إنّ الحجاج بن يوسف صلى مرّة بجنب سعيد بن المسيّب ، وذلك قبل أن يلي شيئا ، فجعل يرفع قبل الإمام ، ويقع قبله في السجـود ، فلمّا سلّم أخذ سعيـد بطرف ردائه ، و كان له ذكر يقوله بعد الصلاة ، فما زال الحجّاج ينازعه رداءه ، حتى قضى سعيد ذكره ، ثم أقبل عليه سعيد ، فقال له :يا سارق ، يا خائـن ، تصلي هذه الصلاة ؟ لقد هممتُ أن أضرب بهذا النعل وجهَك ، فلم يردّ عليه .
ثم مضى الحجّاج إلى الحج ، ثمّ رجع ، فعاد إلى الشام ، ثمّ جاء نائبا على الحجاز ، فلمّا قُتل ابن الزبير ، كرّ راجعا إلى المدينة ، نائبا عليهـا فلمّا دخل المسجد ، إذا مجلس سعيد بن المسيّب ، فقصده الحجّاج ، فخشي النّاس على سعيد منه ، فجاء حتّى جلس بين يديه ، قال لـه: " أنت صاحب الكلمات ؟ " فضرب سعيـد صدره بيده : و قال : " نعم " ، قال : " فجزاك الله من معلّم و مؤدّب خيرا ، ما صليتُ بعدُ صلاة إلا و أنا أذكر قولَك " ثمّ قام و مضى "