حثّ الإسلام على احترام كبار السّن وتقديرهم، ومراعاة مشاعرهم، وقد ورد العديد من الأحاديث النبوية عن رسولنا الكريم محمّد صلّى الله عليه وسلّم تتناول موضوع البر بكبار السّن، ورعايتهم، فيما يأتي نُجمل أبرزها: عن أبي موسَى الأشعريِّ رضي الله عنه قال: قال الرسول صلى الله عليه وسلم: [إنَّ من إجلالِ اللَّهِ إِكْرامَ ذي الشَّيبةِ المسلِمِ ، وحاملِ القرآنِ غيرِ الغالي فيهِ والجافي عنهُ ، وإِكْرامَ ذي السُّلطانِ المقسِطِ][١]، وفي تفسير هذا الحديث أنّ احترام الكبير في السّن بتوقيره في المجالس، ومعاملته بالرّفق واللّين، وغيرها من الجوانب الأخرى المذكورة في الحديث، وهي من الأسباب التي يحصل بها تعظيم الله سبحانه وتعالى وتوقيره.[٢] قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: [ليسَ منَّا من لَم يَرحَمْ صغيرَنا، و يعرِفْ حَقَّ كَبيرِنا][٣]، يُنبه الحديث الشّريف المسلمين إلى أهميّة تعظيم الكبير والرفق بالصغير، ومن يُخالف ذلك، يكون قد خالف السنّة النبويّة الشّريفة، واللّفظ "ليس منّا" يعني التبرّأ، وهو لا يعني الخروج من ملّة الإسلام، وإنّما من يفعله يأتي بذنب، إذ يبقى مسلم وليس بكافر.[٤] ما هي حقوق كبار السن في الإسلام؟ يصاحب المرء عندما يتقدّم بالسّن شيء من الضعف العام في الجسم، فيتجعد جلده، وتضعف حواسه، وتصبح حركته بطيئة، ويزيد نسيانه، ورأفةً بما آل إليه يحث الإسلام صغار السّن، والشّباب، على معاملة كبار السّن بلطف وعناية خاصة، والرّفق بهم، وهذه من الحقوق التي منحها الإسلام لكبار السّن، ونقدّم لكَ عزيزي القارئ فيما يأتي المزيد من حقوق كبار السن في الإسلام:[٥] الاحترام: عليكَ أن تحترم الكبير، حتى ييسر الله لكَ من يحترمك في كِبرك، فكما تُدين تُدان، إذ قال تعالى: {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ}[٦]. حُسن المعاملة: من حقوق الكبير في السن عليكَ أن تُحسن معاملته، ولا تتكلّم معه إلاَ بطيب، وتُحسن إليه، وتتودّد إليه بمكارم الأخلاق، وجميل الكلام، فإكرام كبير السن من إجلال الله. المبادرة بالسّلام: فإن رأيت في طريقكَ رجلاً مسنًّا لكَ به معرفة، عليك أن تبادره بطرح التحيّة، فذلكَ فيه توقير له، واحترام. التقديم بالكلام: إذا كان في مجلس تجلس فيه كبير في السّن، عليكَ أن توسّع له صدر المجلس، وأن تعطيه الأولويّة بالكلام، ولا تُقاطعه، وتقدّمه على نفسكَ بالخروج، وكذلكَ الدّخول للمجلس إن كنتَ مرافقًا له. حُسن الدعاء لهم: لا بد لك أن تدعو لهم بطول العمر، والتمتّع بالصحّة، والزّيادة في الطّاعات والعبادات، والحفظ من كل شر، والتّوفيق بالصلاح. مراعاة ضعفه: إذ عليكَ أن تعتني بصحّته، وتراعي وضعه النّفسي، وتصبر على تصرّفاته، فكبير السّن يعود في تصرّفاته إلى سن الطّفولة. كيف تتجلى رحمة الله في كبار السن؟ تتجلّى رحمة الله تعالى بالكبير بالسّن من خلال التّخفيف عنه فيما يخص تطبيق الأحكام الشرعيّة، فهو يعد من أصحاب الأعذار، فخفّف عنه في تأدية الواجبات، والفرائض، وكذلك في تطبيق الكفارات، فأجاز له أن يُفطر في نهار رمضان، ويخرج الكفّارة إذا شق عليه الصيّام، وأن يصلّي بالهيئة التي تسمح له فيها صحته بأداء الصّلاة، فإن لم يستطيع أن يصلّى قائمًا، فليصلِّ جالسًا، وإن لم يستطع الجلوس للصّلاة له أن يصلّي راقدًا، وأعطى الله تعالى رُخصة للمسن بأن يرسل من يؤدي مناسك الحج عنه، إن لم يكن قادرًا على الوصول إلى الكعبة، فعن الفضل بن عباس رضي الله عنه قال: [أنَّ امْرَأَةً مِن خَثْعَمَ، قالَتْ: يا رَسولَ اللهِ، إنَّ أَبِي شيخٌ كَبِيرٌ، عليه فَرِيضَةُ اللهِ في الحَجِّ، وَهو لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَسْتَوِيَ علَى ظَهْرِ بَعِيرِهِ، فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: فَحُجِّي عنْه][٧].[٨] قد يُهِمُّكَ أولى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لكبار السّن أهميّة خاصّة، وفيما يلي أمثلة على رحمته عليه الصّلاة والسّلام بهم، وبعض من جوانب معاملته لهم:[٩] عظّم عليه الصّلاة والسّلام قيمة الشّيخ الكبير، حتّى أنّه قدّمه على الحاكم العادل، وحامل القرآن، على عظم قدرهما وسمو مكانتهما. كان عليه الصّلاة والسّلام لا يُحبّذ الإطالة في صلاة الجماعة على الرغم من حبه لتعظيم قدرها، وحبّه إطالة الوقوف بين يدي خالقه تباركَ وتعالى، وذلك تيسيرًا على المسلمين، ولئلاّ يشق على كبار السّن وذوي الحاجات أداءها. احترامه صلّى الله عليه وسلّم لكبار السّن، حتّى لو لم يكونوا مسلمين.
2022-07-18, 07:57 AM
حديث عن كبار السن
العرض الشجري