منتديات بحر الامل

منتديات بحر الامل (http://www.bhralaml.com/vb/index.php)
-   الخيمة الرمضانية (http://www.bhralaml.com/vb/forumdisplay.php?f=107)
-   -   رمضان موسم البر ومظهر العظمة (http://www.bhralaml.com/vb/showthread.php?t=45482)

نزف القلم 2021-03-31 12:31 PM

رمضان موسم البر ومظهر العظمة
 
والبر ما اطمأن إليه القلب واطمأنت إليه النفس... ورمضان موسمه ومظهره، يسارع فيه المؤمنون إلى مغفرة من ربهم ورضوان، ويتنافسون فيه على حب الخيرات.
فمن عبادة بالإخلاص، إلى معاملة بفضائل الأخلاق، إلى صلات بالبر والإحسان.
ورمضان مظهر من مظاهر السمو النفسي، وإذا كانت النفوس لها هواها، فإن لها من الهدى ما يحملها على التقوى واليقين. والصوم فيه أدب النفس، ومناهج التربية، التي ترتقي بالنفوس البشرية إلى مصاف الملائكة المطهرين. وفي رمضان تعمر المساجد فيغدو المسلمون الصائمون إليها جماعات؛ حيث أمنُهم من الزلل، ورجاؤهم في الله، وهم كذلك يروحون منها وقد وقر في نفوسهم حب الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللَّهَ فَعَسَى أُوْلَئَكَ أَن يَكُونُوا مِنَ المُهْتَدِينَ} [التوبة: 18].
والبر طبع المؤمن وسجيته، والجود سخاؤه وسماحته، والمؤمن يجد في الباقيات الصالحات قربة من الله، فهو ينعم بها ولا يشبع منها. وهي فوق ذلك أنسه الذي يجد في رحابه نعيم الحياة.
والمؤمن يتخذ من بر رسول الله صلى الله عليه وسلم نبراسَه الذي يستضيء به، ومن جوده وإحسانه وبذله الفضائلَ التي يتودد بها إليه، وإذا كانت مظاهر الجود يفسرها سخاء المؤمن في عبادته ومعاملته في خلقه، فالإنفاق بالمال أخص هذه المظاهر وأوضحها.
والمؤمن في رمضان جواد كريم، وقدوته رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجودَ الناس، وكان أجودَُ ما يكون في رمضان... وفي الجود فك الكربات، وسد الحاجات، وعون على النائبات، واستجابة إلى ما يحيي النفوس ويجدد إيمانها.
ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- يخطط لهذا الخلق تخطيطًا سليمًا يقوم عليه نظام الجماعة، وكفالة الأفراد، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل بالقدوة الحسنة ما يحمل أصحاب الأموال على الجود والسخاء؛ ليبني الإنسانية على عَمَدٍ من الرحمة والائتلاف والإحسان، ولينهض بها من كبوات الشح والبخل والحرص، إلى ذروات الجود والكرم والمعروف، وما اختار الرسول أن يكون نبيًّا عبدًا، ولم يشأ أن يكون نبيًّا مَلِكًا إلا لينفق الدنيا كلها هكذا وهكذا عن يمينه وعن شماله ومن خلفه. وما الله بخاذل رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنه كان يَحمل الكَل، ويَكسِب المعدومَ، ويُعين على نوائب الدهر.
وكان الرسول بإحسانه يؤلف القلوب، ويصلح النفوس؛ روى الإمام مسلم عن أنس رضي الله عنه قال: "ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام شيئًا إلا أعطاه، ولقد جاءه رجل فأعطاه غنمًا بين جبلين، فرجع إلى قومه، فقال: يا قوم أسلموا؛ فإن محمدًا يعطي عطاء من لا يخشى الفقر، وإن كان الرجل ليسلم، ما يريد إلا الدنيا، فما يلبث إلا يسيرًا حتى يكون الإسلامُ أحب إليه من الدنيا وما عليها"، وصحب الرسول الله صلى الله عليه وسلم صفوان بن أمية –ولما يسلم بعد– فمرا على واد مملوء إبلاً، وملكت الإبل على صفوان مشاعره وإحساسه، فأخذ ينظر إليها وهو يود أنها له، وسبر الرسول غوره وعرف ما في نفسه فقال صلى الله عليه وسلم: "أعجبك هذا الوادي يا صفوان؟" قال نعم، قال: "هو لك بما فيه"، فقال: والله لا تطيب بهذا إلا نفسُ نبي، أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله.
ولقد كان جبير بن مطعم يسير مع رسول الله عند عودته من حين سد عليه الأعراب الطريق حتى عدلوا به إلى شجرة شوك خطفت رداء النبي صلى الله عليه وسلم، وكان ذلك رجاء إحسان يسدون به جوعتهم، ويسترون به عورتهم، ظانين أنه صلى الله عليه وسلم لديه الكثير من غنائم الموقعة، فوقف النبي صلى الله عليه وسلم وقال كما في رواية البخاري: "أعطوني ردائي، فلو كان لي عدد هذه العضاه نعمًا لقسمته بينكم ثم لا تجدوني بخيلاً ولا كذابًا ولا جبانًا".
والرسول صلى الله عليه وسلم بهذا القول يدعو إلى الخلق الأصيل في نفسه. روى الترمذي عن عائشة رضي الله عنها أنهم ذبحوا شاة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما بقى منها؟" قالت: ما بقى منها إلا كتفها، قال: "بقي كلها غير كتفها".
ولقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أقدار الرجال في صنائع المعروف وفعل الخيرات.. والرجال الذين يعنيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم هم ركائز المجتمع الفاضل وعمد الحياة الطيبة من الذين سلطهم ربهم على هلكة أموالهم في الحق وآتاهم بسطة في العلم، فهم ينفقون حياتهم في الدلالة على الهدى؛ روى الإمام الترمذي عن أبي كبشة عمرو بن سعد الأنماري رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ثلاثة أقسم عليهن، وأحدثكم حديثاً فاحفظوه؛ ما نقص مالُ عبد من صدقة، ولا ظُلم عبد مظلمة فصبر عليها إلا زاده الله عزًّا، ولا فتح عبد باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر، أو كلمة نحوها، وأحدثكم حديثًا فاحفظوه؛ قال: إنما الدنيا لأربعة نفر: عبد رزقه الله مالاً وعلمًا؛ فهو يتقي فيه ربه، ويصل فيه رحمه، ويعلم لله فيه حقًّا؛ فهذا بأفضل المنازل، وعبد رزقه الله علمًا ولم يرزقه مالاً؛ فهو صادق النية يقول: لو أن لي مالاً لعملت بعمل فلان فهو ونيته فأجرهما سواء، وعبد رزقه الله مالاً ولم يرزقه علمًا؛ فهو يخبط في ماله بغير علم؛ لا يتقي فيه ربه، ولا يصل فيه رحمه، ولا يعلم لله فيه حقًّا؛ فهذا بأخبث المنازل، وعبد لم يرزقه الله مالاً ولا علمًا؛ فهو يقول: لو أن مالاً لعملت فيه بعمل فلان فهو ونيته، فوزرهما سواء".
والقرآن والسنة فيهما من الأمثلة الحية ما فيه عبرة وعظة. قال الله عز وجل: {مَن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [البقرة: 245].
وقد روي أنه لما نزلت هذه الآية ذهب أبو الدحداح فوجد امرأته تدور هي وعيالها حول النخل في الحائط التي جعلها لله عز وجل، فيناديها نداء الفرح المستبشر:
بيني من الحائط بالوداد فقد مضى قرضًا إلى التناد
أقرضته الله على اعتمادي بالطوع لا من ولا ارتداد
إلا رجاء الضعف في المعاد والبر لا شك فخير زاد
قدمه المرء إلى المعاد
فقالت امرأته:
بشرك الله بخير وفرح مثلك أدى ما لديه ونصح
قد متع الله عيالي ومنح بالعجوة السوداء والزهو البلح
والعبد يسعى وله ما قد كدح طول الليالي وعليه ما اجترح
ثم أقبلت على صبيانها؛ تخرج ما في أفواههم من التمر، وتنفض ما في أكمامهم من التمر، فقال عليه الصلاة والسلام: "كم من عذق رداح ودار فياح في الجنة لأبي الدحداح".
وأما السنة ففيما رواه البخاري ومسلم:
قال: كان أبو طلحة أكثر الأنصار بالمدينة مالاً من نخل، وكان أحب أمواله إليه بيرحاء، وكانت مستقبلة المسجد، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب، فلما نزلت هذه الآية: {لَن تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92]، قام أبو طلحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله إن الله تبارك وتعالى يقول: {لَن تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ}، وإن أحب أموالي إلي بيرحاء، وإنها صدقة لله تعالى، أرجو برها وذخرها عند الله، فضعها يا رسول الله حيث أراك الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ذلك مال رابح، ذلك مال رابح، وقد سمعت ما قلت، وإني أرى أن تجعلها في الأقربين"، فقال أبو طلحة: أفعل يا رسول الله، فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه.
وبهذا الإحسان في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم يجد المجتمع ما يعززه ويسانده.
فلا أروع من هذه الصورة التي يرويها الشيخان عن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو، أو قل طعام عيالهم بالمدينة، جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد، ثم اقتسموه بينهم في إناء واحد بالسوية، فهم مني وأنا منهم".
وهكذا نجد الإسلام يبني المجتمع بناء سليماً بالنفس وبالمال.
ورمضان في مظاهر جوده وكرمه وسخائه صرحٌ عظيم بالعدل والإحسان والمساواة.
محمود كامل

لہهفُہة 2021-03-31 01:03 PM

جزاك الله خير
وبارك الله فيك
وجعلها في موازين حسناتك
وأثابك الله الجنه أن شاء الله
على ما قدمت

صقر 2021-04-01 11:26 AM

جزاكم الله خيرا
ونفع الله بكم وسدد خطاكم
وجعلكم من أهل جنات النعيم
اللهم آآآآمين

♕ السلطااانه ♕ 2021-04-01 12:05 PM

جزاك الله خير وبارك
فيك وجعله في موازين
حسناتك ورزقك الجنة بغير
حساب
،،
تحياتي

كيان 2021-04-01 08:12 PM

يعطيك العافيه وسلمت يدآك
وسلم لنآ ذوقك الراقي على جمال الاختيار*
لك ولحضورك الجميل كل الشكر والتقدير
اسأل البآري لك سعآدة دائمة


الساعة الآن 11:22 AM

 »:: تطويرالكثيري نت :: إستضافة :: تصميم :: دعم فني ::»

Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
هذا الموقع يستخدم منتجات Weblanca.com
المشاركات المكتوبة والمنشورة لا تعبر عن رأي منتدى بحرالامل ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك (ويتحمل كاتبها مسؤولية النشر)