منتديات بحر الامل

منتديات بحر الامل (http://www.bhralaml.com/vb/index.php)
-   ۩{ الحديث الشريف}۩ (http://www.bhralaml.com/vb/forumdisplay.php?f=108)
-   -   تأملات في حديث أعمار أمتي ما بين الستين والسبعين (http://www.bhralaml.com/vb/showthread.php?t=42407)

نزف القلم 2021-02-22 01:01 PM

تأملات في حديث أعمار أمتي ما بين الستين والسبعين
 
تأملات في حديث

(أعمار أمتي ما بين الستين والسبعين)

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وبعد..
روى الترمذي في سننه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أَعْمَارُ أُمَّتِي مَا بَيْنَ السِّتِّينَ إِلَى السَّبْعِينَ، وَأَقَلُّهُمْ مَنْ يَجُوزُ ذَلِكَ" [1].
وروى أبو يعلى في مسنده من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مُعْتَرَكُ[2] الْمَنَايَا بَيْنَ السِّتِّينَ إِلَى السَّبْعِينَ" [3].
وإذا بلغ الإنسان الستين، فقد أعذر الله إليه في العمر، قال تعالى: ﴿ وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ ﴾ [فاطر: 37]. وبوَبَّ البخاري: باب من بلغ ستين فقد أعذر الله إليه في العمر، ثم ساق بسنده إلى أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أَعْذَرَ اللَّه إِلَى امْرِئٍ أَخَّرَ أَجَلَهُ حَتَّى بَلَّغَهُ سِتِّينَ سَنَةً" [4] .
قال ابن حجر رحمه الله في فتح الباري: "اختلف أهل التفسير في المراد بالنذير، فالأكثر على أنه المشيب؛ لأنه يأتي في سن الكهولة فما بعدها، وهو علامة لمفارقة سن الصبى الذي هو مظنة اللهو.
وقوله في الحديث: أعذر الله: "الإعذار إزالة العذر، والمعنى أنه لم يبق له اعتذار كأن يقول: لو مد لي في الأجل لفعلت ما أُمرت به، يقال: أعذر إليه إذا بلغه أقصى الغاية في العذر ومكنه منه، وإذا لم يكن له عذر في ترك الطاعة مع تمكنه منها بالعمر الذي حصل له فلا ينبغي له حينئذ إلا الاستغفار والطاعة والإقبال على الآخرة بالكلية" [5].
قال ابن بطال: "وإنما كانت الستون حدًّا لهذا لأنها قريبة من المعترك وهي سن الإنابة والخشوع وترقب المنية، فهذا إعذار بعد إعذار لطفًا من الله بعباده حتى نقلهم من حالة الجهل إلى حالة العلم، ثم أعذر إليهم فلم يعاقبهم إلا بعد الحجج الواضحة وإن كانوا فطروا على حب الدنيا وطول الأمل لكنهم أُمروا بمجاهدة النفس في ذلك ليمتثلوا ما أمروا به من الطاعة، وينزجروا عما نهوا عنه من المعصية، وفي الحديث إشارة إلى أن استكمال الستين مظنة لانقضاء الأجل" [6].
قال بعض الحكماء: "الأسنان أربعة: سن الطفولة، ثم الشباب، ثم الكهولة، ثم الشيخوخة وهي آخر الأسنان، وغالب ما يكون ما بين الستين والسبعين، وحينئذ يظهر ضعف القوة بالنقص والانحطاط، فينبغي له الإقبال على الآخرة بالكلية لاستحالة أن يرجع إلى الحالة الأولى من النشاط والقوة" [7] .
وخير الناس من طال عمره وحسن عمله، روى الترمذي في سننه من حديث نفيع بن الحارث رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم سُئل: أي الناس خير؟ قال: "مَنْ طَالَ عُمُرُهُ وَحَسُنَ عَمَلُهُ"، قِيلَ: فَأَيُّ النَّاسِ شَرٌّ؟ قَالَ: "مَنْ طَالَ عُمُرُهُ وَسَاءَ عَمَلُهُ" [8].
وروى الإمام أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رجلان من بلي حي من قضاعة أسلما مع رسول الله صلى الله عليه وسلم واستشهد أحدهما وأُخر الآخر سنة، قال طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه: فأُريت الجنة فرأيت فيها المؤخر منهما أُدخل الجنة قبل الشهيد، فعجبت لذلك، فأصبحت فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، أو ذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "أَلَيْسَ قَدْ صَامَ بَعْدَهُ رَمَضَانَ، وَصَلَّى سِتَّةَ آلَافِ رَكْعَةٍ، أَوْ كَذَا وَكَذَا رَكْعَةً صَلَاةَ السَّنَةِ" [9].
ومن فوائد الحديث:
1- أن من بلغ الستين فقد أعذر الله إليه في العمر، فإن أعظم حدث في حياة الإنسان الموت، وانقضاء الأجل، ومفارقة الأهل والمال والولد، ولذلك عليه أن يكثر من الطاعات والقربات والاستغفار لعله يختم له بعمل صالح.
روى الإمام أحمد في مسنده من حديث أبي عنبة الخولاني رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إِذَا أَرَادَ اللَّه بِعَبْدِهِ خَيْرًا عَسَلَهُ"، قِيلَ: وَمَا عَسْلُهُ ؟[10] قَالَ: "يَفْتَحُ اللَّهُ لَهُ عَمَلًا صَالِحًا قَبْلَ مَوْتِهِ، ثُمَّ يَقْبِضُهُ عَلَيْهِ" [11]. وفي الصحيحين من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِخَوَاتِيمِهَا" [12] .
2- من مد الله له في العمر فزاد على الستين، فهذه نعمة من الله تستوجب الشكر، ويكون ذلك بالإقبال على الله والدار الآخرة والحرص على كثرة الذكر والبعد عن المعاصي.
روى الإمام أحمد في مسنده من حديث عَبْدِ اللَّه بْنِ شَدَّاد رضي الله عنه، أَنَّ نَفَرًا مِنْ بَنِي عَذْرَةَ ثَلاثَةً أَتَوُا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَسْلَمُوا، قَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ يَكْفِينيهِم؟"، قَالَ طَلْحَةُ: أَنَا، قَالَ: فَكَانُوا عِنْدَ طَلْحَةَ، فَبَعَثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَعْثًا، فَخَرَجَ فِيهِ أَحَدُهُمْ فَاسْتُشْهِدَ، قَالَ: ثُمَّ بَعَثَ بَعْثًا فَخَرَجَ فِيهِمْ آخَرُ فَاسْتُشْهِدَ، قَالَ: ثُمَّ مَاتَ الثَّالِثُ عَلَى فِرَاشِهِ، قَالَ: قَالَ طَلْحَةُ: فَرَأَيْتُ هَؤُلاءِ الثَّلاثَةَ الَّذِينَ كَانُوا عِنْدِي فِي الْجَنَّةِ، فَرَأَيْتُ الْمَيِّتَ عَلَى فِرَاشِهِ أَمَامَهُمْ، وَرَأَيْتُ الَّذِي اسْتُشْهِدَ أَخِيرًا يَلِيهِ، وَرَأَيْتُ الَّذِي اسْتُشْهِدَ أَوَّلُهُمْ آخِرَهُمْ، قَالَ: فَدَخَلَنِي مِنْ ذَلِكَ، قَالَ: فَأَتَيْتُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، قَالَ: فَقَالَ: "وَمَا أَنْكَرْتَ مِنْ ذَلِكَ؟ لَيْسَ أَحَدٌ أَفْضَلَ عِنْدَ اللَّه مِنْ مُؤْمِنٍ يُعَمَّرُ فِي الإِسْلامِ؛ لِتَسْبِيحِهِ وَتَكْبِيرِهِ وَتَهْلِيلِهِ" [13].
وهذا يدل على عظم فضل من طال عمره، وحسن عمله، ولم يزل لسانه رطبًا من ذكر الله، قال تعالى: ﴿ وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا ﴾ [الكهف: 46].
روى الإمام أحمد في مسنده من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اسْتَكْثِرُوا مِنَ الْبَاقِيَاتِ الصَّالِحَاتِ". قِيلَ: وَمَا هِي يَا رَسُولَ اللَّه؟ قَالَ: "التَّكْبِيرُ، والتَّهْلِيلُ، وَالتَّسْبِيحُ، والتَّحْمِيدُ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّه" [14].
قال الشيخ العلامة الألباني رحمه الله عن نفسه بعد أن تجاوز الرابعة والثمانين في تعليقه على حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أَعْمَارُ أُمَّتِي مَا بَيْنَ السِّتِّينَ إِلَى السَّبْعِينَ، وَأَقَلُّهُمْ مَنْ يَجُوزُ ذَلِكَ"[15] قال ابن عرفة: وأنا من ذلك الأقل، فعلق الشيخ رحمه الله قائلًا: "وأنا أيضًا من ذلك الأقل، فقد جاوزت الرابعة والثمانين سائلًا المولى سبحانه وتعالى أن أكون ممن طال عمره وحسن عمله، ومع ذلك فإني أكاد أتمنى الموت لما أصاب المسلمين من الانحراف عن الدين والذل الذي نزل بهم حتى من الأذلين، ولكن حاشا أن أتمنى، وحديث أنس ما يزال أمامي منذ نعومة أظفاري، فليس لي إلا أن أقول كما أمرني نبيي صلى الله عليه وسلم: "اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مَا كَانَتِ الْحَيَاةُ خَيْرًا لِي، وَتَوَفَّنِي إِذَا كَانَتِ الْوَفَاةُ خَيْرًا لِي" [16]، وداعيًا بما علمنيه صلى الله عليه وسلم: "اللَّهُمَّ مَتِّعْنَا بِأَسْمَاعِنَا، وَأَبْصَارِنَا، وَقُوَّتِنَا مَا أَحْيَيْتَنَا، وَاجْعَلْهُ الْوَارِثَ مِنَّا" [17].
وقد تفضل سبحانه فاستجاب ومتعني بكل ذلك، فها أنا لا أزال أبحث وأحقق وأكتب بنشاط قل مثيله، وأصلي النوافل قائمًا، وأسوق السيارة بنفسي المسافات الشاسعة.
أقول ذلك من باب: ﴿ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ﴾ [الضحى: 11]، راجيًا من المولى سبحانه وتعالى أن يزيدني من فضله فيجعل ذلك كله الوارث مني، وأن يتوفاني مسلمًا على السنة التي نذرت لها حياتي دعوة وكتابة، ويلحقني بالشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقًا" [18].
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
[1] برقم 3550، وحسنه ابن حجر رحمه الله كما في فتح الباري (11/240).
[2] أي موضع القتال أو موضع العراك والمعاركة، فكأن هذا السن ميدان حرب يكثر فيها الموت.
[3] برقم 1542 وصححه الشيخ الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة (4/22).
[4] برقم 6419.
[5] فتح الباري (11/239).
[6] فتح الباري (11/240).
[7] فتح الباري (11/240).
[8] برقم 2330 وقال: هذا حديث حسن صحيح.
[9] مسند الإمام أحمد (14/127) برقم 8399 وقال محققوه: إسناده حسن.
[10] قال ابن قتيبة في غريب الحديث (1/302): قوله عسله: أُراه مأخوذًا من العسل، شبه العمل الصالح الذي يفتح للعبد حتى يرضى الناس عنه ويطيب ذكره فيهم بالعسل.
[11] (29/323) برقم 17784 وقال محققوه: صحيح لغيره.
[12] صحيح البخاري برقم 6493، وصحيح مسلم برقم 2651 واللفظ للبخاري.
[13] مسند الإمام أحمد (3/19) برقم 1401، وقال محققوه: حسن لغيره.
[14] (18/241) برقم 11713، وقال محققوه: حسن لغيره.
[15] سبق تخريجه.
[16] صحيح البخاري برقم 6351 وصحيح مسلم برقم 2680.
[17] سنن الترمذي برقم 3502 وحسنه الشيخ الألباني رحمه الله في سنن الترمذي (3/168) برقم 2783.
[18] صحيح الموارد إلى زوائد ابن حبان للشيخ الألباني رحمه الله (2/464) باختصار.
(د. أمين بن عبدالله الشقاوي

غزل 2021-02-22 01:14 PM

سعدتُ بتوآجدي
فسلمت أيادي
ولآحرمنا الله جديدك الرآئع..
تحيه معطره برياحين الياسمين

احمد 2021-02-22 01:33 PM

بارك الله فيك ونفع بِك ..
على طرح موضوعك القيم
وأسلمت الايادي ويعطيك العافيه
تقديري مع احترامي.

عشق 2021-02-23 03:09 AM

جزاك الله خير ..
وبارك الله في جهودك ..
اسأل الله لك السعادة دائما ..

روان 2021-02-23 12:36 PM

سلمت يمناك على طرحك الراقي
يعطيك العافية
كل الشكر والتقدير لك
آحتـرآمي لك

شغف 2021-02-23 04:38 PM

جزاك الله خيراً
وجعله في ميزان حسناتك
وأجزل لك الأجر
دمت ودام عطاءك
تحياتي

كيان 2021-02-24 01:20 AM

يعطيك العافيه وسلمت يداك
وسلم لنا ذوقك الراقي على جمال الاختيار
لك ولحضورك الجميل كل الشكر والتقدير
اسأل الباري لك سعادة دائمة

لہهفُہة 2021-02-27 11:35 PM

جزاك الله خير
وبارك الله فيك
وجعلها في موازين حسناتك
وأثابك الله الجنه أن شاء الله
على ما قدمت

بدر 2021-03-02 04:15 PM

https://www.up.bhralaml.com/uploads/161467362933593.gif

اكتفاء 2021-03-04 01:33 PM

جزاك الله خير الجزاء
وشكراً لطرحك الهادف وإختيارك القيّم
رزقك المــــــــولى الجنـــــــــــــة ونعيمـــــها
وجعلــــــ ما كُتِبَ في مــــــوازين حســــــــــناتك
ورفع الله قدرك في الدنيــا والآخــــرة
وأجـــــــــزل لك العطـــاء


الساعة الآن 05:00 PM

 »:: تطويرالكثيري نت :: إستضافة :: تصميم :: دعم فني ::»

Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
المشاركات المكتوبة والمنشورة لا تعبر عن رأي منتدى بحرالامل ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك (ويتحمل كاتبها مسؤولية النشر)