عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 2021-04-03, 09:08 AM
نزف القلم متواجد حالياً
Saudi Arabia    
اوسمتي
الالفيه الخامسه والخمسين وسام عضو سحري يوم الوطني وسام المعايده وسام شكر وتقدير وسام قلم مبدع 
 عضويتي » 30
 جيت فيذا » 14-08-2018
 آخر حضور » 2024-05-21 (09:04 AM)
آبدآعاتي » 55,848
الاعجابات المتلقاة » 11591
الاعجابات المُرسلة » 3978
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »  Female
آلقسم آلمفضل  » الاسلامي
آلعمر  » 17سنه
الحآلة آلآجتمآعية  » مرتبط
 التقييم » نزف القلم has a reputation beyond reputeنزف القلم has a reputation beyond reputeنزف القلم has a reputation beyond reputeنزف القلم has a reputation beyond reputeنزف القلم has a reputation beyond reputeنزف القلم has a reputation beyond reputeنزف القلم has a reputation beyond reputeنزف القلم has a reputation beyond reputeنزف القلم has a reputation beyond reputeنزف القلم has a reputation beyond reputeنزف القلم has a reputation beyond repute
مشروبك  » مشروبك   7up
قناتك   » قناتك abudhabi
ناديك  » اشجع ithad
مَزآجِي  »
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي تفسير الربع الثاني من سورة يوسف كاملاً بأسلوب بسيط



الربع الثاني من سورة يوسف
الآية 30: ﴿ وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ ﴾ - بعد أن وصل إليهنَّ خبر امرأة العزيز ويوسف - فتحدثنَ به وقلنَ: ﴿ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ ﴾ أي تحاول فِتنة خادمها، إنه ﴿ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا ﴾: أي قد وصل حُبّها لَهُ إلى شَغَافِ قلبها (أي غِلافه)، ﴿ إِنَّا لَنَرَاهَا ﴾ - بهذا الفعل - ﴿ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ أي في ضلالٍ واضح، إذ كيف تُحِبُّ عبدًا لها، على الرغم مِن شَرَفِها وعُلُوّ مَكانتها؟!
الآية 31: ﴿ فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ ﴾: أي فلَمّا بَلَغَ امرأةَ العزيز ذمُّ هؤلاء النسوة لها: ﴿ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ ﴾ تدعوهنّ لزيارتها ﴿ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً ﴾: أي وأعَدَّتْ لهنّ ما يَتَّكِئنَ عليه من الوسائد، وما يأكُلْنَهُ من الطعام، ﴿ وَآَتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا ﴾ لأنها أعطتهنّ طعامًا يَحتاج إلى تقطيع، ﴿ وَقَالَتِ ﴾ ليوسف: ﴿ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ ﴾ ﴿ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ ﴾ أي أعظَمْنَهُ في نفوسهنّ، وشَغَلَهُنّ حُسنه وجماله ﴿ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ ﴾: أي جَرَحْنَ أيديهنّ وهُنَّ يُقَطِّعنَ الطعام (بسبب الدهشة والذهول الذي أصابهنّ ﴾، ﴿ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ ﴾ أي تنزيهًا للهِ تعالى عن العَجز بأنْ يَخلق مِثل هذا الجمال، ﴿ مَا هَذَا بَشَرًا ﴾ لأنّ جماله غير مَعهود في البشر، ﴿ إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ ﴾ أي: ما هذا إلا مَلَك كريم من الملائكة (وظاهر هذه الجملة أنّ المَصريين حِينئذٍ كانوا يَعتقدون في وجود الملائكة).
♦ وقد قال بعض المُفسرين في وصف اللهِ تعالى لكلامهنّ بالمَكر - وذلك في قوله: ﴿ فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ ﴾ - أنَّهُنَّ أرَدْنَ بإنكارهنّ على امرأة العزيز أن يَصل قولهنّ إليها، فيكون ذلك سببًا في أن تدعوهنَّ لرؤية جمال يوسف عليه السّلام، وهذا هو ما فعلتْه.
الآية 32: ﴿ قَالَتْ ﴾ امرأة العزيز للنسوة: ﴿ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ ﴾: أي فهذا هو الفتى الذي لُمتُنَّني في الافتتان به، ﴿ وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ ﴾ أي حاولتُ فِتنته ﴿فَاسْتَعْصَمَ﴾: أي فامتنع (وهذه شهادةٌ منها ليوسف عليه السلام، في صِدق اعتصامه باللهِ تعالى)، ﴿ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آَمُرُهُ ﴾ به مُستقبَلًا: ﴿ لَيُسْجَنَنَّ ﴾ ﴿ وَلَيَكُونَنْ مِنَ الصَّاغِرِينَ ﴾ أي الذليلين المُهانين.
الآية 33: ﴿ قَالَ ﴾ يوسف عليه السلام - مُستعيذًا باللهِ مِن شَرِّهِنَّ ومَكرِهِنَّ -: ﴿ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ ﴾ من الوقوع في الفاحشة، ﴿ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ ﴾ يعني: وإنْ لم تَصرف عني مَكرهنّ أَمِلْ إليهنّ، (فإنني ضعيفٌ عاجز إن لم تَدفع عني السُوء )، ﴿ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ ﴾ الذين يَرتكبون الذنوبَ لِجَهلهم بقدرة اللهِ تعالى وعَظَمته واطِّلاعِهِ عليهم (فالجاهلُ حقًا هو الذي يُفَضِّلُ لَذّة رخيصة عاجلة، على لَذّات مُتتابعات وشهوات مُتنوعات في جنات النعيم
الآية 34: ﴿ فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ ﴾ لأنّ امرأة العزيز ظَلَّت تُحاولُ فِتنته وهو يَمتنع، حتى يَئِسَتْ مِن ذلك، وصَرَفَ اللهُ عنه كَيدها ﴿ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ ﴾ لدعاء يوسف، ودعاء كل مَن دَعاه، ﴿ الْعَلِيمُ ﴾ بحاجة يوسف إليه، ونِيَّته الصادقة.
الآية 35: ﴿ ثُمَّ بَدَا لَهُمْ ﴾ أي: ثم ظَهَرَ للعزيز وأصحابه ﴿ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآَيَاتِ ﴾ أي مِن بعد ما رأوا الأدلة على براءة يوسف وعِفَّته: ﴿ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ ﴾: يعني إنهم عَزَموا على أن يَسجنوه فترة من الزمن، حتى يَنسى الناس الحادثة ولا يَبقى لها ذِكرٌ بينهم، وذلك مَنعًا للفضيحة.
الآية 36: ﴿ وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ ﴾ أي خادمان كانا يَخدمان المَلك، وقد حُبِسُوا بسبب تهمةٍ وُجِّهَتْ إليهما، فـ ﴿ قَالَ أَحَدُهُمَا ﴾: ﴿ إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا ﴾: يعني إنني رأيتُ في المنام أني أعصر عنبًا ليَكونَ خَمرًا، ﴿ وَقَالَ الْآَخَرُ ﴾: ﴿ إِنِّي أَرَانِي ﴾: يعني إنني رأيتُ في المنام أني ﴿ أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ ﴾، ثم قالا ليوسف عليه السلام: ﴿ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ ﴾: أي أخبِرنا بتفسير ما رأيناه، فـ ﴿ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ الذين يُحسنون عبادتهم، ويُحسنون مُعاملة الناس.
الآية 37، والآية 38: ﴿ قَالَ ﴾ لهما يوسف عليه السلام: ﴿ لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ ﴾ يعني إلاَّ أخبرتُكما بخَبره (أو بِوَصْفِهِ) ﴿ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمَا ﴾ (فلم يُفَسِّر لهما رؤيتهما إلا بعد أن أثبتَ لهما كفائته أولًا، وذلك حتى يَثقا فيه، فبالتالي يُصَدِّقا كلامه عندما يُحَدِّثهما عن التوحيد).
﴿ ذَلِكُمَا ﴾ أي التفسير الذي سأقوله لكما هو ﴿ مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي ﴾، وليس مِن عند نفسي (وذلك حتى يَربط قلوبهما باللهِ تعالى وليس بالبشر)، ثم قال لهما: ﴿ إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ ﴾ أي ابتعدتُ عن دين قومٍ ﴿ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾ إذ كانوا مُشركينَ يَعبدونَ مع اللهِ غيره، ﴿ وَهُمْ بِالْآَخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ ﴾ لا يُؤمنونَ ببَعثٍ ولا حساب، ﴿ وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آَبَائِي﴾: أي واتَّبعتُ دين آبائي ﴿ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ﴾ فعَبَدْنا اللهَ وحده، و﴿ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ﴾ في عبادته.
♦ واعلم أنه يُستفاد من هذه الجملة: ﴿ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ﴾، أنّ الإنسان يَجب أن يَترفع عن فِعل الشرك والمعاصي، فيقول: (ما كان لنا أن نَعصي اللهَ تعالى وهو مُطَّلِعٌ علينا)، وكذلك يُرَبِّي أولاده على ذلك، فيقول لهم: (لَسْنا نحنُ الذين نَفعل الخطأ، مِن المُمكن أن يَفعله غيرنا، أمّا نحن فلا يُمكن أن نَفعله أبدًا)، فبهذا يَنشأ الأولاد في بيئةٍ تَكره المعاصي وتحتقرها، فإذا راودَتْ أحدهم نفسه على فِعل شيءٍ خطأ، قال لها: (إن ديني وأخلاقي لا يَسمحان لي أن أفعل ذلك).
﴿ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ ﴾ أي ذلك التوحيد - بإفراد اللهِ تعالى بالعبادة - هو مِمّا تَفَضَّلَ اللهُ به ﴿ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ ﴾ ﴿ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ ﴾ إذ أرسلَ اللهُ إليهم الرسل لهدايتهم، ولكنهم لم يَشكروهُ على نعمته، ورفضوا اتِّباع الرُسُل.
الآية 39، والآية 40: ﴿ يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ ﴾: يعني يا صاحبيَّ في السجن: ﴿ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ ﴾: يعني أعِبادةُ آلهةٍ مخلوقة، مُتفرقة هنا وهناك (هذا صنم وهذا كوكب، هذا إنسان وهذا حيوان، هذا شَكله كذا وهذا صِفَته كذا) هل هذا ﴿ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ ﴾ في ذاته وصفاته، ﴿ الْقَهَّارُ ﴾ لجميع المخلوقات؟ (إذ الكُل خَلقه وعَبيده، وهم تحت قَهْره وسلطانه، لا يَتحركون إلا بمشيئته وإرادته).
﴿ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً ﴾ لا مَعاني لها (وهي الأصنام) التي ﴿ سَمَّيْتُمُوهَا ﴾ آلهةً ﴿ أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ ﴾ جَهلًا منكم وضَلالًا، إذ إطلاقكم لفظ (إله) على صنم - أو على صورة مَرسومة لكوكب - لا يَجعلها آلهة، و ﴿ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ ﴾:أي ما أنزل اللهُ بها مِن حُجَّةٍ تدل على أنها تستحق العبادة، أو أنها تقربكم إلى ربكم كما تزعمون، فهي مصنوعة بأيديكم لا تَسمع ولا تُبصِر، ولا تنفع ولا تضر، ﴿ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ ﴾: يعني ما الحُكم الحق إلا للهِ تعالى وحده، وقد ﴿ أَمَرَ ﴾ أي حَكَمَ ﴿ أَلَّاتَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ﴾، ﴿ ذَلِكَ ﴾ هو ﴿ الدِّينُ الْقَيِّمُ ﴾ أي الدين المستقيم الذي لا عِوَجَ فيه ﴿ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ إذ جَهلهم بمَعرفة ربهم الحق - الذي خَلَقهم ورَزَقهم ويُدَبِّر حياتهم - هو الذي جعلهم يَعبدونَ ما يَصنعون.
الآية 41: ﴿ يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ ﴾ إليكما تفسير رؤياكما: ﴿ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا ﴾: يعني أمَّا الذي رأى أنه يَعصر العنب، فإنه سيَخرج من السجن ويكون ساقي الخمر للمَلك، ﴿ وَأَمَّا الْآَخَرُ ﴾ الذي رأى أنه يَحمل على رأسه خبزًا: ﴿ فَيُصْلَبُ ﴾ أي سيُقتَل وهو مَصلوبٌ على خشبة، ثم يُتْرك ﴿ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ ﴾ ﴿ قُضِيَ الْأَمْرُ ﴾ أي حُكِمَ في الأمر ﴿ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ ﴾
♦ ويُستفاد من الآيات السابقة أنّ يوسف عليه السلام قد اغتنم فرصة سؤال الفَتَيان له، في أن يَدعوهما أولًا إلى اللهِ تعالى، ثم بعد ذلك أجابَ طلبهما، ولهذا يَنبغي للإنسان أن يَغتنم هذه الفرص، بحيثُ إذا جاءه شخصٌ ما، وحكى له مُشكِلة تُواجهه، فعليه أن يسأله أولًا: (هل أنت تصلي أو لا؟)، فإذا كان لا يصلي، فعليه أن يقول له: (إذًا هذا هو سبب المشكلة، لأنك لو كنتَ قريبًا من اللهِ تعالى، ما خَذَلَكَ أبدًا، فعليك أن تُصلِح حالك مع اللهِ أولًا)، ثم بعد ذلك يُعِينه على حل مشكلته، فبذلك يَستجيب.
♦ وكذلك يُستفاد من قولهما له: (إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ أنه يَنبغي أن يكون الإنسان قدوةً للناس قبل أن يَدعوهم إلى الله.
الآية 42: ﴿ وَقَالَ ﴾ يوسف ﴿ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا ﴾ - وهو الفتى الذي عَلِمَ يوسفُ أنه سيَخرج من السجن -: ﴿ اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ ﴾: أي اذكرني عند سيدك المَلك وأخبِره بأنني مَظلوم، ﴿ فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ ﴾: أي فأنسى الشيطانُ ذلك الرجل أن يَذكر للمَلك حالَ يوسف، ﴿ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ ﴾:أي فمَكَثَ يوسف في السجن عدة سنوات (واعلم أنّ البِِضْع: مِن ثَلاث إلى تِسع، وقيل: مِن ثَلاث إلى عَشْر، واللهُ أعلم).
♦ وقد قال بعض المُفسرين في قوله تعالى: ﴿ فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ ﴾ يعني (إنّ الشيطان أَنسَى يوسفَ عليه السلام ذِكْرَ ربّه تعالى، حيث التفتَ بقلبه إلى الخادم والمَلَك، فعاقبه اللهُ بالبقاء في السجن بضع سنين)، ثم استدَلُّوا بهذا الحديث: (لو لم يقل - يعني يوسف - الكلمة التي قال، ما لَبِثَ في السجن طول ما لَبِث، حيثُ يَبتغي الفرج مِن عند غير الله)، واعلم أنني قد ذكرتُ هذا القول مِن باب الأمانة العلمية فقط، وإلاَّ، فإنّ الحديث المذكور ضعيف جدًّا، وكذلك فإنّ يوسف عليه السلام لم يَرتكب خطأً، ولكنه أخَذَ بأسباب النجاة، وهذا لا يَتعارض أبدًا مع التوكل على اللهِ تعالى، ولا يَتعارض مع أنّ يوسف عليه السلام كان يدعو ربه قبل أن يقول هذه الجملة، ولكنه اغتنم فرصةً قد لا تتكرر، واللهُ أعلم.
الآية 43: ﴿ وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى ﴾ أي رأيتُ في منامي ﴿ سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ ﴾ أي سَمينات ﴿ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ ﴾ أي يأكلهنّ سبع بقرات نَحيلات هَزيلات (وهذا مِن العَجَب: أنّ الضعيف يأكل القوي ﴾، ﴿ وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ ﴾: يعني ورأيتُ سبع سُنبلات خُضر يأكلهنّ سبع سُنبلات يابسات، ﴿ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ ﴾: يعني يا أيها السادة والكُبَراء ﴿ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ ﴾ ﴿ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ ﴾: يعني إن كنتم للرؤيا تُفَسِّرون.
الآية 44: ﴿ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ ﴾ يعني إنّ رؤياكَ هذه أحلامٌ مُختلَطة لا تفسيرَ لها، ﴿ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ ﴾ أي لا عِلمَ لنا بتفسير الأحلام.
الآية 45، والآية 46: ﴿ وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا ﴾ أي الذي نَجا من السجن - مِن صاحبَي يوسف - وعاد إلى خدمة المَلك، ﴿ وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ ﴾: أي وتذكَّر بعد مُدّة - وهي البِضع سنين التي مَكَثها يوسف في السجن - فتذكّر أنّ يوسف يُفَسِّر الرؤى، فقال لهم: ﴿ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ ﴾: يعني أنا أخبركم بتفسير هذه الرؤيا، فابعثوني إلى يوسف لآتيكم بتفسيرها.
♦ واعلم أنّ لفظ "أمَّة" يأتي أحيانًا بمعنى: (جماعة من الناس)، ويأتي أحيانًا بمعنى: (فترة من الزمن)، واعلم أيضًا أنّ كلمة (ادّكَر) أصلها: (تذكَّر) ولكنْ أُدغِمَت التاء في الذال فصارت: (ادّكَر).
♦ وعندما وصل الرجل إلى يوسف قال له: ﴿ يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ ﴾ أي كثير الصِدق - وقد رأى ذلك منه في السجن - فقال له: ﴿ أَفْتِنَا فِي ﴾ تفسير رؤيا لـ﴿ سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ ﴾ أي يأكلهنّ سبع بقرات نَحيلات هَزيلات، ﴿ وَسَبْعِ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ ﴾ ﴿ لَعَلِّي أَرْجِعُ ﴾ يعني لِكَي أرجع ﴿ إِلَى النَّاسِ ﴾ أي إلى المَلك وأصحابه فأُخبرهم ﴿ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ أي ليَعلموا تفسير ما سألتُكَ عنه، فيَنتفعوا به ويَعلموا مَكانتك وفضلك.
الآية 47، والآية 48: ﴿ قَالَ ﴾ له يوسف: تفسير هذه الرؤيا أنكم ﴿ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا ﴾: أي تزرعون سبع سنين مُتتابعة جادِّينَ ليَكْثُر العطاء، ﴿ فَمَا حَصَدْتُمْ ﴾ من تلك الزروع في كل سَنة: ﴿ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ ﴾: أي فاتركوه في سنابله (في الصوامع) ليَتمَّ حِفظه من التسوُّس، حتى تدَّخِروه للسنين القادمة ﴿ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ ﴾: يعني إلا قليلاً مِمّا تأكلونه من الحبوب في كل حَصاد، فهذه لا تَدَّخروها، بل أعطوها للناس حتى يأكلوها (ولتكن قليلة، ليَكثُر ما تَدَّخرونه ويَعظُم نَفعه)، ﴿ ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ ﴾: أي سيأتي مِن بعد هذه السنين ﴿ سَبْعٌ شِدَادٌ ﴾: أي سبع سنين شديدة الجفاف ﴿ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ ﴾: أي يأكل أهلها كل ما ادَّخَرتموه لهم، ﴿ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ ﴾: يعني إلا قليلًا مما تحفظونه وتَدَّخِرونه ليَكون بذورًا للزراعة فيما بعد، فهذه لا تُعطوها للناس ليأكلوها، بل ادَّخِروها للبَذر والحاجة.
الآية 49، والآية 50: ﴿ ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ ﴾ أي: ثم يأتي من بعد سنوات الجفاف: عامٌ يُغيثهما للهُ فيه بالمطر والسيول وجَرَيان النيل، فيَرفع عنهم تلك الشدة، ﴿ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ ﴾ يعني: وفي هذا العام يَعصرون الثمار التي يُمكِن عصرها - كالزيتون والعنب وقصب السكر - وذلك مِن كثرة الثمار والحبوب، وزيادتها على أكْلهم.
♦ فبذلك عَبَّر يوسف عليه السلام عن البقرات السَمينات والسُنبلات الخُضر (بأنهنّ سنواتٌ خِصبة)، وعَبَّرَ عن البقرات الهَزيلات والسُنبلات اليابسات (بأنهنّ سنين قحطٍ وجفاف).
♦ فلَمَّا ذهب الرجل إلى المَلك: أعجبه تفسير الرؤيا، وعرف ما تدل عليه، فأرادَ إكرام يوسف عليه السلام، لِمَا ظَهَرَ له من العلم والكمال والفضل على أهل مصر (في سنوات المجاعة التي ستأتي عليهم)، قال تعالى: ﴿ وَقَالَ الْمَلِكُ ﴾ لأعوانه: ﴿ ائْتُونِي بِهِ ﴾: أي أخرِجوا الرجل الذي فسَّرَ الرؤيا من السجن وأحضِروهُ لي، ﴿ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ ﴾ أي فلمَّا جاءه رسولُ المَلك يدعوه: ﴿ قَالَ ﴾ له يوسف: ﴿ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ ﴾: أي ارجع إلى سيدك المَلك ﴿ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ ﴾: أي اطلب منه أن يَسأل النسوة اللاتي جَرَحْنَ أيديهنّ عن حقيقة أمْرِهِنّ معي، حتى تَظهر الحقيقة للجميع، وتتضح براءتي، ﴿ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ ﴾: يعني إنّ ربي - سبحانه وتعالى - عليمٌ بصَنيعهنّ وأفعالهنّ لا يَخفى عليه شيءٌ من ذلك.
الآية 51، والآية 52، والآية 53: ﴿ قَالَ ﴾ المَلك للنسوة اللاتي جَرَحْنَ أيديهنّ: ﴿ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ ﴾: يعني ما شأنكنّ حين حاولتنّ فتنة يوسف؟ هل رأيتنّ منه سُوءًا؟ ﴿ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ ﴾: أي تنزيهًا للهِ تعالى عن العجز بأن يَخلق بشرًا عفيفًا مِثل هذا، ﴿ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ ﴾، فعندئذٍ ﴿ قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ ﴾: ﴿ الْآَنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ ﴾ أي ظهر الحق بعد خَفائه، فـ ﴿ أَنَا ﴾ التي ﴿ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ ﴾: أي حاولتُ فِتنته فامتنع، ﴿ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ ﴾ في كل ما قاله، ﴿ ذَلِكَ ﴾: أي ذلك القول الذي قلتُهُ في براءة يوسف والإقرار على نفسي ﴿ لِيَعْلَمَ ﴾ زوجي ﴿ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ ﴾: أي لم أخُنه بالكذب عليه، ولم تقع مِنِّي الفاحشة أثناء غيابه، واعترفتُ بذلك لإظهار براءة يوسف وبراءتي، ﴿ وَأَنَّ اللَّهَ ﴾ أي: ولِيَعلم زوجي أنّ اللهَ ﴿ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ ﴾: أي لا يُوَفِّق أهل الخيانة لِمَا فيه الرُّشد والصواب، فإنّ كُلَّ خائنٍ لا بد أن يَفضح اللهُ أمْره، فلو كنتُ خائنةً لزوجي، ما هداني اللهُ لِمِثل هذا المَوقف المُشَّرِف، الذي أصبحتُ بِهِ مُبَرَّأةً طاهرة.
♦ ولمَّا كان هذا الكلام فيه نوع من تزكية النفس، فإنها عادت تقول: ﴿ وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي ﴾: يعني وما أُزَكِّي نفسي ولا أُبَرِّئها من المُحاولة والكَيد، ﴿ إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ ﴾: يعني إنّ النفس لَكثيرة الأمر لصاحبها بعمل المعاصي، ﴿ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي ﴾: يعني إلا مَن عصمه الله، فأعانه على مُخالفة نفسه ﴿ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ ﴾ لذنوب مَن تاب مِن عباده، ﴿ رَحِيمٌ ﴾ بهم.
[1] وهي سلسلة تفسير لآيات القرآن الكريم بأسلوب بسيط جدًّا، وهي مُختصَرة من (كتاب: "التفسير المُيَسَّر" (بإشراف التركي)، وأيضًا من "تفسير السّعدي"، وكذلك من كتاب: "أيسر التفاسير" لأبي بكر الجزائري؛ (بتصرف)، عِلمًا بأنّ ما تحته خط هو نص الآية الكريمة، وأما الكلام الذي ليس تحته خط فهو التفسير.
واعلم أن القرآن قد نزلَ مُتحديًا لقومٍ يَعشقون الحَذفَ في كلامهم، ولا يُحبون كثرة الكلام، فجاءهم القرآن بهذا الأسلوب، فكانت الجُملة الواحدة في القرآن تتضمن أكثر مِن مَعنى: (مَعنى واضح، ومعنى يُفهَم من سِيَاق الآية)، وإننا أحيانًا نوضح بعض الكلمات التي لم يذكرها الله في كتابه (بَلاغةً)، حتى نفهم لغة القرآن.
رامي حنفي محمود


بحر الامل

العاب ، برامج ، سيارات ، هاكات ، استايلات , مسابقات ، فعاليات ، قصص ، مدونات ، نكت , مدونات , تصميم , شيلات , شعر , قصص , حكايات , صور , خواطر , سياحه , لغات , طبيعة , مفاتيح , ستايلات , صيانه , تهيئة , قواعد , سيرفرات , استضافه , مناضر, جوالات





 توقيع : نزف القلم

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ

رد مع اقتباس
5 أعضاء قالوا شكراً لـ نزف القلم على المشاركة المفيدة:
, , , ,