إن كل ذي بصيرة يتعلم ويستفيد من غيره ولو صغره بالسن والعمر هو العاقل الذي يعتبر لبيباً ومن ذوي الالباب فمَنْ مِنْ ذوي الالباب والعقلاء لا يعرف (حشرة النمل) وبها يضرب المثل بالنشاط والترتيب والحرص على كل ما تملك في سراديب قراها الارضية حيث أنها تخزن كل ما تستطيع تملكه أو الاستحواذ عليه طيلة العام إلى أيام الشتاء القارصة (وفي بعض البلاد يكون لذعه أقسى من لذع النار الحارقة وورد ببعض التفاسير أن أهل جهنم يستعيذون من زمهرير جهنم القارص وذهابهم إلى ألسنة اللهب الحارقة) حيث أن النمل يكسر الحبوب السليمة ويستخرج الرَشَيْن وهو بمثابة الجنين للبذرة أو قتل الجنين ببطن الأم الحامل من أجل عدم نباته وحرصاً على طعام عائلة وقرية النمل كاملة وحتى عدم احتمال جائع بينهم) ومن الأسرار العلمية الحديثة أن في سم النمل بعد اللسعة أو القرصة في ركبة الإنسان المصاب، علاجاً نافعاً وناجعاً باذن الله تعالى فمن فضل الله تعالى لتعليم هذا الإنسان المكرم ولقد كرمنا بني آدم فقد أوجد لنا أساليب تربوية وعلمية من أجل الاستفادة منها بالتعامل مع الآخرين (سواءً الاصدقاء أو الأعداء) وبيان فضل وفائدة وعاقبة اتباع (النظام المنطقي الالهي) بالدعوة للدين أو بالتعامل الإنساني المتبادل بين بعضهم البعض وذلك من حيث 1- ضرورة تفقد دوام وعمل الإنسان في العمل المخصص له (بداخل البيت أو في الخدمة العامة بالدولة). 2- إشراف الراعي أو المدير العام والمساعدين له بعمله على أعمال رعيته معاً كيد واحدة 3- فضل بيان وفائدة (بر الوالدين الذي كان استدراك سليمان عليه السلام من ذبح الهدهد لأن الهدهد كان باراً بوالديه). 4- اتباع اسلوب المراقبة و (الاستخبار ) والمشاهدة، بعد التأكد من سماع الاخبار الشائعة أو الواردة عبر الوسائل المختلفة (وما أكثرها بالعصر الحديث وخاصة التكنولوجي ة -) 5- ثم أنني اترك للأخ القاريء الكريم التبصر الدقيق واستنباط أسرار كثيرة بين طيات وحروف اسطر هذه السورة خاصة والقرآن الكريم عامة وهو الكتاب الذي لا تفنى عجائبه ولا تكشف اسراره على مدى الأيام والسنين. هنا تبدأ قضية الإنسان هنا يبدأ الاختيار إذا كانت الكرامة الحقيقية في حسن العبودية لله فكيف يكون ذلك في شخص سيدنا سليمان عليه السلام لنا الأسوة الحسنة فهو المختار من رب العالمين (16) (وَوَرِثَ سُلَيْمَان ُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَ ا مِن كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ ) إذ مكنه من ملك لا ينبغي لأحد من بعده (17) (وَحُشِرَ لِسُلَيْمَ انَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ وَالطَّيْر ِ فَهُمْ يُوزَعُونَ ) لكن هذا لم يزده إلا خضوعا وحمدا لله وتواضعا أمام جميع مخلوقاته من أضعفها قوة, (19) (فَتَبَسَّ مَ ضَاحِكًا مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِ ي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْ نِي بِرَحْمَتِ كَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِ ينَ) إلى أعظمها شأننا (40) (قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرً ّا عِندَهُ قَالَ هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَ نِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ). هذا هو التواضع الذي أراده الله تواضعاً يزيدنا رفعة تواضعاً يزيدنا رحمة وشفقة وعدلاً تواضعاً يمنحنا العزيمة والقوة والشجاعة والسيادة. وإذا كان التواضع فيه العزة والكرامة فإن التعالي عن المعاصي فيه طهارة القلب (74) (وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُم ْ وَمَا يُعْلِنُون َ) ودماثة الخلق والمعاملة وفيه هدى ورجاحة الرأي (77) (وَإِنَّهُ لَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْم ِنِينَ) . مبدأ الاختيار هذا هو من لون أنواع البشر وعدّدها فحال البشر متبدل بخياراتهم فللصلاح أهله، وللفساد أهله هناك من يختار طرق الضلال (48) (وَكَانَ فِي الْمَدِينَ ةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُون َ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُون َ), وهو منتشيا منتعشا بأفعاله, (54) (وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُون َ الْفَاحِشَ ةَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُون َ) بل وأكثر فإحساس العظمة لا يزيده إلا تمسكا بفجوره (56) (وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُون َ الْفَاحِشَ ةَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُون َ). وهناك من يختار دروب الهدى مستبشرا (79) (فَتَوَكَّ لْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ ), راضيا بكم الله وقانونه (91) (إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَة ِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِم ِينَ) فهو مؤمن برب لا يغيب عن علمه شيء (75) (وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاء وَالْأَرْض ِ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ) ولا يغفل عن أمر خلقه في شيء (93) (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُم ْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُ ونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُون َ) أمام هذين الخيارين الرئيسيين (45) (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَ ا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُ ونَ) نجد الناس قد توزعوا على ضفتي نهر الحق فهل يمكن الانتقال من ضفة لأخرى وهل زودنا الله بوسائل الانتقال وجعلها متوفرة أمام الجميع نعم فعندما جعل الحرام بيّن والحلال بيّن فتح أبوابا للرحمة والتوبة والتصحيح فللاستغفار أبوابه العريضة للفوز العظيم (46) (قَالَ يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِ لُونَ بِالسَّيِّ ئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَة ِ لَوْلَا تَسْتَغْفِ رُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُم ْ تُرْحَمُون َ) وللتقوى بابها الواسع للنجاة (53) (وَأَنجَيْ نَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ) ولتقديم الحسنات باب للمضاعفة والزيادة, (89) (مَن جَاء بِالْحَسَن َةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَهُم مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ) وأيضاً في الترهيب باب (87) (وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَن فِي السَّمَاوَ اتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاء اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ ) فهي تجسد العذاب بصورته (88) (وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَ ا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُون َ) وألوانه المتعددة (90) (وَمَن جَاء بِالسَّيِّ ئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُم ْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُون َ) كما ترك لنا أوابد الآخرين وصروحهم دليلا (52) (فَتِلْكَ بُيُوتُهُم ْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُون َ) فهي أدلة وشواهد على سوء العاقبة وبئس المصير, وتكون لنا عبرة, (69) (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِم ِينَ) عبرة تستحق التأمل بعمق وروية وتعقل (85) (وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِم بِمَا ظَلَمُوا فَهُمْ لَا يَنطِقُونَ ) لقد فتح الله أمامنا أبوابا للهدى وحثّنا عليها بكثير من التذكير والتفسير فلا يبقى لنا إلا نور البصيرة ومغالبة النفس الأمارة بالسوء (81) (وَمَا أَنتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَن ضَلَالَتِه ِمْ إِن تُسْمِعُ إِلَّا مَن يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَ ا فَهُم مُّسْلِمُو نَ) صدق الله العظيم.