♥ ☆ ♥ فعاليات بحر الامل ♥ ☆ ♥
|
|||||
♥ ☆ ♥اعلانات بحر الامل ♥ ☆ ♥
|
|
۩{ علوم منوعة من آلقرآن آلكريم }۩ قَسَمَ يَهَتَمَ بَاَلَقَرَآنَ وًّاَلَتَفَسَيَرَ وًّاَلَقَرَاَءاَتَ .. |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||||||||||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||||||||||
الكتاب في كتاب الله تعالى (8)
الكتاب في كتاب الله تعالى (8)
الكتاب بمعنى المكتوب أو المفروض و"الكتاب" يأتي بمعنى "المكتوب"، أو "المفروض" في كتابِ الله تعالى. ♦ قولهُ تعالى: ﴿ وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الكِتَابُ أَجَلَهُ ﴾ [سورة البقرة: 235]. قال علماءُ التفسير، كما أوردهُ لهم ابنُ كثير: حتى تنقضيَ العِدَّة. وتفسيرُ مفرداتِ الآيةِ كما ذكرهُ الآلوسيُّ رحمهُ الله: أي: ينتهي ما كتبَ وفرضَ من العِدَّة. ويعني أن الكتابَ هنا بمعنى "المكتوب" أو "المفروض"، وهو كما في قولهِ سبحانه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [سورة البقرة: 183]. فـ "كُتِبَ" هنا بمعنى فُرِض. ♦ وكذلك الصلاة، فهي كتاب، أي فَرض، كما في قولهِ عزَّ وجلَّ: ﴿ إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَّوْقُوتاً ﴾ [سورة النساء: 103]. أي: إنَّ الصَّلاةَ مفروضةٌ على المؤمنينَ ومحدودةُ الأوقات، لا يجوزُ إخراجُها عن أوقاتها. ♦ ومثلهُ قولُ العليمِ الحكيم: ﴿ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللّهِ عَلَيْكُمْ ﴾ [سورة النساء: 24]. أي: هذا التحريمُ كتبَهُ اللهُ عليكم (أي: فرَضَهُ) فالتَزِموا شَرْعَه. وتفسيرُ الآية، كما في (الواضح في التفسير) للكاتب: ويَحرُمُ عليكم الزَّواجُ بالنِّساءِ ذواتِ الأزواج، إلاّ ما ملكتُموهنَّ بالسَّبي، فيجوزُ لكم وطؤهنَّ ولو كان لهنَّ أزواجٌ في دارِ الحرب، بعدَ استبرائهنّ، وهو انقضاءُ عِدَّتهنّ، لأنَّ بالسَّبي يَرتفعُ النكاحُ بينهنَّ وبين أزواجِهنَّ السابقين. ♦ وهذا قريبٌ أو مطابقٌ للمعنَى المرادِ من قولهِ تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله كِتَاباً مُّؤَجَّلاً ﴾ [سورة آل عمران: 145]، أي: لا تموتُ نفسٌ إلا إذا قدَّرَ الله لها ذلك، أجَلاً مرسومًا، في الوقتِ المحدَّدِ لها، بدونِ تقديمٍ ولا تأخير. فيكون معنى "كتابًا" هنا: "فرْضًا". الكتاب بمعنى الحُكم والقضاء وقريبًا من (المكتوب، أو المفروض) أو بمعناه، أن يردَ لفظُ (الكتابِ) ويُرادُ به "الحُكم": ♦ قولُ ربِّنا تباركَ وتعالى: ﴿ لَّوْلاَ كِتَابٌ مِّنَ اللّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [سورة الأنفال: 68]. أي: ولولا حُكمٌ منَ اللهِ في اللَّوحِ المحفوظ، بأنْ لا يعذِّبَ قَوماً قبلَ تقديمِ ما يبيِّنُ لهم أمراً أو نَهياً، لأصابَكم فيما أخذتُموهُ منَ الفِداءِ منَ الأسرَى عذابٌ كبير. (الواضح). فـ"كتاب" هنا بمعنى "حُكم"، وهو الأمرُ الذي فرضَه. ♦ ومثلهُ قولهُ سبحانه: ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ ﴾ [سورة الروم: 56] أي: قالَ لهم العلماءُ مِن المؤمنين: لقد بقيتُم في قضاءِ اللهِ وحُكمهِ مِن يومِ خَلقِكم في الدُّنيا إلى يومِ البَعث. ♦ وقولهُ تعالى: ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [سورة الروم: 56]. قال القاضي البيضاوي: ﴿ وَقَالَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ وَٱلإِيمَـٰنَ ﴾ [سورة الروم: 56] من الملائكةِ والإِنسَ: ﴿ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِى كِتَـٰبِ ٱللَّهِ ﴾ [سورة الروم: 56]: في علمهِ أو قضائه، أو ما كتبَهُ لكم، أي أوجبه، أو اللوح، أو القرآن. وقال الإمامُ الطبري: ﴿ فِـي كِتابِ اللّهِ ﴾ [سورة الروم: 56] يقول: فـيما كتبَ الله مما سبقَ فـي علـمهِ أنكم تلبثونه. وتفسيرُ الآيةِ كلِّها: قالَ لهم العلماءُ مِن المؤمنين: لقد بقيتُم في قضاءِ اللهِ وحُكمِهِ مِن يومِ خَلْقِكم في الدُّنيا إلى يومِ البعث، وهذا هو يومُ البعثِ الذي كنتُم تُوعَدونَ بهِ في الدُّنيا، ولكنَّكم كنتُم مقصِّرين في النظرِ والتدبُّر، معاندينَ للرسل، ومصرِّينَ على الكفرِ والتَّكذيب، وما كنتُم مؤمِنينَ بالبعثِ والحسابِ على الأعمال. (الواضح في التفسير). ♦ الآيةُ الثالثةُ من سورةِ البيِّنة، قولهُ تعالَى: ﴿ رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً * فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ ﴾ [البينة: 2، 3]. في معنَى الكتابِ هنا اختلافٌ كبير، بسطَ فيه القولَ صاحبُ (روح المعاني) وقال العلامةُ القرطبيُّ في تفسيره:... قال بعضُ أهلِ العلم: الصحفُ هي الكتب، فكيف قال في صحف: فيها كُتب؟ فالجواب: أن الكتبَ هنا: بمعنَى الأحكام؛ قال الله عزَّ وجلَّ: ﴿ كَتَبَ ٱللَّهُ لأَغْلِبَنَّ ﴾ [سورة المجادلة: 21] بمعنَى حكم. وقال صلى الله عليه وسلم: "والله لأقضِينَّ بينكما بكتابِ الله "، ثم قضَى بالرجم، وليس ذِكرُ الرجمِ مسطوراً في الكتاب، فالمعنَى: لأقضينَّ بينكما بحكمِ الله تعالى. وقال الشاعر: وما الولاءُ بالبلاءِ فمِلْتُمُ ♦♦♦ وما ذاكَ قال اللَّهُ إذ هو يَكْتُبُ وقيل: الكتبُ القيِّمة: هي القرآن، فجعلَهُ كتباً لأنه يشتملُ على أنواعٍ من البيان. اهـ. وقال البغوي: ﴿ فِيهَا ﴾ [البينة: 3] أي: في الصحف، ﴿ كُتُبٌ ﴾ [البينة: 3] يعني الآياتِ والأحكامَ المكتوبةَ فيها، ﴿ قَيِّمَةٌ ﴾ [البينة: 3]: عادلةٌ مستقيمةٌ غيرُ ذاتِ عِوَج. اهـ. وكذا ذكرَ الواحدي في (الوجيز) أن الكتبَ بمعنَى الأحكام. وقال ابنُ الجوزي في (زاد المسير): ﴿ فِيهَا ﴾ [البينة: 3] أي: في الصحف، ﴿ كُتُبٌ قَيِّمَةٌ ﴾ [البينة: 3] أي: عادلةٌ مستقيمةٌ تبيِّنُ الحقَّ من الباطل، وهي الآيات. قال مقاتل: وإنما قيل لها (كتب) لما جمَعتْ من أمورٍ شتَّى. اهـ. واختارَ النسفي الكتابَ بمعنَى المكتوب، فقال: في الصحفِ مكتوبات، مستقيمة، ناطقةٌ بالحقِّ والعدل. أما اختيارُ الطبري وموافقةُ ابنِ كثيرٍ له فهو قولهُ: في الصحفِ المطهَّرةِ كتبٌ من الله قيِّمةٌ عادلةٌ مستقيمة، ليس فيها خطأ، لأنها من عندِ الله. وحديثًا أوَّلَهُ الشيخُ الطاهر بن عاشور في تفسيرهِ المشهور (التحرير والتنوير) باجتهادٍ من عنده، فقال ما ملخصه: ووصفَ الصحفَ التي يتلوها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لأن فيها كتباً، والكتب: جمع كتاب، وهو فِعَال، اسمٌ بمعنَى المكتوب، فمعنَى كونِ الكتبِ كائنةً في الصحف، أن الصحفَ التي يُكتَبُ فيها القرآنُ تشتملُ على القرآن، وهو يشتملُ على ما تضمَّنتهُ كتبُ الرسلِ السابقين، مما هو خالصٌ من التحريفِ والباطل، فالقرآنُ زبدةُ ما في الكتبِ الأُولَى، ومجمعُ ثمرتها، فأُطلِقَ على ثمرةِ الكتبِ اسمُ (كُتب) على وجهِ مجازِ الجزئية. والمرادُ بالكتبِ أجزاءُ القرآن، أو سوَره، فهي بمثابةِ الكتب. اهـ. واخترتُ ما اختارَهُ بعضُ المفسِّرين، من أن الكتابَ بمعنَى كتب، أي: قضَى وحكَم، ففي كتابِ الله تعالَى قضاؤهُ وأحكامه. ولذلك جاءَ تفسيرُ الآيةِ في (الواضح): في تلكَ الصُّحفِ آياتٌ صادقة، وأحكامٌ عادلةٌ مستقيمة، تَهدي إلى الحقّ. الكتاب بمعنى الوثيقة أو الحجة والدليل ويمكنُ أن يقالَ إن "الكتاب" يأتي بمعنى "الوثيقة" أو "الحجَّة" و"الدليل"، وإن كان اعتبارهُ يعودُ إلى "جنس الكتاب" السماوي، أي: يكونُ من عند الله: ♦ كما في قولِ ربِّنا تبارك وتعالى ردًّا على الكفارِ الذين قالوا إن الملائكةَ بناتُ الله - تعالى الله -: ﴿ فَأْتُوا بِكِتَابِكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [سورة الصافات: 157]. أي: فأتُوا بحجَّتكم تكونُ دليلاً على ما تدَّعون، إذا كنتُم صادقين فيما تقولون، فإنَّهُ لا يعلمُ خَلقَ الملائكةِ إلاّ الله (الواضح في التفسير). وقد فسَّرهُ قتادةُ بقوله: "عذركم"، كما أوردهُ له الطبري في تفسيره، والسيوطي في "الدرِّ المنثور" عند تفسير ِالآية. والعذر: الحجَّة. وقال الشوكاني أي: فأتوا بحجَّتكم الواضحةِ على هذا إن كنتم صادقين فيما تقولونه، أو فأتوا بالكتابِ الذي ينطقُ لكم بالحجَّةِ ويشتملُ عليها. الكتاب بمعنى الأجل و"الكتاب" يأتي بمعنى "الأجل" نفسه، وإن جاءَ مقرونًا به في آياتٍ سابقة: ♦ كما في قولهِ عزَّ وجلَّ: ﴿ وَمَا أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ إِلاَّ وَلَهَا كِتَابٌ مَّعْلُومٌ ﴾ [سورة الحجر: 4]. قال ابنُ الجوزي رحمَهُ الله في (زاد المسير): ﴿ إِلاَّ وَلَهَا كِتَابٌ مَّعْلُومٌ ﴾ [سورة الحجر: 4]: أي: أجَلٌ مؤقَّتٌ لا يتقدَّمُ ولا يتأخَّرُ عنه. اهـ. وتفسيرها: ما أوقَعنا العذابَ بأهلِ قريةٍ أو مدينةٍ منَ المدنِ إلاّ بعدَ إنذارِهم، وانتهاءِ المدَّةِ التي ضُرِبَتْ لهم، لا يُنسَى أجَلُهم ولا يُغْفَلُ عنه، بل هو معلومٌ مقدَّرٌ عند اللهِ في اللَّوحِ المحفوظ. (الواضح في التفسير). الكتاب بمعنى صحف الأعمال ويُطلَقُ "الكتاب" ويُرادُ به "صحف الأعمال" التي فيها أعمالُ العباد، فهي سجلُّ أعمالهم: ♦ وهذ وردَ في أكثرَ من آية، منها قولُ الربِّ سبحانه: ﴿ وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا * اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا ﴾ [سورة الإسراء: 13- 14]. فالمرادُ بالكتابِ في الآيتين: صحيفةُ الأعمال، كما ذكرَهُ المفسِّرون. وتفسيرُ الآيةِ الأولَى: وكلُّ إنسانٍ مُلزَمٌ بما صدرَ منه باختيارِه، مِن خيرٍ وشرّ، على حسَبِ ما قُدِّرَ له، فيُحاسَبُ على ما قدَّمَ ويُجازَى عليهِ يومَ القيامَة، فيُخرَجُ لهُ كتابٌ يَراهُ مفتوحًا، فيهِ جميعُ أعمالِهِ طوالَ حياتهِ في الدُّنيا، صغيرُها وكبيرُها، ما أسَرَّ منها وما أعلَن. وتفسيرُ الآيةِ الأخرى: هذهِ هي صحائفُ أعمالِكَ أيُّها الإنسان، قد دُوِّنَتْ في هذا الكتابِ كما وُعِدْتَ به، لم يَشُذَّ عنها شيء، ما نَسِيتَ وما لم تَنسَ، وليسَ فيها شيءٌ خارجَ الحساب، فكلُّها تَخصُّك، اقرأها كلمةً كلمة، وستَرَى أنَّكَ لم تُظلَمْ مقدارَ ذرَّة، ولا تحتاجُ إلى شاهدٍ يَشهَدُ لكَ أو عليك، فكفَى بكَ حسيبًا على عملِك، وأنتَ صاحبُه. (الواضح في التفسير). ♦ وكذا قولهُ سبحانه: ﴿ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولَئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا ﴾ [سورة الإسراء: 71]. قال الإمامُ الطبريُّ رحمَهُ الله: فمن بُعِثَ متَّقـيًا للهِ جُعِلَ كتابهُ بيمينه، فقرأهُ واستبشر، ولم يُظلَم فتيلاً. ♦ وبمعناهُ أيضًا قولهُ تعالى: ﴿ وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا ﴾ [سورة الكهف: 49]. تفسيرها: ووُضِعَتْ صحائفُ الأعمالِ في أيدي أصحابِها، وفيها كلُّ ما قالوهُ وعملوهُ في الدُّنيا، كبيرًا كانَ أو صغيرًا، وترَى الكفرةَ المجرمينَ خائفينَ مذعورينَ ممّا في كتابِهم منَ الجرائمِ والمنكَراتِ والذُّنوبِ العِظام، وهم يقولونَ متعجِّبينَ ومتحَسِّرين: يا ويلَنا وهلاكَنا، ما شأنُ هذا الكتابِ لا يتركُ ذنبًا صغيرًا ولا كبيرًا إلاّ وسجَّلَه؟! (الواضح في التفسير). ♦ وقولهُ تعالى: ﴿ وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [سورة المؤمنون: 62]. قال الإمامُ القرطبيُّ ما ملخصه: أظهرُ ما قيلَ فيه: إنه أرادَ كتابَ إحصاءِ الأعمالِ الذي ترفعهُ الملائكة؛ وأضافَهُ إلى نفسهِ لأن الملائكةَ كتبتْ فيه أعمالَ العبادِ بأمره، فهو ينطقُ بالحق. وقيل: عنَى اللوحَ المحفوظ، وقد أُثبِتَ فيه كلُّ شيء، فهم لا يجاوزون ذلك. وقيل: الإشارةُ بقوله: ﴿ وَلَدَيْنَا كِتَابٌ ﴾ [سورة المؤمنون: 62] القرآن. فالله أعلم. وكلٌّ محتمل، والأوَّل أظهر. يعني أن القرطبيَّ يرجِّحُ معناهُ صحفَ الأعمال. وهو ما اختاره الطبريُّ وابنُ كثيرٍ وغيرهما. ♦ وقولهُ سبحانه: ﴿ وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاء وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [سورة الزمر: 69]. نقل الطبريُّ معنى (الكتابِ) عن قتادةَ قوله: كتابُ أعمالهم. وعن السدِّي: الحساب. وتفسيرُ الآية: وأضاءَتْ أرضُ المحشرِ يومَ القيامَةِ بنورِ خالقِها، ووُضِعَتْ صحائفُ الأعمالِ للحساب، وجيءَ بالنَّبيِّينَ ليَشهَدوا أنَّهم بلَّغوا أُمَمَهم رسالاتِ ربِّهم، وجيءَ بالشُّهداءِ مِن الملائكةِ الحفَظَةِ على أعمالِ العباد، وهم لا يُظلَمونَ شيئًا مِن ثوابِ أعمالِهم، فلا يُنقَصُ مِن أَجر، ولا يُزادُ في عقاب. (الواضح في التفسير). ♦ وقولهُ عزَّ وجلَّ: ﴿ وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [سورة الجاثية: 28]. أوردَ القرطبيُّ الخلافَ في المرادِ من (الكتابِ) في الآية، فقال: قال يحيى بن سلام: إلى حسابها. وقيل: إلى كتابها الذي كان يُستَنسخُ لها فيه ما عملتْ من خيرٍ وشرّ، قالَهُ مقاتل، وهو معنى قولِ مجاهد. وقيل: ﴿ كِتابِهَا ﴾ [سورة الجاثية: 28]: ما كتبتِ الملائكةُ عليها. وقيل: كتابُها المنزَلُ عليها ليُنظرَ هل عملوا بما فيه؟ وقيل: الكتابُ هاهنا اللوحُ المحفوظ. اهـ. ولعلَّ الأقربَ هو ما وردَ بمعنى صحيفةِ العمل، ويكونُ تفسيرُ الآية: وترَى كلَّ أمَّةٍ مِن الأممِ المجموعة، المتميِّزةِ عن بعضِها البعض، باركةً على رُكَبِها، على هيئةِ الخائفِ الذَّليلِ الذي لا يدري ما يُفعَلُ به، مِن هولِ ذلكَ اليومِ وشدَّتِه، كلُّ أمَّةٍ فيها تُدعَى إلى صحيفةِ أعمالِها التي كتبَها الحفَظَة، اليومَ تُحاسَبونَ على أعمالِكم، وتُجزَونَ عليها جميعَها، إنْ خيرًا، أو شرًّا. (الواضح في التفسير). ♦ ولفظُ (الكتابِ) في الآيةِ التاليةِ لها بالمعنى نفسه، وهي: ﴿ هَذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [سورة الجاثية: 29]. وقد نقلَ الإمامُ الطبري عن ابنِ عباسٍ رضيَ الله عنهما أن الكتابَ هنا معناهُ اللوحُ المحفوظ. لكن ذهبَ آخرون إلى أن المرادَ صحائفُ الأعمال، كما يدلُّ عليه ما بعده. وقال غيرهم إن المقصودَ الكتابُ المنزلُ على نبيِّ كلِّ أمة، أو هو القرآن. قال صاحبُ (روح المعاني): الأظهرُ عندي حملُ الكتابِ في الموضعين على صحيفةِ الأعمال. وقال القاضي البيضاوي أيضًا: أضافَ صحائفَ أعمالهم إلى نفسهِ لأنه أمرَ الكتبةَ أن يكتبوا فيها أعمالهم. كما أفادَهُ الفخرُ الرازي والبغوي.. وتفسيرُ الآيةِ كاملة: هذا ديوانُ الحفَظَة، الذي دوَّنوا فيهِ جميعَ أعمالِكم التي قدَّمتُموها في الحياةِ الدُّنيا، يَشهَدُ عليكم بالحقِّ والعدل، بدونِ زيادةٍ ولا نقصان، لقد كنَّا نأمرُ الملائكةَ أنْ يكتبوا أقوالَكم وأعمالَكم جميعَها. (الواضح). ♦ وبمعنى صحفِ الأعمالِ أيضًا قولهُ تعالى: ﴿ فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ ﴾ [سورة الحاقة: 16]. يخبرُ تعالَى عن سعادةِ مَن يُؤتَى كتابَهُ يومَ القيامةِ بيمينه، وفرحَهُ بذلك، وأنه من شدَّةِ فرحهِ يقولُ لكلِّ من لقيه: ﴿ هَآؤُمُ ٱقْرَؤُاْ كِتَـٰبيَهْ ﴾ [سورة الحاقة: 16] أي: خذوا اقرؤوا كتابيه؛ لأنه يعلمُ أن الذي فيه خيرٌ وحسناتٌ محضة.. (ابن كثير). ♦ وبمعنى صحيفةِ العملِ أيضًا، مع تباينِ محتواها عن سابقها، الآيةُ (25) من السورةِ نفسها: ﴿ وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَالَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ ﴾ [الحاقة: 25]. أي: وأمَّا مَن أُوتيَ صحيفةَ أعمالهِ بيدهِ الشِّمال، فيَندمُ غايةَ الندم، ويقول: يا ليتني لم أُعْطَ صحيفتي. (الواضح). ♦ وقولهُ تعالى: ﴿ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَاباً ﴾ [سورة النبأ: 29]. اختلفَ المفسِّرون بين أن يكونَ معنَى (الكتاب) هنا صحيفةَ العمل، أو اللوحَ المحفوظ، أو أُريدَ به العلم، فإن ما كُتِبَ كان أبعدَ من النسيان، أو أنه مصدرٌ موكدٌ للفعل، فإن أحصَى مثلُ كتبَ بمعنى ضبطَ. قال الطبريُّ رحمَهُ الله: يقولُ تعالَى ذكره: ﴿ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَاباً ﴾ [سورة النبأ: 29]: فكتبناهُ كتاباً، كتبنا عددَهُ ومبلغَهُ وقدره، فلا يغرُبُ عنا علمُ شيءٍ منه. قلت: ويَؤولُ هذا المصدرُ إلى أن هذه الكتابةَ تكونُ في صحفِ الأعمال. وقال ابنُ كثيرٍ في تفسيرِ الآية: أي: وقد علمنا أعمالَ العبادِ كلِّهم، وكتبناها عليهم، وسنجزيهم على ذلك، إنْ خيرًا فخير، وإنْ شرًّا فشرّ. ♦ وقولهُ تعالى: ﴿ كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ ﴾ [سورة المطففين: 7]. قال صاحبُ (روح المعاني): ﴿ كِتَابَ ﴾ [سورة المطففين: 7] قيل: بمعنى مكتوب، أي: ما يُكتَبُ من أعمالِ الفجّار.. وقيل: مصدرٌ بمعنَى الكتابة. وهو نقلٌ مما قالَهُ البيضاوي: ما يُكتَبُ من أعمالهم، أو كتابةُ أعمالهم. وقال ابنُ كثير: أي إن مصيرهم ومأواهم لفي سجين. اهـ. ويعني بذلك أجلهم، أو الحكمَ الصادرَ فيهم. وقال البغوي: ﴿ إِنَّ كِتَـٰبَ ٱلْفُجَّارِ ﴾ [سورة المطففين: 7]: الذي كُتِبتْ فيه أعمالهم. ولخَّصَ القرطبيُّ معنَى الآيةِ فقال: والمعنى: كتابُهم في حبس، جعلَ ذلك دليلاً على خساسةِ منزلتهم، أو لأنه يَحلُّ من الإعراضِ عنه والإبعادِ له محلَّ الزجرِ والهوان. ♦ والآيةُ التاسعةُ من السورةِ نفسها: ﴿ كِتَابٌ مَرْقُومٌ ﴾ [المطففين: 9]. وصفٌ لكتابِ الفجِّار، فيكونُ المرادُ صحيفةَ عملهم، وإن كان تصريفهُ اللغويُّ يفيدُ مصدريته. قال ابنُ كثيرٍ رحمَهُ الله: تفسيرٌ لما كُتِبَ لهم من المصيرِ إلى سجِّين، أي: مرقومٌ مكتوبٌ مفروغٌ منه، لا يُزادُ فيه أحد، ولا يُنقَصُ منه أحد. وقال القرطبي: أي مكتوبٌ كالرقْمِ في الثوب، لا يُنْسَى ولا يُمْحَى. وعند البغوي، في توضيحٍ أخير: ﴿ كِتَابٌ مَرْقُومٌ ﴾ [المطففين: 9]: ليس هذا تفسيرَ السجِّين، بل هو بيانُ الكتابِ المذكورِ في قوله: ﴿ إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ ﴾ [المطففين: 7] أي: هو كتابٌ مرقوم، أي: مكتوبٌ فيه أعمالُهم، مثبتَةٌ عليهم كالرقْم في الثوب، لا يُنسَى ولا يُمحَى حتى يجازوا به. ♦ وبمعنى سجلِّ الأعمالِ ولكنْ بمحتوًى مختلف، قولهُ سبحانهُ وتعالَى: ﴿ كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ ﴾ [سورة المطففين: 18]. أي: كلاّ لكتابِ الفُجَّار. إنَّ سجِلَّ أعمالِ عبادِ اللهِ الأبرارِ المطيعينَ في عِلِّيِّين (الذي يوحي بالعُلوِّ والارتِفاع). (الواضح). قال الإمامُ ابنُ جريرٍ الطبري: والأبرارُ جمع بَرّ، وهم الذين برُّوا اللهَ بأداءِ فرائضه، واجتنابِ محارمه. وقد كان الحسنُ يقول: هم الذين لا يؤذون شيئاً حتى الذَّرّ. ♦ والآيةُ (20) من السورةِ نفسها: ﴿ كِتَابٌ مَرْقُومٌ ﴾ [المطففين: 9] سبقَ بيانُها قبلَ سطور. ♦ وقال الله تعالى: ﴿ فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا ﴾ [الانشقاق: 7، 8]. قال النسفي: ﴿ فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ ﴾ [الانشقاق: 7] أي: كتابَ عمله، ﴿ فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا ﴾ [الانشقاق: 8]: سهلاً هيِّنًا، وهو أن يُجازَى على الحسنات، ويُتجاوزَ عن السيئات. وقد بيَّنَ الفخرُ الرازيُّ معنَى الحسابِ اليسيرِ فقال: الحسابُ اليسيرُ هو أن تُعرَضَ عليه أعماله، ويَعرفَ أن الطاعةَ منها هذه، والمعصيةَ هذه، ثم يثابَ على الطاعة، ويُتجاوزَ عن المعصية. فهذا هو الحسابُ اليسير؛ لأنه لا شدَّةَ على صاحبهِ ولا مناقشة، ولا يُقالُ له: لم فعلتَ هذا؟ ولا يُطالَبُ بالعذرِ فيه، ولا بالحجَّةِ عليه، فإنه متى طولبَ بذلك لم يجدْ عذرًا ولا حجَّةً فيفتضح. ♦ والآيةُ (10) من السورةِ نفسها: ﴿ وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ * فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا * وَيَصْلَى سَعِيرًا ﴾ [الانشقاق: 10 - 12]. أي: وأمَّا مَن أُوتيَ صحيفةَ أعمالهِ بيدهِ الشِّمالِ مِن وراءِ ظهرِه، وهي علامةٌ على الخيبةِ والخسران، فسوفَ يُنادي بالويلِ والهلاكِ على نفسه، ويَدخلُ جهنَّمَ ويقاسي حرَّها وعذابَها. (الواضح). أ. محمد خير رمضان يوسف
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
2020-03-02, 04:51 PM | #2 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|