الله يحييك ببحر الامل هـنـا

♥ ☆ ♥ فعاليات بحر الامل ♥ ☆ ♥
فعاليات طابور التميز في بحر الأمل حياكم
عدد  مرات الظهور : 67,385,838 فعالية أفضل مشارك
عدد  مرات الظهور : 67,385,855 اطرح 20موضوع واكسب مع بحر الامل 3000 م +300ت - منتديات بحر الامل
عدد  مرات الظهور : 67,385,900 اطلب تصميمك ۩{ بحر ريشة مبدع لطلبات الأعضاء الحصرية}۩
عدد  مرات الظهور : 67,385,788 تعالوا عرفونا على انفسكم - منتديات بحر الامل
عدد  مرات الظهور : 67,385,726
♥ ☆ ♥اعلانات بحر الامل ♥ ☆ ♥
مركز تحميل بحر الامل
عدد  مرات الظهور : 90,768,957

 
العودة   منتديات بحر الامل > ~":: بحر الامل الاسلامي ::"~ > ۩{ علوم منوعة من آلقرآن آلكريم }۩
 

الملاحظات

۩{ علوم منوعة من آلقرآن آلكريم }۩ قَسَمَ يَهَتَمَ بَاَلَقَرَآنَ وًّاَلَتَفَسَيَرَ وًّاَلَقَرَاَءاَتَ ..

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 2019-05-27, 03:38 AM
عبير الورد متواجد حالياً
Saudi Arabia    
اوسمتي
يوم الوطني وسام مسابقه الحج  المركز الثاني 
 عضويتي » 74
 جيت فيذا » 08-09-2018
 آخر حضور » 2022-07-18 (01:28 PM)
آبدآعاتي » 5,592
الاعجابات المتلقاة » 24340
الاعجابات المُرسلة » 22871
 حاليآ في » وسط بحرالامل
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »  Female
آلقسم آلمفضل  » الادبي
آلعمر  » 60سنه
الحآلة آلآجتمآعية  » مرتبط
 التقييم » عبير الورد has a reputation beyond reputeعبير الورد has a reputation beyond reputeعبير الورد has a reputation beyond reputeعبير الورد has a reputation beyond reputeعبير الورد has a reputation beyond reputeعبير الورد has a reputation beyond reputeعبير الورد has a reputation beyond reputeعبير الورد has a reputation beyond reputeعبير الورد has a reputation beyond reputeعبير الورد has a reputation beyond reputeعبير الورد has a reputation beyond repute
مشروبك  » مشروبك   7up
قناتك   » قناتك abudhabi
ناديك  » اشجع shabab
مَزآجِي  »
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي نفحات قرآنية (18)




نفحات قرآنية (18)




الآل، والأهل، والمودة في القربى[1]



علمنا أنَّ المؤمن الحق قَريب من الله، ويظلُّ يلتمس بأعماله مزيدًا من قربٍ حتى يعلو إلى مقام المعيَّة ويَحظَى بحبِّ الرحمن، وعندئذٍ يكون ربه سمعه، وبصره، ويده، ورجله؛ "ولا يزالُ عبدي يتقرَّب إليَّ بالنوافل حتى أحبَّه، فإذا أحببتُه كنتُ سمعَه الذي يسمع به، وبصرَه الذي يُبصِر به، ويدَه التي يبطش بها، ورجلَه التي يسعى بها".

وأرباب هذه المنْزلة الرفيعة دائمًا مُترفِّعون ينعمون بحواسَّ شَبعَى، ويُعرَفون بالنَّزاهة وعفَّة اليد والعين والأذن واللسان.

والرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - أوَّل المؤمنين صُنِع على عين الله، واشتمل بمحبَّة الله؛ ﴿ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي ﴾ [طه: 39].

فهو إذًا في ذروة النَّزاهة المطلقة والعفَّة الشاملة، والشعب الفيَّاض وهو في غمرة الحب العلوي غني، رَضِيٌّ (بكسر الضاد، وتشديد الياء) سَخِيٌّ، رَزِين الانفعال.

وهو - صلَّى الله عليه وسلَّم - برغم ثَباته واطمئنانه وقرَّة عينه، كان يتعوَّذ كثيرًا من شطَط الحواس، وبغي الجوارح، وجُوع الفؤاد تنبيهًا وتعليمًا وتقويمًا لنفسيَّات الأمة:
1- كان يتعوَّذ من الأربع: ((من علمٍ لا ينفع، ومن قلبٍ لا يخشع، ومن نفسٍ لا تشبع، ومن دعوةٍ لا يُستَجاب لها))؛ "أخرجه أحمد، وأبو داود، وابن ماجه".

2- وجُوع الفُؤاد يُورِث الجنون العاطفي، ويدفع إلى حمأة الرذائل، وتخوُّفًا من أن يحيق هذا بأمَّته كان يبيت ويصحو مُتعوِّذًا حتى تتلقَّى عنه أمَّته؛ روى الترمذي، وابن ماجه، وأحمد والنسائي أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان يقول: ((اللهم إني أعوذ بك من الجوع؛ فإنَّه بئس الضجيع، وأعوذُ بك من الخِيانة فإنها بئست البطانة)).

3- وكان يرى أنَّ الشرَّ يستطير إذا بغت الحواس؛ فعتا الفؤاد، وعَدَت الجوارح، فكان - صلَّى الله عليه وسلَّم - يُلقِّن أصحابه الاستعاذة من شُرور النفس والجوارح؛ عن شُتَير بن شَكَل بن حميد عن أبيه قال: قلت: يا نبيَّ الله، علِّمني تعويذًا أتعوَّذ به، قال: ((قُل: اللهم إنِّي أعوذُ بك من شرِّ سمعي، وشرِّ بصري، وشرِّ الناس، وشرِّ قلبي، وشرِّ منبتي))؛ أخرجه أبو داود، والترمذي والنسائي.

4- وكان - صلَّى الله عليه وسلَّم - يستَجِير من خائنة الأعيُن، ودخن الصدور، ويجهَر بهذا حتى تعلم الأمَّة وتَعِي؛ روى البيهقي عن أمِّ معبد قالت: سمعت رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول: ((اللهم طهِّر قلبي من النِّفاق، وعملي من الرِّياء، ولساني من الكذب، وعيني من الخِيانة؛ فإنَّك تعلم خائنة الأعيُن، وما تُخفِي الصدور)).

5- ورسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يشيد بالعفة، ويرفع المتعفِّف الأصيل، وينفر من الخِيانة، ويعد الخائن الوضيع.

في حديثٍ يرفع على الأنظار مشهد الجنَّة والنار، ويصنف أهل المرتفقين إلى أصناف؛ روى مسلم عن عِياض بن حِمار قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((أهل الجنَّة ثلاثة: ذو سُلطان مُقسِط مُتصدِّق موفق، ورجل رحيم رقيق القلب لكلِّ ذي قُربَى ومسلم، وعفيف متعفف ذو عيال، وأهل النار خمسة: الضعيف الذي لا زَبْرَ له[2]، الذين هم فيكم تبع لا يبتغون أهلاً ولا مالاً، والخائن الذي لا يَخفَى له طمعٌ، وإن دقَّ إلا خانه، ورجل لا يصبح ولا يمسي إلا وهو يُخادِعك عن أهلك ومالك))، وذكر البخل أو الكذب، والشِّنظير الفاحش)) "الشنظير: سيِّئ الخلق".

والمتمعِّن في الصفات التي ذُكِرت في الحديث يتبيَّن - بلا عناء - أنَّ خِلال أهل الجنة تنمُّ عن شبع الفؤاد وأنَّ خِصال أهْل النار تَشِي بِجُوع الفؤاد.

هكذا يُربِّي رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - الأمَّة على الترفُّع والعزَّة، ويهديهم إلى أشفية تكفل الصحوة والسداد والصحة النفسية، فهل يُعقَل بعد هذا أنْ نظنَّ أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يَطلُب المحاباة أو التحبُّب إلى أهله؟ كيف وقد روى أحمد عن أبي ذرٍّ قال: دَعاني رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وهو يشتَرِط عليَّ ((ألاَّ تسأل الناس شيئًا)) قلت: نعم، قال: ((ولا سَوْطك إنْ سقَط منك حتى تنزِل إليه فتأخُذه)).

إنَّ الزهد فيما في حَوْزة الناس من مادَّة أو حول، أو طول أو جاه أدْعى إلى أنْ تحب وتكرم؛ مِصداق ما روى الترمذي وابن ماجه عن سهل بن سعدٍ - رضِي الله عنه - قال: "جاء رجلٌ إلى النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقال: يا رسول الله، دلَّني على عملٍ إذا أنا عملتُه أحبَّني الله، وأحبَّني الناس، قال: ((ازهَدْ في الدنيا يحبَّك الله، وازهَدْ فيما عند الناس يحبك الناس)).

التجرُّد والترفُّع سنَّة المرسلين:
المرسَلون - صلوات الله عليهم - يتميَّزون بالتَّجَرُّد لله، والترفُّع الخالص عمَّا في حوزة الناس، فهم في مسيرتهم الشاقَّة المضنية مُتوكِّلون محتَسِبون، وقطعًا للنَّوازع الغريزية التي قد تشدُّ إلى الأولاد وتشغل بأمر توفير تراثٍ يضمن لهم المستقبل ويُهيِّئ لهم عيشة رغدة... وحتى تتوفَّر كلُّ طاقاتهم للدعوة خُصُّوا (للبناء للمجهول) بأنهم لا يُورثون؛ ((نحن مَعاشِرَ الأنبياء لا نُورث، ما تَركناهُ صدقةٌ))، وهم إذ يُلزِمون أنفسَهم بهذا لا يكبتون هذه النَّوازِع الفطريَّة في غيرهم، بل ينمون الفطرة، ويعلون الغريزة، ويُوصُون بالاهتمام بالوُرَّاث والميراث؛ ((إنَّك إنْ تدَع ورثتَك أغنياء خيرٌ من أنْ تدَعَهم عالةً يتكفَّفون الناس))، حديث شريف.

وتجرُّد المرسلين لله يجعَلُهم فوق المشاعر القبَلِيَّة، وفوق مُقتَضيات الانتماء إلى بيتٍ أو رهطٍ؛ ﴿ قَالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ * قَالَ يَا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ ﴾ [هود: 91 - 92].

وترفُّع المسلمين يتجلَّى في صيحاتهم المُتَتابعة التي تنمُّ عن الورَع، والتنزُّه، والاستغناء بالله:
1- يتجلَّى في صيحة نوح التي تُزرِي بالمال، وتُعلِي شأن خلَّة الإيمان؛ ﴿ وَيَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّهُمْ مُلاقُو رَبِّهِمْ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ * وَيَا قَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ طَرَدْتُهُمْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ﴾ [هود: 29 - 30].

﴿ وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الشعراء: 180].

2- وفي صَيْحة هود التي تُعلِن ترفُّعه واحتِسابه واستغناءَه بالله: ﴿ يَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾ [هود: 51].

3- وتتتابَع الصَّيْحات نفسها على لسان صالح ولُوط وسائر المرسلين.

4- ويُجابِه محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - عنَت المشركين وتردُّد الحائِرين بصَيْحَة الرِّفعة واللعنة، والنَّزاهة والاحتساب، مؤتمرًا بأمر الله، منتهجًا نهج إخوانه المرسلين: ﴿ قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا ﴾ [الفرقان: 57].

﴿ قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ ﴾ [ص: 86].

﴿ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنعام: 90].

﴿ قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ ﴾ [سبأ: 47].

ولقد عرَف المشركون - بالمُمَارسة - عفَّة رسول الله وترفُّعه، وجاءَتْ هذه الصيحات مُؤكِّدة؛ وبِناءً على هذا الأمر الذي تحقَّق وتأكَّد يرفُض القرآن صُدودهم وإعراضهم، في أسلوبٍ استفهامي إنكاري تهكُّمي: ﴿ أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ ﴾ [الطور: 40].

﴿ أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجًا فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ﴾ [المؤمنون: 72].

وعلى ضوء سنَّة المرسلين، واستِرشادًا بهذه الآيات البيِّنة التي تجلُّ مَقام المُرسَلين عن أنْ تتحرَّك نُفُوسهم أو تمتدَّ أعينهم إلى أوعية الناس، يُمكن أنْ ننظُر مرَّة أخرى في النَّصِّ الكريم الذي استَقطَبَنا واستَوقفَنا هذا الوقوف الطويل:
﴿ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى ﴾ [الشورى: 23].

ونُبادِر فنستَبعِد ما لاكَه المستشرِقون، وردَّدَتْه المتصوِّفة من أنَّ الآية تجعل ودَّ أهل قرابة الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - ثمنًا لدعوة الخير.

ونرفُض تلك الأحاديث التي سِيقَتْ لدعْم مذهبهم ورأيهم الهزيل ((إلا أنْ تودوا أهل قَرابتي)) من مثل ما رووا معزوًّا إلى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((حرمت الجنة على مَن ظلَم أهلَ بيتي، وآذانِي في عِترتي، ومَن اصطنع صنيعة إلى أحدٍ من ولد عبدالمطلب ولم يُجازِه فأنا أجازيه عليها غدًا يوم القيامة إذا لقيني)).

ومن مثل: ((مَن مات على حُبِّ آل محمَّد مات شهيدًا، ومَن مات على حُبِّ آل محمَّد جعَل الله زوار قبره الملائكة، وداره الجنة، ومَن مات على بُغض آل محمد جاء يوم القيامة مكتوبًا بين عينيه: أيس اليوم من رحمة الله، ومَن مات على بُغض آل محمد لم يرح رائحة الجنَّة، ولا نصيبَ له في شفاعتي))، هذه ومثلها من وضع غُلاة الشيعة، وجهَلَة الصوفيَّة.

والنفسية العربية يومئذٍ لم تكنْ مستعدَّة لتقبل هذا التفسير الصوفي الشيعي، فقد ورد أنَّ الآية لَمَّا نزلت قال قومٌ: ما يريد محمد إلا أنْ يحثَّنا على قَرابته من بعده، فأخبر - صلَّى الله عليه وسلَّم - بأنهم اتَّهموه، فتلا قول الله: ﴿ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا ﴾ [الشورى: 24]، فلمَّا ندموا تلا قوله - سبحانه -: ﴿ وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ ﴾ [الشورى: 25].

والمقبول أنَّ الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم -:
1- أراد أنْ يُعلِي أحاسيس المودة التي كانت تتحكَّم فيهم، وتُحرِّكهم أحيانًا إلى الشر ومَهاوِي الشرك؛ ﴿ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾ [العنكبوت: 25] أراد أنْ يستَثمِرها في الخير.

وانطِلاقًا مِن هذا اهتمَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - بإثارة عاطفة الرَّحِم، وأواصر القُربى؛ لتتحرَّك في جميع الاتِّجاهات، وناشَد قومَه المودَّة إن لم تكن بحقِّ النبوة فبحقِّ القرابة، وسألهم أنْ يصلوا الرَّحِم المشترَكة فلا يكون غيرهم أَوْلَى منهم بحِفظِه ونُصرته، ودعاهم إلى رِعاية حقِّ الدم والنسب بلا تجهُّم ولا تنكُّر ولا إيذاء، ولا صدد ولا تعويق، ونادَى مُناشِدًا قومَه: "المودة في القربى"، أنْ يودُّوه لقرابته، فالرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان أوسَطَ الناس في قريش، وكان يمتُّ بصلةٍ لكلِّ بطون قريش، فإذا تضافَرُوا على إعطائه حقَّ القربى أمن جانبهم، وضمن أنْ ينطَلِق في طريق الدعوة غير مُعوَّق (بالبناء للمجهول) فوق أنَّه - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان أولى الناس بالمؤمنين؛ ﴿ النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ﴾ [الأحزاب: 6].

وهو قطبُ الرَّحَى في الأخوة التي شدَّ أواصرها الإيمان؛ ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ﴾ [الحجرات: 10].

وهو - صلَّى الله عليه وسلَّم - بهذا الاعتبار ينبغي أنْ يتبوَّأ ذروة القُلوب؛ ((لا يؤمن أحدُكم حتى أكون أحبَّ إليه من ماله وولده والناس أجمعين)).

وتأويل الآية على هذا النحو هو الذي عليه الأئمَّة الراسخون؛ أخْذًا بما رَواه البخاري وأحمد عن ابن عبَّاس أنَّه سُئِل عن المودَّة في القُربَى فقال سعيد بن جبير: "القُربَى آلُ محمد"، فقال ابن عباس: عجلت؛ إنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - لم يكن بطنٌ من قريش إلا كان لهم فيهم قرابة فقال: إلا أنْ تصلوا ما بيني وبينكم من القَرابة.

فالقُربَى على هذا مصدرٌ كالقرابة، والاستثناء منقطعٌ كما في قوله - سبحانه -: ﴿ قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا ﴾ [الفرقان: 57]، فاتِّخاذ السبيل إلى الله ليس أجرًا، كذلك المودة في القُربَى؛ فالرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - لا يسأل أجرًا، ولكنَّه يطلب أعمال مُقتَضيات الرَّحِم والقُربَى، ويسأل أنْ يكفُّوا عنه أيديهم، ويذَرُوه إنْ لم ينصُروه.

والآية مكيَّة نزلت قبل: ﴿ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ﴾ [المائدة: 67]، والرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - في مكة كان يشكو إلى الله ضعْف قوَّته، وقلَّة حِيلته، وهوانه على الناس، فلا غرابه إذا راح يُهدِّئ من ثائرتهم بشتَّى الطُّرق إلى أنْ يُهيِّئ الله أمرًا كان مفعولاً، إلى أنْ تتدفَّق روافد القوَّة، وتتفتَّح مسالك النصر.

2- وممَّا قِيل: إنَّ المعنى "إلاَّ أنْ تتودَّدوا إلى الله بالطاعة والتقوى وشدَّة الحبِّ لله".

3- وممَّا قيل: إنَّ المعنى - إلا أنْ يودَّ بعضهم بعضًا بِحُكم وَشِيجة الإيمان.

4- وقيل: إنَّ النصَّ دعوةٌ إلى المحافظة على ما بينهم من صِلات وروابط؛ وذلك لأنَّ إيذاءهم رسولَ الله حريٌّ أنْ يُثِير ثائرة عَشِيرته الأقربين، وحينئذ تحدُث المواجهة، وتنقطع الأواصر.

وبهذه التآويل يكونُ عائد المودَّة راجعًا إلى المدعوِّين لا إلى الداعي وحدَه، وهذا هو المُطابِق لمعنى قوله - تعالى -: ﴿قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴾ [سبأ: 47].

...يتبع


[1] باقيات من نفحات ﴿ تَبَّتْ يَدَا ﴾ [المسد: 1] تدفع أباطيل الخصوم، وتؤكد أن الإسلام ليس كما زعموا، بل هو دين العدالة الشاملة، والإحسان الكامل، والفرصة المتكافئة.
[2] لا زَبْرَ له: بفتح الزاي وإسكان الباء؛ أي: لا عقل له، يزبره ويمنعه ممَّا لا ينبغي، وقيل أيضًا: هو الذي لا مال له.

الموضوع الأصلي: نفحات قرآنية (18) |~| الكاتب: عبير الورد |~| المصدر: منتديات بحر الامل

بحر الامل

العاب ، برامج ، سيارات ، هاكات ، استايلات , مسابقات ، فعاليات ، قصص ، مدونات ، نكت , مدونات , تصميم , شيلات , شعر , قصص , حكايات , صور , خواطر , سياحه , لغات , طبيعة , مفاتيح , ستايلات , صيانه , تهيئة , قواعد , سيرفرات , استضافه , مناضر, جوالات





 توقيع : عبير الورد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ

رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

(عرض الكل الاعضاء الذين شاهدو هذا الموضوع: 0
لا يوجد اسماء لعرضها

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
نفحات .. بين يدي سورة الفجر احمد ۩{ علوم منوعة من آلقرآن آلكريم }۩ 9 2020-02-06 12:28 AM
نفحات قرآنية (15) عبير الورد ۩{ علوم منوعة من آلقرآن آلكريم }۩ 12 2019-09-01 08:35 AM
نفحات قرآنية (19) عبير الورد ۩{ علوم منوعة من آلقرآن آلكريم }۩ 12 2019-08-31 06:38 PM
نفحات قرآنية (16) عبير الورد ۩{ علوم منوعة من آلقرآن آلكريم }۩ 11 2019-08-31 06:38 PM
نفحات قرآنية 17 عبير الورد ۩{ علوم منوعة من آلقرآن آلكريم }۩ 11 2019-08-31 06:38 PM

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML
الكثيري نت
Loading...


 »:: تطويرالكثيري نت :: إستضافة :: تصميم :: دعم فني ::»

Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
هذا الموقع يستخدم منتجات Weblanca.com
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education
المشاركات المكتوبة والمنشورة لا تعبر عن رأي منتدى بحرالامل ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك (ويتحمل كاتبها مسؤولية النشر)