منتديات بحر الامل

منتديات بحر الامل (http://www.bhralaml.com/vb/index.php)
-   ۩{ علوم منوعة من آلقرآن آلكريم }۩ (http://www.bhralaml.com/vb/forumdisplay.php?f=106)
-   -   الواضح في التفسير الحلقة الثلاثون (http://www.bhralaml.com/vb/showthread.php?t=28346)

نزف القلم 2020-04-22 09:07 AM

الواضح في التفسير الحلقة الثلاثون
 
الواضح في التفسير
(الحلقة الثلاثون)
أ. محمد خير رمضان يوسف
الجزء التاسع

سورة الأعراف
(الآيات 148 - 206)
﴿ وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِن بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَداً لَّهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّهُ لاَ يُكَلِّمُهُمْ وَلاَ يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً اتَّخَذُوهُ وَكَانُواْ ظَالِمِينَ ﴾ [الأعراف : 148]
148- وبعدَ أنْ ذهبَ موسَى إلى مُناجاةِ ربِّهِ في الجَبل، صنعَ لهمْ رَجُلٌ منَ السَّامِرَةِ في غيابهِ مِنْ حُليٍّ وزِينةٍ صورةَ عِجْلٍ مُجَسَّداً، يَعني تِمثالاً على شَكلِه، وجَعلَهُ على هَيئةٍ بحيث يُخرِجُ صوتاً كصَوتِ البقَر، وقالَ لهم: هذا هوَ إلهكُم! فالتفَّ عليهِ القومُ وصَاروا يَعبدونَه!!

ألا يرَى هؤلاءِ الجهَلةُ الضالُّونَ أنَّ هذا التمثالَ لا يَقدِرُ على الكلام، ولا أنْ يُرشِدَهمْ إلى خَير!! لقدِ اتَّخذوا ما صَنعوهُ بأيديهمْ إلهاً يَعبدونَه، فكانوا كافِرين، وعلى مُنكَرٍ عَظيم.

﴿ وَلَمَّا سُقِطَ فَي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْاْ أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّواْ قَالُواْ لَئِن لَّمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [الأعراف : 149]
149- ولمّا نَدِموا على ما فَعلوا أشدَّ الندم، وعَلِموا أنَّهمْ كانوا على ضَلالٍ مُبينٍ في عِبادةِ العِجلَ، تابوا وأنابوا، وأدرَكوا أنَّهمْ قدِ اقتَرفوا إثما كبيراً وعَملاً شَنيعاً، وقالوا: إذا لم يُدرِكنا ربُّنا برحمتهِ وعَفوِه، ويَتجاوَزْ عنْ خَطئنا ويتُبْ علينا، لنكونَنَّ منَ الهالِكين.

﴿ وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفاً قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِيَ أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الألْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُواْ يَقْتُلُونَنِي فَلاَ تُشْمِتْ بِيَ الأعْدَاء وَلاَ تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾ [الأعراف : 150]
150- ولمَّا رجعَ موسَى عليهِ السلامُ مِنْ مناجاةِ ربِّه، وقدْ أخبرَهُ سبحانَهُ بما صَنعَ قومهُ مِنْ بعدِه، غَضِبَ غَضَباً شَديداً، وقالَ لهم: بئسَ الذي فَعلتُموهُ مِنْ عبادةِ العِجلِ في غيبَتي، فهلِ استعجلتُمْ بهذا عقوبةَ اللهِ ونِقمتَهُ بكم؟!

وألقَى ألواحَ التوراةِ التي جاءَ بها على الأرضِ مِنْ شدَّةِ غَضَبهِ على قَومِه، واتَّجهَ إلى أخيهِ هارونَ وكانَ نائبَهُ في القَومِ، وأخذَ بشَعرِ رأسهِ يَجُرَّهُ نحوَه، وهوَ يظنُّ أنَّهُ قَصَّرَ في نَهيهم، فأجابَهُ عليهِ السَّلامُ بأنَّهُ غُلِبَ على أمرِه، وقال: يا أخي، لقدِ استذلَّني عبَدَةُ العِجلِ ولم يُبالوا بي، لِقلَّةِ مَنْ بقيَ معي وأيَّدَني عليهم، حتَّى همُّوا أنْ يَقتلوني لمِا بَذلتُ منْ نُصحٍ في نَهيهمْ عنْ ذلك، فلا تأخُذْ بشعرِ رأسي ولا تَغضَبْ عليَّ حتَّى لا تُسِرَّ الأعداءَ وتُفرِحَهمْ بذلك، ولا تَجعلني في عِدادِ الظَّالمينَ المُجرِمين، ولا تَخلِطْني بهم.

﴿ قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾ [الأعراف : 151]
151- قالَ موسَى عليهِ السَّلامُ داعياً ربَّهُ لمّا تبيَّنَ عُذْرُ أخيه: اللهمَّ اغفرْ لي ما صَنعتُ بأخي واتَّهمتُهُ به، وتجاوَزْ عنهُ إنْ كانَ قدْ قَصَّر في الإنكار، وأدخِلنا في رَحمتِكَ الواسِعَةِ في الدُّنيا والآخِرَة، فأنتَ أرحمُ مَنْ رَحِم.

﴿ إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ ﴾ [الأعراف : 152]
152- إنَّ الذينَ اتَّخذوا العِجلَ إلهاً لهمْ يَعبُدونَهُ مِنْ دونِ الله، سيَلحَقُهمْ غَضَبُ اللهِ وعُقوبتُه، وذِلَّةٌ واستِكانةٌ إلى يَومِ القِيامة، كما أغضَبوا ربَّهمْ واستهانوا بأمرِه، وهذا هوَ جزاءُ الكاذِبينَ على الله، المفتَرينَ على دينِه.

والذلُّ هوَ هزائمُهمْ وما تعرَّضوا لهُ مِنْ قَتل، وضُرِبَ عليهمْ مِنْ جِزية، وعاشوا تحتَ حُكمِ الآخَرين.

وقالَ صاحبُ الظِّلال: علمَ اللهُ أنَّ الذينَ اتَّخذوا العِجلَ لنْ يَتوبوا توبةً مَوصولة، وأنَّهمْ سيَرتكِبونَ ما يُخرِجُهمْ مِنْ تلكَ القاعِدة، وهكذا كان، فقدْ ظلَّ بَنو إسْرائيلَ يَرتَكِبونَ الخطيئةَ بعدَ الخطيئة، ويُسامِحُهمُ اللهُ المرَّةَ بعدَ المرَّة، حتَّى انتَهَوا إلى الغضَبِ الدائم، واللَّعنةِ الأخيرةِ.

﴿ وَالَّذِينَ عَمِلُواْ السَّيِّئَاتِ ثُمَّ تَابُواْ مِن بَعْدِهَا وَآمَنُواْ إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ [الأعراف : 153]
153- والذينَ ارتَكبوا السيِّئات، صَغيرةً كانتْ أو كبيرة، حتَّى لو كانَتْ كُفراً، ثمَّ تابوا عنها، ونَدِموا، وعَزَموا على عَدمِ العَودةِ إليها، وآمَنوا إيماناً صَحيحاً، فإنَّ ربَّكَ يَغفِرُ لهم، ويَتوبُ عليهم، ويَرحَمُهم.

قالَ الفَخرُ الرازيّ: وهذا مِنْ أعظمِ ما يُفيدُ البِشارةَ والفرحَ للمُذنِبين.

﴿ وَلَمَّا سَكَتَ عَن مُّوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ ﴾ [الأعراف : 154]
154- ولمّا سكنَتْ سَوْرةُ الغضَبِ عندَ موسَى، أخذَ ألواحَ التوراةِ التي كانَ قدْ ألقاها، وكُتِبَ فيها ما هوَ بيانٌ للحقّ، وهِدايةٌ للناسِ منَ الضَّلال ، ورحمةٌ بهمْ منَ العَذاب، وإرشادٌ لهمْ إلى ما فيهِ الخيرُ والصَّلاح، لمنْ يخشَوْنَ اللهَ ويحبُّونَ أنْ يتَّبعوا هَديه، ويخضَعوا لأحكامِه.

﴿ وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِّمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُم مِّن قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاء مِنَّا إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَاء وَتَهْدِي مَن تَشَاء أَنتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ ﴾ [الأعراف : 155]
155- واختارَ موسَى مِنْ بَني إسرائيلَ سَبعينَ رَجُلاً، ووَعدَهمُ اللهُ مِيقاتاً يَحضُرونَ فيه، ربَّما لإعلانِ التَّوبةِ وطلبِ المغفِرَةِ لبَني إسْرائيل، ولكنَّهمْ هناكَ طَلبوا رؤيةَ اللهِ ليُصَدِّقوا موسَى فيما جاءَهمْ بهِ مِنَ الفَرائضِ في الألواح! فأخذَتْهمُ الرعْدةُ وصُعِقوا، فتوَجَّهَ نبيُّ اللهُ موسَى إلى ربِّهِ في تَذلُّلٍ وخُضوع، يُريدُ رفعَ غَضبهِ ومَقتهِ عنهم، وقال: اللهمَّ ربَّنا إنَّكَ لو أرَدتَ إهلاكَهمْ لأهلكتَهمْ قبلَ هذا الوقت، منْ قِبَلِ فِرعَونَ أو عندَ عبادتِهمُ العِجل، ولكنَّكَ تَجاوزتَ ورحِمْت، فاعفُ عنهمْ بعفوِكَ وكَرَمِك، وإيّايَ كذلك.

أتُهلِكُنا يا ربِّنا بما اقترَفَهُ السُّفهاءُ منّا، مِنْ عِبادةِ العِجل، أو عنادِهمْ وسوءِ أدبِهمْ معَ جلالِكَ وعظمتِك. والذي وقعَ منهمْ ما هو إلاّ ابتِلاءٌ واختِبارٌ منك، فهَدَيتَ بذلكَ مَنْ شِئتَ منهمْ وعَصَمْتَهم، وأضلَلتَ آخَرينَ منهمْ يَستَحقِّونَ الضَّلال. أنتَ يا اللهُ ناصِرُنا وحافِظُنا، والقائمُ بأمورِنا، فاغفِرْ لنا ما اقترَفنا، وارحَمْنا برحمتِك، فأنتَ خيرُ مَنْ غَفرتَ ورَحِمْت، ولا يَغفِرُ الذنوبَ إلاّ أنت.

وفيهِ استِعطافُ موسَى لرأفةِ اللهِ ورحمتِه، وتَبرُّؤٌ مِنْ فِعلِ السُّفهاء.

﴿ وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَـذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَـا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاء وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَـاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [الأعراف : 156]
156- اللهمَّ واقسِمْ لنا في هذهِ الحياةِ الدِّنيا جِماعَ الخَيرِ والعافيَة، والتوفيقَ لطاعتِكَ ورِضاك، وكذا في الحياةِ الأخرَى، لنفوزَ بالمثوبةِ الحُسنَى، إنّا تُبنا إليك.

قالَ اللهُ ما معناه: عُقوبَتي وعَذابي مِنْ شَأني، أصيبُ بهِ مَنْ أشاءُ دونَ تدخُّلٍ منْ غَيري، وليَ الحِكمَةُ والعَدلُ في ذلكَ كلِّه.

ورحمَتي عَظيمةٌ شامِلةٌ عامَّة، فسأثبتُها لعِباديَ المؤمِنين، وأخُصُّ بها الذينَ يَبتعِدونَ عنِ الشِّركِ والمعَاصي، ويَخافونَ يومَ الحِساب، ويَخشَونَ عَقوبةَ الله، ويَدفعونَ زكاةَ أموالِهمْ للفُقراءِ والمسَاكين، ويؤمِنونَ بآياتِنا كلِّها.

﴿ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الأعراف : 157]
157- الذينَ يتَّبِعونَ الرسُولَ محمَّداً صلى الله عليه وسلَّم، الذي أرسلَهُ اللهُ لتبليغِ دِينِه، النبيَّ الأميَّ الذي ما كانَ يَقرأ ولا يَكتب، وهذا مُعجِزةٌ لهُ صلى الله عليه وسلم، -وصِفةُ الأميَّةِ لا تُذكَرُ للمَدحِ لغَيرِه- وهوَ الذي يَجِدهُ أهلُ الكتابِ منَ اليهودِ والنصارَى مَكتوباً عندَهم، اسمَهُ وصِفَتَه، في التوراةِ والإنجيل، يأمرُ الناسَ بالخَيرِ والتقوَى ومكارمِ الأخلاقِ والعَملِ الصَّالح، ويَنهاهُمْ عنِ الشرِّ والشِّركِ وقَطعِ الأرحامِ والفَواحِش، ويُحِلُّ لهمْ طيِّباتِ الأطعِمَةِ والذبائحِ ممّا كانَ يُحَرِّمُهُ أهلُ الجاهليَّةِ دونَ حقّ، ويُحَرِّمُ عليهمْ ما خَبُثَ منها، كالمَيتةِ ولحمِ الخنزيرِ، ويُيسِّرُ عليهمْ أمورَ دينِهم، ويَرفَعُ عنهمْ ما يُثقِلُ كاهلَهم، وما فيهِ تَكاليفُ شاقَّة، وأوامرُ صَعبةٌ تطوِّقُهم، ممّا كانَ مَفروضاً على بَني إسرائيلَ عُقوبةً لهم.

فالذينَ آمَنوا برسالةِ محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم ونبوَّته، ووقَّروه، ونَصروهُ في جِهادهِ ضدَّ الكُفرِ والشِّرك، واتَّبعوا الكتابَ الذي أنزلَهُ اللهُ عليه، فأولئكَ همُ الفائزونَ في الدُّنيا والآخِرَة.

﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾ [الأعراف : 158]
158- قُلْ أيُّها النبيُّ الكريم: أيُّها الناس، إنِّي مُرسَلٌ مِنْ قِبَلِ اللهِ إليكمْ كافَّة، وليسَ للعرَبِ وحدَهم، هوَ اللهُ الذي لهُ مُلكُ السَّماواتِ والأرضِ وما بينَهما، لا إلهَ للكَونِ غيرُه، ولا مَعبودَ بحقٍّ سِوَاه، الذي يُحيي ويُميت، ولا يَقدِرُ على ذلكَ أحدٌ سِوَاه، فآمِنوا باللهِ الواحدِ الذي لا شَريكَ له، وبرسولهِ محمَّد، النبيِّ الأمِّيّ، كما هوَ مِنْ صِفَتهِ في التوراةِ والإنجيل، الذي يؤمِنُ بالله، وبما أنزلَهُ عليهِ وعلى سائرِ إخوانهِ منَ الرسُلِ مِنْ كُتبٍ ووَحي، واتَّبِعوهُ فيما يُخبِرُكمْ بهِ وما يَطلُبهُ منكم، لتَهتدوا وتَفوزوا، فإذا لم تتَّبعوهُ ضَللتُمْ وهَلكتُم.

﴿ وَمِن قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ ﴾ [الأعراف : 159]
159- ومِنْ بَني إسْرائيلَ طائفة، أو جَماعةٌ عَظيمة، يَتَّبِعونَ الحقَّ ويَهتدونَ به، وبهِ يَحكُمون، وبالعَدلِ يَقومون، ويُرشِدونَ الناسَ إليه. وهذا مُقابِلَ مَنْ عصَى منهم. وكانوا في عَهدِ موسَى، أو مِنْ بعده.

﴿ وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطاً أُمَماً وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَـكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾ [الأعراف : 160]
160- وفرَّقنا بني إسْرائيلَ وصيَّرناهمْ اثنتَي عشرةَ أمَّةً مِنْ قَبائلهم. وأوحَينا إلى نبيِّهمْ موسَى عندَما طَلَبَ منهُ قومهُ الماءَ مِنَ العطَشِ وهمْ في التِّيه، أنِ اضرِبِ الحَجرَ بعَصاك، فانفجرتْ منهُ اثنتا عَشرةَ عَيناً؛ مُعجِزةً له، لكلِّ قبيلةٍ منَ القبائلِ المذكورةِ عَينٌ خاصٌّ بها قدْ عرفَتْها.

وقدْ أنعَمنا عليهمْ وهمْ في ظُروفٍ شَديدةٍ في التِّيه، فظلَّلنا عليهمُ السَّحابَ الأبيضَ ليَقيَهُمْ حرَّ الشَّمسِ المُحرِق، وكانَ يَسيرُ الغَيمُ بسَيرِهم، ويَقِفُ بوقوفِهم!

وأنزلنا عليهمْ طَعاماً شَهيّاً لا يَتعَبونَ في تَحصيله، وهوَ المَنّ، الذي يَجدونَهُ على الأشجَار حُلواً كالعَسل، وطائرُ السُّمانَى، القريبُ المنال، فكُلوا هذا الطعامَ الطيِّبَ المستَلذَّ هَنيئاً مَرِيئاً، ولكنَّكمْ ظَلمتُمْ وجَحَدتُم، فكانتْ عاقبةُ ظُلمِكمْ على أنفسِكم.

﴿ وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُواْ هَـذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُواْ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُواْ حِطَّةٌ وَادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّداً نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الأعراف : 161]
161- واذكرْ لليَهودِ قولَنا لأسلافِهم: ادخُلوا هذهِ القرية -لعلَّها بيتُ المَقدِسِ- وأقيموا فيها، وكلوا مِنْ مَطاعمِها وثِمارِها ما شِئتُمْ في رغَدٍ وهَناء، وقولوا عندَ دخولِكمْ "حِطَّة": حُطَّ عنّا ذنوبَنا واغفِرْ لنا، وليكنْ دخولُكمْ مِنْ بابِها في تواضُعٍ وخُشوع، فإذا فعلتُمْ ذلكَ غَفَرنا لكمْ ذنوبَكم، وزِدْنا المُحسِنينَ منكمْ إحساناً.

﴿ فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِجْزاً مِّنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُواْ يَظْلِمُونَ ﴾ [الأعراف : 162]
162- لكنَّ فريقاً ظالماً منهمْ خالَفوا وعَصَوا، فبدَّلوا ما أُمِروا بهِ مِنَ الخضوعِ بالقَولِ والفِعل، فبدَلَ أنْ يَدخُلوا سَاجِدينَ مَستَغفِرين، دَخلوا بهيئةٍ أخرَى مُخالِفة، وقالوا قولاً آخرَ غيرَ الذي أُمِروا به؛ مُخالفةً وعِناداً.

فأنزَلنا على الظَّالمينَ المُعانِدينَ عَذاباً منَ السَّماء؛ لفِسقِهمْ وعِصيانِهم.

﴿ واَسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ لاَ تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ﴾ [الأعراف : 163]
163- واسْألِ اليَهودَ وذَكِّرْهمْ بما يُخفونَهُ مِنَ التوراةِ ممّا فيهِ تجاوزُهمْ لحدودِ الله، عنِ القريةِ التي كانتْ على سَاحلِ البَحر، فكانوا يَعتدونَ فيها يومَ السَّبت، وهوَ مُعَظَّمٌ عندَهمْ لا يَجوزُ العملُ فيه، فابتُلوا بوَفرةِ الحيتانِ في ذلكَ اليوم، حتَّى تَبدوَ ظاهرةً على وجهِ الماء، ولا تأتيهمْ في غَيرِ هذا اليوم. كذلكَ نَختبِرُهمْ بسَببِ فِسقِهمْ وخُروجِهمْ عنْ طاعةِ الله، ليَظهرَ منهمْ ما يَظهر، فنُجازيهمْ عليه .

﴿ وَإِذَ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴾ [الأعراف : 164]
164- وقالتْ فِرقَةٌ منهمْ لأخرَى، كانتْ تُنكِرُ عليهمْ عَملَهمْ هذا وتُحَذِّرُهمْ عُقوبةَ الله: لماذا تَنهَونَ هؤلاءِ العاصِينَ المُخالِفينَ أمرَ اللهِ وقدِ استَحقُّوا الهَلاكَ مِنْ قِبَلِ ربِّهم، أو أنَّهُ سيُعذِّبُهم عَذاباً مُوجِعاً مُؤلماً، فلا فائدةَ مِنْ تذكيرِكمْ إيّاهم.

قالوا: نُنكِرُ عليهمْ ذلكَ حتَّى نُعْذَرَ عندَ اللهِ ونُبرِئَ ذِمَّتنا، لمِاَ أُخِذَ عَلينا مِنَ النَّهي عنِ المنكَر، ولِيُعلَمَ أنَّا لَسنا معهمْ ولا نوافِقُهمْ على فعلِهمْ هذا، ولعلَّهمْ بهذا الإنكارِ يتذكَّرون، فيَنتَهونَ ويَتوبون.

﴿ فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ ﴾ [الأعراف : 165]
165- فلمّا لم يُبالوا بالنصِيحة، وأعرَضوا عمّا ذُكِّروا به، أنقَذْنا مِنْ بينِهمُ الجَماعةَ التي كانتْ تُذَكِّرُهمْ وتَنهاهمْ عنْ عَملِهمُ السيِّئ، وأخذنا المعتَدينَ منهمْ بعَذابٍ شَديد؛ بسبَبِ فِسقِهمُ المستَمِرّ.

﴿ فَلَمَّا عَتَوْاْ عَن مَّا نُهُواْ عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ ﴾ [الأعراف : 166]
166- فلمّا لم يَرتَدِعوا بما عذَّبناهم، واستَكبَروا عنْ قَبولِ الحقّ، وأصَرُّوا وعانَدوا ولم يَنتَهوا عمّا نُهوا عنه، عاقَبناهمْ وقُلنا لهم: كونوا قِرَدَةً أذلَّةً صَاغِرين، مُحقَّرينَ مُهانين.

﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَن يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ [الأعراف : 167]

167- وقدْ أعلمَ ربُّكَ أنَّهُ سيَبعَثُ على اليَهودِ حتَّى انتهاءِ الحياةِ الدُّنيا مَنْ يُذيقُهمْ سُوءَ العذاب؛ بسببِ مخالفتِهمُ المستمرَّةِ لأوامرِ الله، وإنَّ اللهَ لسَريعُ العُقوبةِ لمنْ شاءَ أنْ يعاقِبَهُ في الدُّنيا، وهوَ يَغفِرُ لمنْ تابَ إليه، ويَرحَمُ مَنْ آمَن.

﴿ وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الأَرْضِ أُمَماً مِّنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ [الأعراف : 168]
168- وفرَّقنا اليَهودَ في مَناطقِ الأرضِ وشتَّتنا أمرَهم، وجعلناهُمْ طوائفَ وفِرقًا، منهمُ المؤمِنونَ الصَّالحونَ المتابِعونَ للرسُل، ومنهمُ الكفَرةُ والفاسِقونَ المخالِفونَ لهم.

وقدْ بَلوناهمْ واختَبرناهمْ بالخِصبِ والعافيَة، وبالجَدْبِ والشدَّة، لكي يَرجِعوا إلى طاعةِ ربِّهمْ ويَنتَهوا عمّا نُهوا عنه.

﴿ فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُواْ الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَـذَا الأدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِن يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِّثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِم مِّيثَاقُ الْكِتَابِ أَن لاَّ يِقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقَّ وَدَرَسُواْ مَا فِيهِ وَالدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ ﴾ [الأعراف : 169]
169- فجاءَ مِنْ بعدِهمْ جيلٌ انتَقلتْ إليهمُ التوراةُ مِنْ آبائهم، فصارُوا يأخُذونَ الرِّشا مُقابِلَ أقضيةٍ جائرةٍ ويَقولونَ إنَّ حُكمَها مِنَ التوراة، وأخَذوا يُزَوِّرونَ ويُحَرِّفونَ فيها بما يوافِقُ أهواءَهمُ الزائغة وآراءَهمُ الفاسِدة، لا يُبالونَ بحَلالٍ ولا حَرام، ولا حَقٍّ ولا باطِل، والمهمُّ عندَهمُ المالُ ومَتاعُ الدُّنيا، ثمَّ يَقولونَ بعدَ هذهِ الأفعالِ الشَّنيعة: إنَّ اللهَ سيَتجاوزُ عنّا ولا يُعَذِّبُنا! وإذا جاءَتْهُمْ صَفقةٌ ماليَّةٌ فاجِرةٌ منَ الغَد، عَادوا إلى ما كانوا عليه، لحرصِهمْ على الدُّنيا، وإصرارِهمْ على الذُّنوب، وكذبِهمْ في طَلَبِ المغفِرة، غيرَ تائبينَ ولا مُقلِعينَ عنها.

أمَا أُخِذَ منهمْ ميثاقٌ ووعدٌ مؤكَّدٌ منَ التوراةِ ألاّ يَقولوا على اللهِ إلاّ ما قالَهُ حقًّا، وأنْ يُبَيِّنوهُ للناسِ كما هو، فلا يَزيدوا ولا ينَقُصوا، وقدْ دَرَسوا التوراةَ وعَلِموا ذلك، وهمْ يَذكرونَهُ جيِّداً، وإنَّ طَلَبَ المثوبةِ الحُسنَى في الدَّارِ الآخِرَةِ بدلَ عَرَضٍ زائلٍ مِنْ أعراضِ الدُّنيا، أحسَنُ وأفضلُ لِمَنِ اتَّقَى اللهَ وخافَ عِقابَهُ وثَبتَ على الحقِّ كما أمرَه، أفلا تَعقِلونَ ذلكَ فتَتدبَّرون، وتَفهَمونَ فتَعتبِرون، وتَعلَمونَ أنَّ النَّعيمَ المُقيمَ خيرٌ منَ العَذابِ الأليم؟!

﴿ وَالَّذِينَ يُمَسَّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ ﴾ [الأعراف : 170]
170- والذينَ يَتمَسَّكونَ بكتابِ اللهِ ويَعتَصِمونَ بحبلِهِ المتين، ولا يَتزَحزَحونَ عمّا أمرَهمُ اللهُ به، وأقامُوا الصَّلاةَ المفروضةَ عليهم، التي هيَ أهمُّ أركانِ الدِّينِ بعدَ الشَّهادَتين -وفيهِ الإشارةُ إلى مَنْ أسلمَ منْ أهلِ الكتابِ- فإنّا لنْ نُضيعَ عملَهمُ الصَّالح، بلْ نُجازيهمْ عليها أحسنَ الجزاء.

﴿ وَإِذ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّواْ أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُواْ مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [الأعراف : 171]
171- واذكرْ لليَهودِ أيضاً ما أرعَبنا بهِ أسْلافَهمْ عندما رفَعنا فوقَهمْ الجبل، حتَّى صارَ كأنَّهُ غَمامةٌ أو سَقِيفةٌ فوقَهم، وتَيقَّنوا أنَّهُ سيَسقُطُ عليهم، لأنَّهمْ أبَوا قَبولَ التوراةَ والأخذَ بأحكامِها، فخافُوا واستَكانُوا وقَبِلوا، فقُلنا لهم: خُذوا ما آتَيناكمْ منَ التوراةِ بجِدٍّ واجتِهاد، وعَزمٍ على العَملِ به، والانقيادِ لمِا فيه، لتَكونوا بذلكِ منَ المؤمِنينَ الصالِحين.

﴿ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ ﴾ [الأعراف : 172]
172- واذكرْ أيُّها النبيُّ للناسِ أنَّ اللهَ استَخرجَ ذُرِّيةَ بني آدمَ مِنْ أصلابِهم، وأشهدَ كلَّ واحدٍ منهمْ على أنفسِهمْ أنَّ اللهَ ربُّه ومَليكُه، ففَطَرهمْ بذلكَ على الإيمان، وجَبَلهمْ على التَّوحيد، وأقرُّوا بذلكَ للهِ وشَهِدوا عليه. وذلكَ حتَّى لا تَقولوا يومَ القيامةِ إنَّنا ما كنّا نَعرِفُ الإيمانَ والتوحيد.

﴿ أَوْ تَقُولُواْ إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ ﴾ [الأعراف : 173]
173- أو تَقولوا يومَ القيامة: إنَّ آباءَنا همُ الذينَ أشرَكوا، وهمُ الذينَ سَنُّوا هذا الطَّريقَ قَبلَنا، وما نحنُ إلا ذُرِّيةٌ مِنْ بعدِهم، وجَدناهمْ يَفعلونَ ذلكَ فتابَعناهمْ عليهِ وقلَّدناهُمْ فيه، فتَجعَلوا هذا عُذراً لكمْ وتَقولوا: أتؤاخِذُنا وتُعَذِّبُنا بجِنايةِ آبائنا المُبطِلين؟ فليسَ لكمْ أنْ تَحتَجُّوا بذلكَ وقدْ أخذَ اللهُ منكمُ الميثاقَ على التوحِيد.

﴿ وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ [الأعراف : 174]
174- وكذلكَ نبيِّنُ الحُجَجَ والبراهينَ ليتدبَّرَها الناس، ويَرجِعوا عمَّا هُمْ عليهِ منَ الإصرارِ على الكُفرِ والباطِل، إلى نورِ الإيمانِ والتَّوحيد.

﴿ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ ﴾ [الأعراف : 175]
175- واقرأ عليهمْ خبرَ ذلكَ الرَّجُلِ مِنْ بَني إسرائيل، الذي أنعَمنا عليهِ وآتَيناهُ عِلماً وفَضلاً، ولكنَّهُ كفرَ بنِعمتِنا وآياتِنا التي خَصَصناهُ بها ونَبذَها وراءَ ظهرِه، فلَحِقَهُ الشَّيطانُ وغَلبَهُ على أمرِه، فكانَ منَ الضالِّين الهالِكين، بعدَ أنْ كانَ مِنَ المُهتَدين.

﴿ وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَـكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الأعراف : 176]
176- ولو شِئنا لرفَعنا دَرجتَهُ ومَنْزِلَتَهُ بتلكَ الآيات، ولكنَّهُ مالَ إلى الدُّنيا ولَذَّاتها، فغرَّتْهُ وألهتْهُ عنِ الحقّ، فانقادَ إليها وسايرَ هواهُ ومُناه، ورغبتَهُ وشهوتَه، ومَثَلهُ في ذلكَ كمَثَلِ الكلب، الذي إنْ زجرتَهُ ونهرتَهُ لَهَث، وإنْ لم تَزجُرْهُ بقيَ كذلكَ يَلْهَث! فهذهِ طبيعتُه، وكذلكَ الرجلُ الذي غَرِقَ في هواهُ وصُمَّ عنْ سَماعِ الحقّ، إنْ دعوتَهُ إليهِ أو لم تَدْعُهُ لم يَنتَفِعْ بموعظَتِك، أو ساءتْ حالهُ فكانَ مُضْطَرِبَ القَلب، دائمَ القَلق، كحالِ الكلبِ في لُهاثِه.

ذلكَ مَثَلُ أهلِ مكَّة، الذينَ كانوا يَتمنَّونَ هادياً يَهديهم، فلمّا جاءَهمُ الصَّادقُ المصدوقُ صلى الله عليهِ وسلمَ كذَّبوه، أو كمَثَلِ اليَهود، الذينَ كانوا يُبَشِّرونَ بمبعَثِ رسُول، ويَذكرونَ صِفاتِه، والقُرآنَ الذي معه، فلمّا جاءَهُمْ بتلكَ الصِّفاتِ كفَروا به.

فاذكرْ هذهِ الأمثالَ والقَصَصَ ليَتفكَّرَ الناسُ ويَتدبَّروا ما فيها، ليَعتبروا ويَنْزَجِروا عن الباطلِ الذي همْ عليه.

﴿ سَاء مَثَلاً الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَأَنفُسَهُمْ كَانُواْ يَظْلِمُونَ ﴾ [الأعراف : 177]
177- بئسَ مَثَلاً مَثَلُ المُكَذِّبينَ بآياتِنا الذينَ شُبِّهِوا بالكِلاب، وكانوا يَظلِمونَ أنفسَهمْ بأنواعِ المعاصي والسيِّئات، والخلودِ إلى الهوَى والضَّلال، فإنَّ وبالَ عَملِهمْ هذا على أنفسِهم.

﴿ مَن يَهْدِ اللّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَن يُضْلِلْ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ [الأعراف : 178]
178- مَنْ هَداهُ اللهُ إلى صِراطهِ المستَقيم، ويَسَّرَ لهُ طريقَ الهُدَى والرَّشاد، ووفَّقَهُ لِفعلِ الخَيرات، فهوَ المهتدِي المتَّبِعُ للحَقّ، ومَنْ أضَلَّهُ وخَذلَهُ، فقدْ خابَ وخَسِر.

وللهِ الحِكمَةُ في ذلك، فلا يَظلِمُ أحداً، ولا يُجبِرهمْ على إيمانٍ أو كُفر، بلْ يَهدي مَنْ يجاهدُ ليَهتديَ ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ﴾ [العنكبوت:69]، ويُضِلُّ مَنْ يَبغي الضَّلالَ لنفسِه.

﴿ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ﴾ [الأعراف : 179]
179- ولقدْ خَلقنا للنارِ وهيَّأنا لها كثيراً مِنَ الإنسِ والجِنّ، وهمُ المُصِرُّونَ على الكُفرِ والضَّلال، الرافِضونَ للحَقِّ رغمَ وضُوحِه، فلَهمْ قُلوبٌ لم يَستَعمِلوها لمعرفةِ الخَيرِ والهُدَى، ولا ليَفقَهوا دلائلَ الإيمان. ولهمْ أعينٌ لم يَستَعمِلوها لتبصُّرِ آياتِ اللهِ الكونية، ولا لمعرفةِ خالقِ الشَّواهدِ الحسِّية، ولهمْ آذانٌ لا يَسمَعونَ بها كلامَ اللهِ الحقّ، ولا مَواعِظَهُ وزَواجِرَهُ في كتابهِ الكريم، الذي أنزلَهُ لهدايةِ عبادِه. فأولئكَ كالحيَوانات، قدْ عطَّلوا ما وهبَهمُ اللهُ مِنَ الحواسِّ المُدرِكة، ولم يَستَخدِموها لوظائفها الحقِيقيَّة، فصَاروا كالحيَواناتِ التي لا تَعقِل، بلْ همْ أضلُّ منها، فهيَ تُمَيِّزُ بينَ كثيرٍ منَ المضارِّ والمنافع، فلا تُقْدِمُ عليها حتَّى لا تَهلِك، وهؤلاءِ الكفّارُ غَفَلوا عمّا يُصلِحُهمْ في الدُّنيا ويُخَلِّصُهمْ منْ وعيدِ اللهِ وعِقابهِ في الآخِرَة.

﴿ وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾ [الأعراف : 180]
180- وللهِ أحسنُ الأسماءِ وأجَلُّها؛ لأنَّها تُنبِئُ عنْ أحسَنِ المعاني وأشرَفِها، فادعوهُ بهذهِ الأسماءِ الجلِيلة، ودَعوا الذينَ يَميلونَ ويَنحرِفونَ فيها عنِ الحقِّ إلى الباطِل، كما يَفعَلهُ المشرِكون، فسَمَّوا بها آلهتَهمُ المزعُومة، فحرَّفوا اسمَ "الله" وسمَّوا بهِ "اللاّت"، واسمَ "العَزيز" فسمَّوا به "العُزَّى". وإنَّ مَنْ ألحَدَ في أسماءِ اللهِ وانحرفَ بها عنِ القَصد، يُنْزِلُ بهمْ عقوبتَه، كمنْ نفَى معانيَها أو حرَّفَها.

وأسماؤهُ سُبحانَهُ توقيفيَّة، لا يجوزُ للمرءِ أنْ يُكوِّنها أو يَخترِعَها مِنْ عندِه، فلا يُقالُ لهُ -مثلاً- "عاقِل" و"فَقيه"، بلْ يُدعَى بأسمائهِ المذكورةِ في القرآنِ والحديثِ الصَّحِيح.

﴿ وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ ﴾ [الأعراف : 181]
181- ومِنَ الأمَمِ التي خَلقْنا أمَّةٌ فاضِلةٌ يَهتدونَ بالحقِّ ويَهدونَ الناسَ إليه، ويَعمَلونَ بهِ في شُؤونِهمُ الحياتيَّةِ والأُخرَويَّة، معَ أنفسِهمْ ومعَ الآخَرين. ولا يَخلو منهمْ زَمان.

﴿ وَالَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾ [الأعراف : 182]
182- والذينَ كذَّبوا بالأدلةِ البيِّنةِ والمُعجِزاتِ القاطِعَةِ التي خَصَّ اللهُ بها أنبياءَه، لتدُلَّ على صِدقِهمْ وما جاؤوا به، فردُّوها ولم يَقبَلوا بها، سنَفتحُ لهمْ أبوابَ النَّعيمِ والترفُّه، حتَّى يَغترُّوا بما همْ فيه، فيَزدادوا طُغياناً وكُفراً، لنأخُذَهمْ بَغتةً، ونَزيدَ في عُقوبتِهم.

﴿ وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ ﴾ [الأعراف : 183]
183- وأُمهِلُهمْ وأُطيلُ في آمالِهم، حتَّى يَظنُّوا أنَّهمْ لا يُعاقَبونَ ولا يُؤاخَذون، إنَّ كيدي باستِدراجِ الكافرينَ الغافلينَ قويٌّ شَديدٌ.

﴿ أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُواْ مَا بِصَاحِبِهِم مِّن جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ مُّبِينٌ ﴾ [الأعراف : 184]
184- ألمْ يُفَكِّرِ المكذِّبونَ مِنْ كفّارِ قُرَيشٍ أنَّ محمَّداً صلى الله عليه وسلم ليسَ بهِ مَسُّ جُنونٍ كما يَدَّعون؟ بلْ هوَ رسولُ اللهِ حقًّا، يَظهَرُ أمرُهُ هذا لكلِّ متأمِّلِ ذي عَقل.

﴿ أَوَلَمْ يَنظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللّهُ مِن شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَن يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ ﴾ [الأعراف : 185]
185- ألا يَنظُرُ هؤلاءِ الكافِرونَ في خلقِ السَّماواتِ والأرضِ ويَتأمَّلونَ فيه، ليَستَدِلُّوا بذلكَ على قُدرةِ اللهِ وعَظمتِهِ ووَحدانيَّته، ويَتوجَّهوا بالعِبادةِ إليهِ وحدَه، ويَترُكوا ما همْ عليهِ منْ عِبادةِ الأصنامِ، وقدْ تَكونُ آجالُهمْ قَريبة، فيَموتونَ قبلَ أنْ يؤمِنوا، ثمَّ يَصيرونَ إلى العَذاب؟ فبأيِّ إنذارٍ وتَذكيرٍ بعدَ القُرآنِ الذي جاءَهمْ بهِ محمَّدٌ صلى الله عليه وسلم يُؤمِنونَ ويَرتَدِعون، وفيهِ ما يَدلُّهمْ على الإيمان، ويُنقِذُهمْ منَ النيران؟

﴿ مَن يُضْلِلِ اللّهُ فَلاَ هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ﴾ [الأعراف : 186]
186- ولكنَّهمْ يأبَونَ إلاّ الكُفر، ويُعانِدون، ويُصِرُّونَ على التَّكذِيب، ومَنْ أضلَّهُ اللهُ فلا يَقدِرُ أحدٌ على أنْ يَهديَه، ونحنُ نَترُكُهمْ في ضَلالِهمْ وعَماهُمْ يَتحيَّرونَ ويَتردَّدون.

﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللّهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾ [الأعراف : 187]
187- ويسألُكَ الكفّارُ عنْ وقتِ يَومِ القِيامَةِ متَى يَثبُت، تَكذيباً لِما تَقول، واستِبعاداً لوقوعِه.

فقلْ لهم: عِلْمُ ذلكَ عندَ اللهِ وحدَه، لا يُظهِرهُ للناسِ في وقتهِ إلاّ هو، ثَقُلَ علمُ السَّاعةِ وخَفِيَ أمرُها على أهلِ السَّماواتِ والأرضِ كلِّهم، لا تأتيكمْ إلاّ فَجأةً في غَفلةٍ منكم.

يَسألونَكَ ذلكَ وكأنَّكَ عالِمٌ بها، فقل: إنَّما علمُ ذلكَ عندَ اللهِ وحدَه، لا يَعرِفهُ مَلَكٌ مُقرَّبٌ ولا نبيٌّ مُرسَل، ولكنَّ أكثرَ الناسِ لا يَعلمونَ ذلك.

﴿ قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾ [الأعراف : 188]
188- قُلْ أيُّها النبيُّ الكريم: لا أملِكُ لنَفسي جلبَ مَنفَعةٍ ولا دَفْعَ مَضَرَّة إلاّ إذا شاءَ اللهُ ذلك، ولو كنتُ أعلمُ المستقبَلَ لأكثرتُ مِنْ عَمَلِ الخَيرِ وحصَّلتُ منافِعَ جمَّةً واستعدَدْتُ لذلكَ أكثَر، ولاجتنبتُ الشرَّ ودفَعتُ عنْ نَفسي الآفاتِ والمضرَّاتِ قبلَ أنْ تَكونَ ما استَطَعتُ، ما أنا إلاّ رسُولٌ أُنذِرُكمْ عذابَ اللهِ ما لم تتَّقوهُ وتتَّبِعوا أوامرَه، وأبشِّرُكمْ بالخيرِ والجزاءِ الطيِّب، إذا آمَنتُمْ بالله، وصَدَّقتُمْ رسولَه، واتَّبعتُمْ كتابَه. وليسَ مِنْ وَظيفةِ الرسُلِ أنْ يَقِفوا على الغَيب، إلاّ ما أخبَرَهمُ اللهُ بهِ فكانَ مُعجِزةً له. أمّا وقتُ السَّاعةِ فلا مَطمَعَ لأحدٍ في معرفتِه.

﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَت دَّعَوَا اللّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحاً لَّنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ ﴾ [الأعراف : 189]
189- هوَ اللهُ القادِر، الذي خلقَكمْ جَميعاً مِنْ نَفسٍ واحدةٍ هيَ آدم، وخلقَ مِنْ آدمَ حوّاءَ زَوجاً له، ليألَفَها ويأنسَ بها ويَستقِرَّ لها.

ولمّا جامعَ الزوجُ زوجَه، وحملتْ أوَّلَ الحَمْلِ، واستمرَّتْ فيه، فَرِحَ الزَّوجانِ واستَبشرا، فلمّا كَبُرَ جنينُها وثَقُلَتْ بحَمْلِه، دَعا الزَّوجانِ ربَّهما وهما في قَلقٍ وترقُّب، قائلين: لو رَزقتَنا مولوداً صَحيحاً سَالماً، لنَكونَنَّ ممَّنْ يَعبُدونَكَ ويُخلِصونَ الشُّكرَ لك.

﴿ فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحاً جَعَلاَ لَهُ شُرَكَاء فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [الأعراف:190]
190- فلمّا أعطاهُما مَولوداً سَالماً كما طَلَبا، جَعلا للهِ شُركاءَ في هذا الذي رزقَهما، فسَمَّوهُ عبدَ اللاَّتِ وعبدَ العُزَّى، وغيرَ ذلك. أو نَذَروهُ للآلِهة، أو لخِدمةِ مَعابدِها تقرُّباً إلى الله، بزعمِهم. تَقَدَّس اللهُ وتَنَزَّهَ عمّا يُشرِكونَ بهِ ويعتَقدونَ فيه.

﴿ أَيُشْرِكُونَ مَا لاَ يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ ﴾ [الأعراف : 191]
191- أيُشرِكونَ باللهِ تعالى أصْناماً مِنْ حَجَرٍ، لا تَقدِرُ على الحرَكة، ولا على الضَّرَرِ والنَّفع، ولا هيَ قادِرَةٌ على أنْ تَخلُقَ شيئاً، وعابِدوها أقدرُ منها وأسمعُ وأبصَر!! وهذهِ الأصنامُ مَصنوعةٌ ومُشَكَّلةٌ بأيديهم؟! ﴿ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ ﴾؟ [الصافات:95].

﴿ وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْراً وَلاَ أَنفُسَهُمْ يَنصُرُونَ ﴾ [الأعراف : 192]
192- ولا تَقدِرُ هذهِ الأصنامُ على الانتِصارِ لمنْ يَعبُدها، كما لا تستَطيعُ الدفاعَ عنْ نفسِها إذا ضُرِبتْ أو كُسِرت.

﴿ وَإِن تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لاَ يَتَّبِعُوكُمْ سَوَاء عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنتُمْ صَامِتُونَ ﴾ [الأعراف : 193].
193- وإنْ تَدْعُوا - أيُّها المشرِكونَ - هذهِ الأصنامَ لتُرشِدَكمْ إلى أمرٍ فيهِ مَصلَحةٌ لكم، لَمَا سَمِعَتْكُمْ ولا استَجابَتْ لكم، ولا حَقَّقتْ مرادَكم، وسواءٌ عندَها مَنْ ناداها أو لم يُنادِها، فإنَّها لا تَسمَعُ أصلاً، فهيَ جَمادٌ مِنْ حَجَرٍ أصَمّ، لا تُحِسُّ ولا تَسمَع.

﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [الأعراف : 194]
194- إنَّ هذهِ الأصنامَ التي تَعبُدونَها مِنْ دونِ الله، ما هيَ سِوَى مَخلوقات، مثلَ عابِديها المَخْلوقين، وأنتُمْ وهُمْ مَملوكونَ للهِ مُسَخَّرونَ لأمرِه، وها هيَ عندَكم، فارفَعوا أيديَكمْ إليها لتَجلُبَ لكمْ نَفعاً أو تَدفعَ عنكمْ ضُرًّا،إذا كنتُمْ صَادِقينَ في أنَّها آلهةٌ تَقدِرُ على ما لا تَقدِرونَ عليه؟!

﴿ أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا قُلِ ادْعُواْ شُرَكَاءكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلاَ تُنظِرُونِ ﴾ [الأعراف : 195]
195- هلْ لهذهِ الأصنامِ - التي تدَّعونَ أنَّها آلِهةٌ - أرجُلٌ يَمشُونَ بها ليُعَدُّوا أحياءً لهمْ قُدرةٌ على الحرَكة، ليُسعِفوكمْ ويخلِّصُوكمْ منْ مُعضِلةٍ تَقعونَ فيها؟

أمْ لهمْ أيدٍ يَستَطيعونَ أنْ يأخُذوا شَيئاً ما بقوَّةٍ ويُفيدوكمْ بها، أو يَدفعوا عنكمْ أذًى يَلحَقُكم؟

أمْ لهمْ أعينٌ يُبصِرونَ بها ليُبَصِّروكمْ أشياءَ لا قُدرةَ لكمْ على رُؤيتها، أو يَشكُروا لكمْ على ما تُقدِّمونَ لهمْ مِنْ ذَبائحَ وقَرابين؟

أمْ لهمْ آذانٌ يَسمعونَ بها دعاءَكمْ وعبادتَكمْ لها؟

إنَّهمْ لا يَتمتَّعونَ بصفةٍ منْ تلكَ الصِّفات، ولا بحاسَّةٍ منْ تلكَ الحَواسّ، ولا فائدةَ منهمُ ألبتَّة.

فحاجِجْهمْ أيُّها النبيُّ، وقلْ لهم: هاتوا آلهتَكمُ المزعومةَ هذه، واستَعينوا بها عليّ إنْ كانتْ قادرةً على إلحاقِ ضَرَرٍ بي، واجتَهدوا في تَرتيبِ كلِّ ما تَقدِرونَ عليهِ منْ مَكرٍ وكَيدٍ، ولا تُمهِلوني ولا تُشعِروني بما ستَفعَلونَه، فإنِّي لا أبالي بكمْ ولا بأصنامِكمْ أصلاً!

﴿ إِنَّ وَلِيِّـيَ اللّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ ﴾ [الأعراف : 196]
196- إنَّ حافِظي وناصِري ومُتَولِّي أمورِي هوَ اللهُ ربُّ العالمين، الذي بيدهِ وحدَهُ تحصيلُ المنافعِ ودفعُ المضارّ، الذي أيَّدَني بتَنْزيلِ كتابهِ العَظيم، فهوَ الذي يَنصُرني ويَدفَعُ عني ضَرَرَ أعدائي، ولا يَخذُلني.

﴿ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلا أَنفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ ﴾ [الأعراف : 197]
197- وأصنامُكمُ الصمّاءُ البَكماء، التي تدَّعونَ أنَّها آلهة، وتَستَعينونَ بها، لا تَقدِرُ على نَفعِكمْ بشَيء، ولا تَوَلِّي أيِّ أمرٍ منْ أمورِكم، ولا مُساعدتِكمْ فيما تَرغَبون، ولا إغاثتِكم إذا استَنصرتُمْ بها، بلْ لا تَستَطيعُ أنْ تُدافعَ عنْ نفسِها إذا أُصيبَتْ بسُوء!

﴿ وَإِن تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لاَ يَسْمَعُواْ وَتَرَاهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ ﴾ [الأعراف : 198]
198- وإذا دعوتُمْ هذهِ الأصنامَ لتَحصيلِ شَيءٍ مِنْ مَقاصدِكم، فإنَّها لا تَسمَعُ حتَّى تُجيب، وتَراها وكأنَّها تنظرُ إليكَ وهي لا تُبصِر، وقدْ صُنعتْ لها أعينٌ مركَّبةٌ منَ الخرَزِ والجواهِر، وصوِّرَتْ على هيئةٍ وكأنَّ الحَدَقةَ فيها تَنظرُ إليك، والحالُ أنَّها غيرُ قادرةٍ على الإبصار.

﴿ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ﴾ [الأعراف : 199]
199- اِرْضَ أيُّها النبيُّ بما سَهُلَ منْ أخلاقِ الناس، واقبَلْ ما تيسَّرَ منْ أعمالِهم، ولا تَطلُبْ ما يَشُقُّ عليهمْ حتَّى لا يَنفِروا منك، وأمُرْهُمْ بالمستَحسَنِ منَ الأفعالِ -ويَدخلُ فيهِ جميعُ الطَّاعات- وأعرِضْ عنِ السُّفهاءِ ولا تُكافِئهمْ بمثلِ سَفَهِهِم، واحلُمْ عليهم.

﴿ وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [الأعراف : 200]
200- وإذا أحسَستَ بوَسوَسةٍ منَ الشيطانِ يُريدُ أنْ يَصرِفكَ عنْ خَيرٍ أُمِرْتَ به، فاستجِرْ باللهِ واعتَصِمْ به، فهوَ سميعٌ لِمَا تَقول، عليمٌ بالتِجائكَ وتَضرُّعِكَ إليه.

﴿ إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ ﴾ [الأعراف : 201]
201- إنَّ عبادَ اللهِ المؤمِنينَ المُطيعين، إذا أصابَتْهٌمْ وَسوَسةٌ منَ الشَّيطانِ، أو ألمَّ بهمْ خاطِرٌ سيِّء، عَرَفوا أنَّ ذلكَ مِنَ الشَّيطان، وتذكَّروا ما أمرَهمُ اللهُ به، فاستَعاذوا بهِ منْ شَرِّه، وأنابوا إلى ربِّهم، فإذا همْ قدْ عَرَفوا خطأهمْ وقوَّموه، واستَقاموا على الطريقِ الصَّحِيح.

﴿ وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لاَ يُقْصِرُونَ ﴾ [الأعراف : 202]
202- وإخوانُ الشَّياطينِ منَ المشرِكين، يَساعِدونَ الشَّياطينَ في الانحرافِ عن الحقِّ وارتِكابِ المعاصي، ويُسَهِّلونَ عليهمْ مُهِمَّتَهم، فهمْ يُضِلُّونَ الناس، فيكونُ ذلكَ إمداداً منهمْ لشياطينِ الجنِّ على الإغواءِ والإضْلال. ولا يَكفُّونَ عنْ ذلكَ حتَّى يُرْدُوهمْ بالكليَّة.

﴿ وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِم بِآيَةٍ قَالُواْ لَوْلاَ اجْتَبَيْتَهَا قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يِوحَى إِلَيَّ مِن رَّبِّي هَـذَا بَصَآئِرُ مِن رَّبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾ [الأعراف : 203]
203- وإذا طلبَ المشرِكونَ منكَ أنْ تأتيَ لهمْ بمعجِزة، ولم تأتِهمْ بها، قالوا لكَ في تَهكُّم: لماذا لا تَأتي بها مِنْ عندِك؟

قُلْ ردًّا عليهمْ أيُّها النبيّ: أنا لا آتي بشَيءٍ مِنْ عندِي، ولا أفعلُ إلاّ ما يوحَى إليَّ منَ اللهِ تعالَى. وهذا القُرآنُ حُجَجٌ بيِّنة، وبراهينُ نيِّرة، تَظهرُ حتَّى يُبصِرَها الإنسانُ فيَهتَدي بها، ورَحمَةٌ تَفيض، لمنْ يؤمِنُ به، ويَغتَنِمُ خيرَهُ العَميم.

﴿ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [الأعراف : 204]
204- وإذا تُلِيَتْ آياتُ القُرآنِ فاسكُتوا واستَمِعوا له، تَعظيمًا وإجلالاً لكلامِ الله، لكي تَهتَدوا به، وتَفوزوا برَحمةِ الله.

وقدْ ذكرَ السَّلَفُ أنَّها نزلَتْ في القِراءَةِ في الصَّلاة. قالَ القاضي البَيضاويُّ في تَفسيرِه: نزَلَتْ في الصَّلاة، كانوا يَتكَلَّمونَ فيها فأُمِروا باستِماعِ قِراءَةِ الإمامِ والإنصاتِ له. وظاهِرُ اللَّفظِ يَقتَضي وجوبَهما حَيثُ يُقرَأُ القُرآن، وعامَّةُ العُلماءِ على استِحبابِهما خارِجَ الصَّلاة. اهـ.

وذكرَ القُرطُبيُّ وآخَرونَ أنَّها عامَّةٌ ولا تُخَصَّصُ إلاّ بدَليل.

﴿ وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلاَ تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ ﴾ [الأعراف : 205]
205- واذكرِ اللهَ في نفسِك، مُخلِصاً له، مُتضَرِّعاً إليه، مُتذلِّلاً بينَ يَديه، خائفاً منه، مُستَحضِراً عَظَمتَه، وفي صَوتٍ خَفيض، بينَ الجهرِ والمُخافَتة، بما يُناسِبُ الخُشوعَ والرَّهبة، أوَّلَ النَّهارِ وآخِرَه. ولعلَّ المقصودَ مُداومةُ الذكرِ والمواظَبةُ عليه، ليَبقَى القلبُ مَوصولاً بالله. ولا تَكنْ ممَّن يَنسَونَ الله، ويَبتعِدونَ عنْ ذِكْرِه، فإنَّ الفَوزَ في ذِكْرِه، والخَيبةَ في الإعراضِ عنه.

قالَ الفَخرُ الرازيّ: يدلُّ على أنَّ الذكرَ القلبيَّ يجبُ أنْ يَكونَ دائماً... بقَدرِ الطاقةِ البشريَّة.

والمسلمونَ تَبَعٌ لِما خُوطِبَ بهِ النبيُّ صلى الله عليه وسلم.

﴿ إِنَّ الَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ ﴾ [الأعراف : 206]
206- إنَّ الملائكةَ المقرَّبينَ إلى اللهِ بالفَضلِ والكرامة، المرضيَّ عنهمْ لعِصمَتِِهمْ وبراءَتِهم، لا يَتكبَّرونَ عنْ عبادتِه، بلْ يؤدُّونَها بحسَبِ ما أُمِروا به، ويَذكُرونَه، ويُنَزِّهونَهُ عمَّا لا يَلِيقُ بهِ منَ الشِّركِ وغيرِه، ويَسجُدونَ لهُ وحدَه.

صقر 2020-04-22 09:10 AM







نزف القلم
يعطيكم العافيه على الطرح
يسلموووو على رقي الطرح واختياره
ابداع لايضاهى بالطرح
سلمت يمناك وعساك على القوه
طرح بقمة الرووعه
دمت بسعاده ورضى الرحمن
مودتي وتقــديري
صقر






رهام 2020-04-22 12:11 PM

جزلاك الله خير على الطرح القيم
تقديري

عذبة المعاني 2020-04-22 06:04 PM




اثابك الله الأجر
واسعد قلبك في الدنيا والآخره
دمت بحفظ الرحمن



صقر 2020-04-22 09:54 PM

جزاك المولى الجنه
وكتب الله لك اجر هذه الحروف
كجبل احد حسنات
وجعله المولى شاهداً لك لا عليك
لاعدمنا روعتك
ولك احترامي وتقديري

ورد القلب 2020-04-23 08:49 PM

لكم من الإبداع رونقه
ومن الإختيار جماله
رزقكم الله الجنان
ودام لنا عطائكم المميز

عبير الورد 2020-04-23 10:53 PM

جزاك الله كل خير وجعلها في موازين حسناتك
سلم آيدينك على روؤوعة طرحك آلمميز
آلله يعطيك آلف عآفية وً عسآكِ على آلقوة
في آنتظآر روآئع جديدك آلقآدم
دمت بسعآدهـ..

محمد 2020-04-25 02:39 PM


http://www.hamasatdamad.com/upload/do.php?img=4662


جزاك الله خير الجزاء
وشكراً لطرحك الهادف وإختيارك القيّم
رزقك المــــــــولى الجنـــــــــــــة ونعيمـــــها
وجعلــــــ ما كُتِبَ في مــــــوازين حســــــــــناتك
ورفع الله قدرك في الدنيــا والآخــــرة
وأجـــــــــزل لك العطـــاء


http://www.hamasatdamad.com/upload/do.php?img=4662

احمد 2020-04-26 06:12 AM

يعطيك العافيه
ولك مني كل التقديروالاحترام
وبآنتظار روائع جديدك بكل شوق
ارق التحآيآ لك
ودي وعبق وردي

غزل 2020-04-27 07:45 AM

سعدتُ بتوآجدي هُنا
طرح بقمة الرووعه والجمال
فسلمت أيادي لـ إختيارك لنا كل جميل
ولآحرمنا الله جديدك الرآئع..

تحيه معطره برياحين الياسمين


الساعة الآن 02:29 PM

 »:: تطويرالكثيري نت :: إستضافة :: تصميم :: دعم فني ::»

Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
هذا الموقع يستخدم منتجات Weblanca.com
المشاركات المكتوبة والمنشورة لا تعبر عن رأي منتدى بحرالامل ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك (ويتحمل كاتبها مسؤولية النشر)