عن ابن عَبَّاسٍ رضي اللُه عنهما[1]: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: "لو يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ لادَّعَى رِجَالٌ أموالَ قَوْمٍ ودِماءَهُمْ، لَكِنِ البَيِّنَةُ على المُدَّعِي والْيَمينُ على من أَنْكَرَ"؛ حديث حسَنٌ رَوَاهُ الْبَيْهقي وغيرُهُ هكذا، وبَعْضُهُ في الصحِيحَين.
درجة الحديث: الحديث ثابت، قال ابن رجب رحمه الله: أصل هذا الحديث خرَّجاه في الصحيحين.
أهمية الحديث:
قال ابن دقيق العيد: وهذا الحديث أصل من أصول الأحكام، وأعظم مرجع عند التنازع والخصام.
وقال الشيخ السعدي رحمه الله: "هذا الحديث عظيم القدر، وهو أصل من أصول القضايا والأحكام، فإن القضاء بين الناس إنما يكون عند التنازع، هذا يدعي على هذا حقًّا من الحقوق فينكره، وهذا يدعي براءته من الحق الذي كان ثابتًا عليه، فبيَّن صلى الله عليه وسلم أصلًا بفض نزاعهم، ويتضح به المحق من المبطل، فمن ادعى عينًا من الأعيان، أو دينًا، أو حقًّا من الحقوق وتوابعها على غيره، وأنكره ذلك الغير، فالأصل مع المنكر. فهذا المدعي إن أتى ببينة تُثبت ذلك الحق، ثبت له، وحُكمَ له به، وإن لم يأت ببينة، فليس له على الآخر إلا اليمين".
مفردات الحديث:
♦ لو يعطى الناس: ما ادعوا أنه حقهم وطالبوا به.
♦ بدعواهم: أي بمجرد قولهم وطلبهم دون ما يثبت ذلك.
♦ لادَّعى رجال: أي لاستباح بعض الناس دماء غيرهم وأموالهم وطلبوها دون حق.
♦ البَيِّنَةُ: هي الشهود، مأخوذة من البيان وهو الكشف والإظهار، أو إقرار المُدَّعَى عليه وتصديقِهِ للمُدَّعِي، والبينة: هي اسم لكل ما يبين الحق ويظهره، فيدخل الشهود والإقرار والقرائن الدالة وفهم القاضي باختبار.
♦ على المُدَّعِي: وهو من يدعي الحق على غيره ويُطالبه به، وقالوا: المدَّعِي: هو من إذا سكت تُرِكَ، والمدَّعَى عليه: هو من إذا سكت لم يُترَك.
♦ الْيَمينُ[2]: الحَلِفُ على نفي ما اُدُّعِي به عليه.