثم فقد أضافت هذه الميزة التطورية قدرا من الكفاءة للطيور. إذ جعلتها أقل اعتمادا على الضوء المتاح في البيئة المحيطة بها، إن كانت بالفعل تملك من الإشارات الداخلية ما يكفي لهجرتها".
وتعقيبا على تلك النتائج يقول زولتوفسكي "البنى التركيبية التي حصلنا عليها تمكننا من فهم الوظيفة التي تقوم بها تلك التراكيب الذرية، وكيف يمكنها استخدام الضوء الأزرق في تحسس خطوط المجال المغناطيسي".
ويضيف "يوفر التركيب الذري مزيدا من التفاصيل الذرية المهمة لفهم كيفية عمل هذه البروتينات، وبالتالي تفتح الباب لدراسات أكثر تفصيلا عن الكريبتومات في الكائنات المهاجرة".