منتديات بحر الامل

منتديات بحر الامل (http://www.bhralaml.com/vb/index.php)
-   ۩{روحانيات إيمانيه }۩ (http://www.bhralaml.com/vb/forumdisplay.php?f=2)
-   -   وجوب بر الوالدين والتحذير من عقوق الوالدين (http://www.bhralaml.com/vb/showthread.php?t=33344)

عبير الورد 2020-09-07 05:22 AM

وجوب بر الوالدين والتحذير من عقوق الوالدين
 
وجوب بر الوالدين والتحذير من عقوق الوالدين


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وآله وصحبه أجمعين؛ أما بعد:
فإن صاحب الفطرة السليمة بفطرته يقابل الإحسان بالإحسان، وإن أعظم من أحسن إلى الإنسان بعد الله عز وجل هما والداه، فهما أوْلَى الناس برد الجميل.

وإذا كنت يا عبدالله ترعى الحقوق، فإن أعظم حقٍّ عليك بعد حق الله تعالى هو حق والديك؛ فقد ذكر الله تعالى حقَّهما مقرونًا بحقه؛ فقال سبحانه: ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ﴾ [الإسراء: 23]، ومهما قدَّم لك أحدٌ من البشر خدمة أو مساعدة، فلن تعدِلَ ما قدمه لك والداك؛ فهما أولًا جعلهما الله سببًا في وجودك، ثم تأمل كم تعبا في حياتهما لترتاح، وكم سهرا لتنام، مَن الذي علمك كيف تأكل وتشرب؟ من علمك كيف تتكلم وكيف تمشي؟ أليس والديك؟

كم أصابهما من الهموم والغموم من أجلك؛ إذا مرضتَ تألما أكثر من ألمك، وإذا حصل لك أذًى، فتأكد أنهما تأذَّيا أكثر منك، بذلا كل ما يستطيعان لإسعادك، وإن منعاك من شيء فلأجل مصلحتك وخوفًا عليك، أو على مستقبلك، فلن تجد أعظم من تضحيات الوالدين، ومهما تكلم المتكلمون وعبَّر البُلَغاء في فضل الوالدين، فلن يوفوهما حقهما.

أخي الكريم...
هذه أمك حملتك وتحملتك في بطنها تسعة أشهر، وتألمت أشد الألم عند ولادتك، وصبرت على صراخك وإطعامك، وتنظيفك وتربيتك؛ كما قال سبحانه: ﴿ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا ﴾ [الأحقاف: 15]، فهي أحق الناس بصحبتك؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ((جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: ثم أمك، قال: ثم من؟ قال: ثم أمك، قال: ثم من؟ قال: ثم أبوك))؛ [رواه البخاري ومسلم].

و((جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إني كنت أردت الجهاد معك، أبتغي بذلك وجه الله والدار الآخرة، قال: ويحك، أحيَّةٌ أمك؟ قلت: نعم، يا رسول الله، قال: ويحك، الزم رجلها، فثَمَّ الجنة))؛ [رواه ابن ماجه وغيره، وصححه الألباني].

ومهما قدمتَ لأمك، فلن توفيَها حقها، ولكن ما تقدمه لها من برٍّ وإحسان شيءٌ يسير جدًّا من رد الجميل، واسمع هذه القصة القصيرة: عن سعيد بن أبي بردة عن أبيه، قال: ((كان ابن عمر رضي الله عنهما يطوف بالبيت، فرأى رجلًا يطوف بالبيت حاملًا أمه وهو يقول:

إني لها بعيرها المذلَّل *** إن ذعِرَتْ رِكابها لم أذعر
أحملُها وما حملَتْنِي أكثر
أتراني يا ابن عمر جزيتها؟ قال: لا ولا زفرة واحدة.

أخي الكريم...
وهذا أبوك الذي تعب من أجلك منذ صغرك، يعمل دون كلل أو ملل، ويتحمل مشقة العمل من أجلك ولتوفير لقمة العيش لك، ويتحمل المخاطر لتعيش أنت حياة كريمة، حتى كبرت، فأحسِنْ إلى والدك؛ فإن إحسانك إليه من أسباب دخولك الجنة، وانظر ماذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم في حق الوالد، يقول: ((الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضِعْ ذلك الباب أو احفظه))؛ [رواه الترمذي، وصححه الألباني].

ولن يوفيَ ولدٌ والده إلا أن يجده مملوكًا فيُعتقه؛ فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يجزي ولدٌ والدًا إلا أن يجده مملوكًا فيشتريه فيعتقه))؛ [رواه الإمام مسلم].

ولمكانة الوالدين قرن الله تعالى برَّهما بالأمر بتوحيده وعبادته؛ فقال سبحانه: ﴿ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ﴾ [النساء: 36].

وأمرنا الله أن نكون متذللين مع الوالدين، وأن ندعوَ لهما؛ فقال سبحانه: ﴿ وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ﴾ [الإسراء: 24]، هكذا يجب أن تكون أمام والديك ذليلًا متواضعًا خافضًا صوتك؛ كما قال ابن عباس: "كالعبد الآبق أمام سيده الغليظ"، ولو كنت بلغت أعلى الرتب ووالداك أمِّيَّان لا يُلتفَت إليهما.

وحتى لو كانا كافرين ويجاهدان الابن على أن يشركا بالله، فالابن مأمور بإحسان مصاحبتهما مع عدم الاستجابة لدعوتهما للشرك؛ قال سبحانه: ﴿ وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ﴾ [لقمان: 15]، فكيف بالوالدين المؤمنَيْنِ اللذين يأمران بطاعة الله، لا شك أنهما أولى بالإحسان والبر.

إن من البر أن تصلَ أصدقاءَ الوالدين وأهل أصدقائهما، ولو بعد موت الوالدين؛ ففي الحديث: ((أن ابن عمر رضي الله عنه كان ماشيًا بطريق مكة، فمرَّ به أعرابيٌّ، فقال: ألست فلان بن فلان؟ فقال: بلى، فأعطاه حماره الذي كان يركبه، فقال: اركب هذا، وأعطاه العمامة التي كانت على رأسه، وقال: اشدُدْ بها رأسك، فقال له بعض أصحابه: غفر الله لك، أعطيت هذا الأعرابي حمارًا كنت تروح عليه، وعمامة كنت تشد بها رأسك، فقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من أبر البر أن يصل الرجل أهل ودِّ أبيه بعد أن يوليَ، وإن أباه كان صديقًا لعمر))؛ [رواه الإمام مسلم].

فانظر إلى مكانة الوالدين في هذا الدين العظيم، وانظر إلى برِّ ابن عمر رضي الله عنه، كيف أكرم الأعرابي وهو ليس صديق أبيه، وإنما ابن صديق أبيه، فكيف لو لقيَ صديق أبيه؟

أيها الإخوة الكرام...
إذا نظرنا إلى حال الصالحين مع أمهاتهم وآبائهم، نجد من البر عجبًا؛ فهذا ابن عون نادته أمه فأجابها، فعلا صوته صوتها، فأعتق رقبتين.

وكان ابن المنكدر من التابعين يضع خده على الأرض، ويقول لأمه: "قومي ضعي قدمك على خدي".

وكان زين العابدين من أبر الناس ولا يأكل مع أمه في صحن واحد، فقيل له في ذلك فقال: "أخاف أن تسبق يدي إلى ما قد سبقت إليه عينها، فأكون قد عققتها".

وقيل لأحدهم: كيف كان بر ابنك بك؟ قال: "ما مشينا نهارًا قط إلا مشى خلفي، ولا مشينا ليلًا إلا مشى أمامي، ولا رقى سطحًا وأنا تحته".

أيها الأحبة في الله...
إذا كان بر الوالدين من أعظم الواجبات وأجلِّ القربات، فإن عقوق الوالدين أو الإساءة إليهما من كبائر الذنوب والآثام، ومما يوجب سخط الجبار سبحانه، فرضا الرب في رضا الوالدين، وسخطه في سخطهما؛ كما صح عنه صلى الله عليه وسلم.

أخرج الشيخان في صحيحيهما من حديث عن أبي بكرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ فقلنا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين)).

وقد نهى الله تعالى عن أقل كلمة فيها إساءة إليهما، لا سيما إذا كبر سنُّهما وأصبحا في حاجة إلى أبنائهما؛ قال سبحانه: ﴿ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ﴾ [الإسراء: 23]، وكلمة (أف): اسم فعل مضارع بمعنى: أتضجر.

هذا النهي عن كلمة (أف)، فكيف بمن يصرخ في وجوههما؟ وكيف بمن يسبهما أو يسخر منهما؟ لا شك أن الذنب أعظم والجرم أكبر، ويلٌ لمن عقَّ والديه أو أحدهما، ويل له في الدنيا، فلن يجد إلا الشقاء والخَيبة، ولو كان من أغنى الناس، فلن يبارك الله له في شيء؛ لا في مال، ولا في ولد، ولن يجد طعم السعادة ما دام عاقًّا، وويل له في الآخرة من عذاب الله، فأي ظلم أعظم من أن يظلم الإنسان والديه؟ وأي إساءة أكبر من أن يسيء الإنسان إلى والديه؟
ولعن رسول الله صلى الله عليه وسلم مَن عقَّ والديه فقال: ((ملعون من عقَّ والديه))؛ [صححه الألباني في صحيح الترغيب].

واللعن معناه: الطرد من رحمة الله تعالى.

أيها الأحبة الكرام...
إن العقوق دَيْنٌ، وكما تدين تُدان، والجزاء من جنس العمل، والعقوق مما يعجَّل عقوبته في الدنيا قبل الآخرة، فمن عقَّ والديه، سلَّط الله عليه أبناءه، فيُذيقونه من العقوق والإساءة أكثر مما يعق والديه، والواقع يشهد والقصص الكثيرة في ذلك، فاختر لنفسك أخي الكريم كيف تريد أن يعاملك أبناؤك إذا كبر سنك، ورقَّ عظمك، وضعُفت قُواك، فكما تعامل والديك سيعاملك أبناؤك، وما ربك بظلام للعبيد.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من ذنب أجدر أن يعجِّلَ الله لصاحبه العقوبة في الدنيا، مع ما يدخر له في الآخرة، من البغي وقطيعة الرحم))؛ [رواه أبو داود والترمذي وصححاه]، والوالدان أقرب الأرحام.

وللأسف الشديد إنَّ منَّا مَن يفضِّل أصدقاءه على أمه، فتراه ينبسط في جلسة أصدقائه، ويفرح بخدمتهم، وينفق عليهم بسخاء وهو مسرور، ولكن انظر إلى حاله مع أمه أو مع أبيه، لا يطيق الجلوس معهما، وإن جلس تجده متململًا لا يطيق خدمتهما، هذا حال بعض شبابنا وبعض فتياتنا إلا من رحم الله.

نعم، يوجد من شبابنا وفتياتنا مَن هم بارُّون بوالديهم، وهؤلاء ندعو لهم ونسأل الله أن يبارك فيهم، وأن يكثر من أمثالهم.

وللأسف مِن المتزوجين مَن يفضل زوجته على والديه، وربما يُغضِبُ أمه خاصة ويعاملها معاملة سيئة - عياذًا بالله - إرضاء لزوجته، وتلك زوجة سوء إن كانت ترضى بذلك.

فلْنَتَّقِ الله ولنحذر سخط الله، ولْنَتُبْ إلى الله من كل تقصيرٍ حصل منا تجاه الوالدين، ولنتدارك ما تبقى من أعمارنا في رضا الوالدين والإحسان إليهما، إن كانوا أحياء أو أمواتًا؛ فالإحسان لا يتوقف بموتهما، ومَن كان قد مات والداه، فليكثر من الدعاء لهما والصدقة عنهما، فإن هذا مما يصلهما ويُسعِدهما في قبورهما، ويثقِّل موازينهما، وهو من العمل الذي لا ينقطع عن الميت؛ كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم.

نسأل الله أن يجعلنا من البارين بوالدينا، وأن يرزقنا بِرَّ أبنائنا، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

ورد القلب 2020-09-07 06:36 AM

بارك الله فيك على الموضوع القيم والمميز
وفي انتظار جديدك الأروع والمميز
لك مني أجمل التحيات
وكل التوفيق لك يا رب

♕حُلوة الحُب♕ 2020-09-07 06:39 AM

جزاك ربي خير الجزاء
ونفع الله بك وسدد خطاك
وجعلك من أهل جنات النعيم

غزل 2020-09-08 04:10 PM

سعدتُ بتوآجدي هُنا
طرح بقمة الرووعه والجمال
فسلمت أيادي لـ إختيارك لنا كل جميل
ولآحرمنا الله جديدك الرآئع..

تحيه معطره برياحين الياسمين

نزف القلم 2020-09-08 09:52 PM

جزاك الله خير الجزاء .. ونفع بك ,, على الطرح القيم
وجعله في ميزان حسناتك
وألبسك لباس التقوى والغفران
وجعلك ممن يظلهم الله في يوم لا ظل الا ظله
وعمر الله قلبك بالأيمان
على طرحك المحمل بنفحات ايمانيه
سررت لتواجدي هنا في موضوعك

عذبة المعاني 2020-09-10 07:51 AM

جزاك الله خير
واثابك بالدارين

ناطق العبيدي 2020-09-11 11:10 AM

بعد الله عنك شر النفوس ..
وحفظك باسمه السلام القدوس ..
وجعل رزقك مباركا غير محبوس ..
وجعل منزلتك عنده جنة الفردوس

احساس 2020-09-12 01:10 AM

سلمت الايادي على الانتقاء الراقي
الف شكر لك على جهودك المميزه
يعطيك العافيه لاخلا ولا عدم يارب
تقديري لسموك

صقر 2020-09-12 03:46 AM

يعطيك العافيه وسلمت يدآك
وسلم لنآ ذوقك الراقي على جمال الاختيار*
لك ولحضورك الجميل كل الشكر والتقدير

اسأل البآري لك سعآدة دائمة
تحياتي...~

اكتفاء 2020-09-12 05:36 AM

يعطيك العافيه وسلمت يدآك
وسلم لنآ ذوقك الراقي على جمال الاختيار*
لك ولحضورك الجميل كل الشكر والتقدير
اسأل البآري لك سعآدة دائمة


الساعة الآن 05:42 PM

 »:: تطويرالكثيري نت :: إستضافة :: تصميم :: دعم فني ::»

Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
هذا الموقع يستخدم منتجات Weblanca.com
المشاركات المكتوبة والمنشورة لا تعبر عن رأي منتدى بحرالامل ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك (ويتحمل كاتبها مسؤولية النشر)