أكدت دراسة حديثة أن نفاد الصبر في لحظات الضغط والتوتر التي يمكن أن يمر بها أي شخص، قد يساعده على الشعور بالهدوء النفسي والسكينة بعيداً عن الشعور بالغضب والعصبية. تقول الكاتبة توني بيرنهارد جي دي: إن الصبر - وفقاً للقاموس - يعني قدرة الشخص على قبول أو تحمل التأخير أو المشقة أو الانزعاج من دون أن يتملكه الشعور بالغضب أو الاستياء. في الحقيقة، لا يوجد شخص تكون حياته اليومية خالية من هذه الثلاثة: «الانزعاج - الغضب - الاستياء»، وغالباً ما يواجهها ... فعل غاضب، مما يسبب له إرهاقاً نفسياً. ونتيجة لذلك، فإن الكاتبة بدأت في بذل جهد متعمد حتى تتعامل مع صفات التأخير أو المشقة أو الانزعاج، لتجد أن أفضل ما يمكنها فعله هو تحمل وتقبل وجود هذه الصفات اللصيقة ببعض الأشخاص.
وسيلة للتعامل مع النفس الداخليةوفي ضوء ذلك، توصلت إلى نتيجتين:
الأولى: أن التحلي بالصبر هو وسيلة للتعامل مع النفس الداخلية بقدر من الرحمة والرأفة والتعاطف، فالشخص غير الصبور يشعر بالتوتر في عقله وجسده، مما يؤثر على صحته النفسية والجسدية.
والثانية: أن التحلي بالصبر يؤدي إلى الشعور بالتوازن وصفاء الذهن، فيتمكن الشخص من التعامل مع المحيطين به. ومن ثم توصي الكاتبة بضرورة تعلم ممارسة صفة الصبر .
طرحت الكاتبة أفكارها حول ممارسة صفة الصبر في كتابٍ لها بعنوان «كيف تستيقظ: دليل لاستكشاف الفرح والإحباط»، عن كيفية العيش بشكل جيد مع الألم والمرض المزمن كدليل مدروس،
ومن أهم الأفكار التي تناولتها في كتابها ما يلي:
1 - الاعتراف بنفاد الصبر يميل الأشخاص إلى الاعتقاد بأن سبب نفاد صبرهم هو حدوث أمر خارجي في البيئة المحيطة بهم، ولكن هذا ليس صحيحا، فالسبب الحقيقي يرتبط بما يدور في أذهانهم تجاه أي ظروف يمرون بها. لذلك يتعين عليهم الانتباه عند نفاد صبرهم الداخلي كرد على عدم الحصول على ما يريد على الفور. كما يستطيعون أن يحددوا بعض مسببات نفاد الصبر لديهم والتي يمكن أن تشمل: الانتظار لمدة طويلة، الوقوف في طابور طويل، صعوبة تحديد مشكلة الكمبيوتر، انتظار طويل في عيادة الطبيب المعالج، فضلاً عن الاضطرار إلى الاستماع إلى أحد الأشخاص الذي يستغرق وقتاً طويلاً لشرح شيء بسيط.
4 مسببات لانعدام الصبر ومن ثم، تمكن ملاحظة كيف ينفد صبر الشخص عندما لا يحقق مبتغاه، وعلى وجه التحديد عندما لا يتوافق الأشخاص أو البيئة أو الظروف مع توقعاته. وفي هذا الشأن، تشير الكاتبة إلى أن توقعات الأشخاص غالباً ما تكون غير متوافقة مع الواقع.
وتطرح أربعة عناصر يمكن أن تكون جميعها مسببات لانعدام الصبر عند بعض الأشخاص، كما يلي:
1 - يميل الشخص إلى توقع أن تتوافق البيئة مع توقعاته، حيث لا توجد اختناقات مرورية، توافر أماكن لانتظار السيارات بالقرب من وجهته، لا تأخيرات في حركة الطائرات، عدم الانتظار طويلاً حتى يتناول الطعام في أحد المطاعم.
2 - يميل الشخص إلى توقع أن يتوافق الناس مع توقعاته، حيث يجب أن يتصرف الآخرون بالطريقة التي يعتقد الشخص أنهم يجب أن يتصرفوا بها.
3 - غالباً ما تكون توقعات الشخص غير واقعية عندما يتعلق الأمر بإتقان مهارات جديدة، كتعلم مهارة جديدة لحل المشكلة، حيث يعتقد الشخص أنه يتعين عليه أن يكون قادرا على إتقان مهارات جديدة بسرعة، بغض النظر عن مدى صعوبة أو غرابة تلك المهارات بالنسبة إليه.
4 - توقعات الشخص تكاد تكون غير واقعية دائماً عندما يتعلق الأمر بما يدور في ذهنه، حيث يعتقد أنه يجب أن يكون قادرا على التحكم في أفكاره ومشاعره المتولدة، لكن الأفكار والعواطف غير المرغوب فيها تنبثق طوال الوقت.
2 - الشعور بفقدان إن السماح للنفس أن تشعر بفقدان الصبر هو خطوة رئيسية نحو قبول وجود هذه الصفة. ويتعين على الشخص أن يكون على دراية بما يشعر به من عدم الصبر في ذهنه أو جسده، فيحدد هل عقله هادئ أم مضطرب؟ هل جسمه مرتاح أم متوتر؟ ويتعين عليه أن يدرك أن شعوره بعدم الرضا في موقف معين يحفزه نحو محاولة تغيير الطريقة التي يتعامل بها مع صفات التأخير أو المشقة أو الإزعاج التي سبق الحديث عنها في بداية المقال.
3 - تحويل نفاد الصبر إلى صبر
لأن الصبر عمل من أعمال التعاطف الذاتي، فإن على الشخص أن يتعامل مع نفسه برحمة وتعاطف، وذلك بسبب عدم قدرته على التحلي بالصبر في بعض الأحيان. ومع ذلك، تقدم الكاتبة توني بيرنهارد بعض الاستراتيجيات للمساعدة في تحويل نفاد الصبر إلى صبر كما يلي: بالنسبة إلى الأوقات التي لا تتوافق فيها البيئة أو الأشخاص مع توقعات الشخص، على سبيل المثال إذا تعثر في ازدحام مروري بأحد الشواع؛ عليه: 1 - أن يلاحظ أنه يستجيب تجاه الحالة بصبرٍ نافد.
2 - عليه أن ينتبه إلى ما يشعر به داخل عقله وجسده، ثم يسأل نفسه: «هل هناك أي شيء يمكنني فعله لتغيير الموقف من دون أن أزيد الأمور سوءاً بالنسبة لي أو للآخرين؟»، إذا كان الجواب «لا» (وهو دائماً ما يكون لا)، فعليه أن يحول تركيزه على شيء ممتع أثناء انتظاره. هذه ممارسة تمرين الذهن، بمعنى أن الشخص يقوم ببذل مجهود واضح ليغير اهتمامه بكل ما يجري حوله داخل ذهنه. ومن ثم، عندما يشعر الشخص بنفاد الصبر، يمكنه تجربة شيء يثير فضوله أو اهتمامه بما يساعده على تجنب الشعور بالغضب تجاه الظروف المحيطة والتحلي بالصبر. فمثلاً، في حالة ازدحام حركة المرور، يمكن للشخص أن يتحقق من الماركات والموديلات المختلفة وأعمار السيارات على الطريق، أو يمكنه بدء الدردشة مع شخص آخر موجود في السيارة، أو يمكنه العثور على محطة إذاعية للاستماع إليها.