منتديات بحر الامل

منتديات بحر الامل (http://www.bhralaml.com/vb/index.php)
-   ۩{التراث والحنين الى الماضي}۩ (http://www.bhralaml.com/vb/forumdisplay.php?f=61)
-   -   المعركة التي دمرت عروش الفرس (http://www.bhralaml.com/vb/showthread.php?t=42676)

ناطق العبيدي 2021-02-26 05:38 PM

المعركة التي دمرت عروش الفرس
 
بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

(
فتحت فى 14 من صفر 16 هـ).
بعد أن فتح المسلمون دمشق، وقضت الجيوش الإسلامية على جحافل الروم في الشام، اتجه أبو عبيدة بن الجراح على رأس جيشه الذي يضم خيرة أبطال المسلمين وفيهم سيف الله خالد بن الوليد إلى حمص لفتحها؛ إحكامًا لسيطرة قبضة المسلمين على الشام.
وأراد الخليفة عمر بن الخطاب أن يوجه جيشًا آخر إلى العراق ليقضي على نفوذ الفرس بها، بعد أن بدأت بوادر الضعف والانهيار تدب في إمبراطوريتهم العتيقة، وكان عمر بن الخطاب يريد أن يخرج على رأس هذا الجيش، ولكنه بعد أن استشار أصحابه، أشاروا عليه أن يبقى في المدينة، ويؤمّر على الجيش رجلا غيره، فنزل على رأي الجماعة، وبدأ عمر يبحث عن الرجل المناسب للقيام بهذه المهمة الخطيرة فأشار عليه أصحابه بأن يؤمّر "سعد بن أبي وقاص".
وخرج سعد من المدينة إلى العراق في أربعة آلاف فارس، واستطاع سعد وجنوده أن يحققوا أعظم الأمجاد، وسطّروا أروع البطولات، وتوالت انتصارات المسلمين على الفرس في القادسية ثم بُهْرَسِير التي كانت ضاحية للمدائن على الضفة الغربية لدجلة، لا يفصلها عن المدائن سوى النهر، ولا تبعد عن بغداد بأكثر من عشرين ميلا إلى الجنوب.
القرار الصعب....
بعد فتح بهرسير أراد سعد أن يعبر بجنوده إلى المدائن، ولكنه وجد أن الفرس قد أخذوا السفن كلها حتى يمنعوهم من العبور إليهم.
جمع سعد جنوده وأخبرهم بعزمه على عبور دجلة إلى المدائن، فوجد منهم حماسًا شديدًا ورغبة أكيدة في السير إلى الفرس وفتح عاصمتهم المدائن، وقسم سعد جيشه إلى عدة كتائب، وجعل على رأس كل منها قائدًا من أمهر رجاله، وأكثرهم حنكة وكفاءة، فجعل على الكتيبة الأولى "كتيبة الأهوال" عاصم بن عمرو الملقب بذي البأس، وجعل على الكتيبة الثانية "الكتيبة الخرساء" القعقاع بن عمرو، ثم سار هو على بقية الجيش.
كتيبة الأهوال ....
وتقدمت الكتيبتان في إيمان وشجاعة؛ فلا البحر يخيفهم ولا الفرسان المتربصون بهم على الشاطئ الآخر يرهبونهم.. وأسرع المسلمون يعبرون النهر بخيولهم حتى امتلأت صفحة النهر بالخيل والفرسان والدواب، فلا يرى أحد الماء من الشاطئ لكثرة الخيل والفرسان؛ فلما رأى الفرس المسلمين وقد خاضوا النهر إليهم راحوا يجمعون فرسانهم للتصدي لهم، ومنعهم من الخروج من الماء، واجتمع عدد كبير من فرسانهم حول الشاطئ مدججين بالسلاح يترقبون وصول المسلمين ليرشقوهم بالسهام والرماح، ويقضوا عليهم قبل أن يصلوا إلى الشاطئ.
ولكن قائد الأهوال عمرو بن عاصم يدرك بسرعة ما ينتظرهم، فيأمر رجاله أن يشرعوا رماحهم، ويصوبوها إلى عيون خيل الفرس، وتنطلق الرماح وكأنها البرق الخاطف إلى عيون الخيول، فتعم الفوضى بين صفوف الفرس، وتضطرب صفوفهم، ويفرون أمام المسلمين، وقد امتلأت نفوسهم رعبًا وفزعًا، وهم لا يملكون كف خيولهم، يطاردهم فرسان كيبة الأهوال.
المسلمون في المدائن .....
وانطلق المسلمون نحو الشاطئ بخيولهم القوية، وهي تصهل في حماس، وتنفض الماء عن أعرافها في قوة، فلما رآهم القوم أخذهم الفزع، وانطلقوا لا يلوون على شيء.
ودخل المسلمون المدائن فاتحين منتصرين، وغنموا ما تحويه من نفائس وذخائر، بعد أن فر كسرى وجنوده حاملين ما استطاعوا حمله من الأموال والنفائس والأمتعة، وتركوا ما عجزوا عن حمله.
ووجد المسلمون خزائن كسرى مليئة بالأموال والنفائس، ولكن هذه الكنوز لم تُغرِ أيًّا منهم بالاستيلاء عليها لنفسه، ولم تراود أحدًا منهم نفسه على أخذ شيء منها، ودخل سعد القصر الأبيض بالمدائن، وانتهى إلى إيوان كسرى، وهو يقرأ قوله تعالى: (( كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ )) [الدخان:25] * (( وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ )) [الدخان:26] * (( وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ )) [الدخان:27] * (( كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْماً آخَرِينَ )) [الدخان:28].
ثم صلى فيه صلاة الفتح ثماني ركعات لا يفصل بينهن، كما صلى من قبلُ في قصر كسرى الآخر في بهرسير.
يد تقاتل وأخرى تحمل السلام ....
وعرض المسلمون على أهل المدائن ما عرضوه من قبل على إخوانهم في بهرسير:
{
إما الإسلام؛ فإن أسلمتم فلكم ما لنا، وعليكم ما علينا، وإن أبيتم فالجزية، وإن أبيتم فمناجزتكم حتى يحكم الله بيننا وبينكم". فأجابوهم إلى الجزية، وقالوا: "لا حاجة لنا في الأولى ولا في الآخرة.. ولكن الوسطى}.
وأرسل سعد السرايا في إثر كسرى، فلحق بهم بعض المسلمين، فقتلوا عددًا كبيرًا منهم، وفر الباقون، واستولى المسلمون على ما معهم من الغنائم والأسلاب، وكان فيها ملابس كسرى وتاجه وسيفه وحليه.
وانتشر المسلمون في المدائن تلك المدينة الساحرة التي طالما داعبت أحلامهم، وتمنوا فتحها، وأخذوا يجمعون المغانم الكثيرة التي ظفروا بها من الذهب والفضة والسلاح والثياب والأمتعة والعطور والأدهان، فأرسلوا ذلك إلى عمر بن الخطاب، وكان فيما أرسلوه سيف كسرى وأساوره؛ فلما وضعت بين يديه نظر إليها متعجبًا وهو يقول: إن أقوامًا أدّوا هذا لَذَوو أمانة".. فرد عليه علي بن أبي طالب: إنك تعففتَ فعفّت الرعية.
سراقة يلبس سواري كسرى ....
وكان في القوم سراقة بن مالك الذي وعده النبي (صلى الله عليه وسلم) يوم الهجرة أنه سيلبس سواري كسرى، فتناول عمر السوارين وألقاهما إليه، فوضعهما سراقة في يديه، لتتحقق بشارة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ووعده لسراقة، حيث كان النبي مهاجرًا خارجًا من بلده، فارًا بدينه مطاردًا من قومه، ضعيفًا إلا من إيمانه بالله، وثقته في نصره إياه.
فلما رآهما عمر في يدي سراقة قال: "الحمد لله.. سوارا كسرى بن هرمز في يدي سراقة بن مالك".
ثم أطرق عمر قليلا، وكسا الحزن والأسى صوته وهو يقول: "اللهم إنك منعتَ هذا رسولك ونبيك، وكان أحب إليك منّي، وأكرمَ عليك مني، ومنعته أبا بكر، وكان أحب إليك مني، وأكرم عليك مني، وأعطيتنيه فأعوذ بك أن تكون أعطيتنيه لتمكر بي".. ثم بكى حتى أشفق عليه المسلمون من حوله.
وهكذا سقطت المدائن عاصمة الفرس العريقة في أيدي المسلمين فكان سقوطها إيذانا بانهيار إمبراطورية الفرس كلها، وبداية صفحة جديدة من تاريخ فارس، بعد أن بادر كثير من أهالي تلك البلاد إلى الدخول في الإسلام؛ لما وجدوه من الحرية والعدل وحسن المعاملة في ظل الإسلام، بعدما قاسوا طويلاً من ظلم دهاقين الفرس وجور حكامهم، مما ساعد على المزيد من الفتوحات الإسلامية في بلاد المشرق.
من مصادر الدراسة:
البداية والنهاية: عماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن كثير القرشي – تحقيق: عبد الله بن عبد المحسن التركي – دار الهجرة – القاهرة: 1418 هـ = 1998م.
تاريخ الإسلام السياسي والديني والثقافي والاجتماعي: د. حسن إبراهيم حسندار الجيل – بيروت، مكتبة النهضة المصرية – القاهرة (1416هـ = 1996م).
تاريخ الرسل والملوك: أبو جعفر محمد بن جرير الطبري تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم – دار المعارف بمصر – القاهرة (1397 هـ = 1997م).
الفاروق عمر: محمد حسين هيكل – دار المعارف بمصر – القاهرة (1397هـ = 1977م).
الكامل في التاريخ: عزل الدين أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الكريم الشيباني (ابن الأثير) – دار صادر – بيروت (1399 هـ = 1979م
مراجعة وتنسيق ناطق ابراهيم العبيدي

كيان 2021-02-27 09:38 PM

يعطيك العافيه وسلمت يداك
وسلم لنا ذوقك الراقي على جمال الاختيار
لك ولحضورك الجميل كل الشكر والتقدير
اسأل الباري لك سعادة دائمة

♕ السلطااانه ♕ 2021-02-28 01:52 PM

اشكرك على الطرح القيم
يعطيك العافية وفي انتظارجديدك
""
تحياتي

ناطق العبيدي 2021-03-02 03:18 PM

كيان
لكم شكري الكبير على المرور الطيب الراقي بحبركم الأصيل. ..مثل أرواحكم. ..
عطرتم الصفحةممنون لكم بذلك
سلامي و تحيتي

ناطق العبيدي 2021-03-02 03:20 PM

ورقاء
أختنا الراقية .....كم أسرني هذا المرور العطر .....استلهمني حرفك وصهيل الكلمات التي صدرت من أعماق عشقك للحرف ....شكري من الأعماق وباقات ورود لشخصك الكريم
سلامي ومودتي

عطر الـ уαѕмєєη 2021-03-06 01:14 PM

إنتقائك ,مميز كالعاده
‎الله يعطيك آلعآفيـه يَ رب ,
‎وبِ إنتظآر جديدك بكل شوق ,
‎لقلبك السعآده والفـرح

لہهفُہة 2021-03-07 02:34 PM

كل الشكر والامتنان على روعهـ بوحـكـ
وروعهـ مانــثرت .. وجماليهـ طرحكـ

عشق 2021-03-08 11:00 PM

تسسسلم الايـآدي على روعه طرحك
الله يعطيك الف عافيه يـآرب
بانتظـآر جــديدك القــآدم
آحتـرآمي لك

احساس 2021-03-11 05:58 PM

يعطيك العافيه وسلمت يدآك
وسلم لنآ ذوقك الراقي على جمال الاختيار
لك ولحضورك الجميل كل الشكر والتقدير
اسأل البآري لك سعآدة دائمة
تحياتي
:200 (53):

ناطق العبيدي 2021-04-04 01:05 PM

عطر
ألف شكر أختنا على العبور العطر ....بكلماتك الصادقة النيرة .....
زاد بك الطرح جمالا وابداعا طاهر نبيل سلامي وتحيتي


الساعة الآن 02:54 AM

 »:: تطويرالكثيري نت :: إستضافة :: تصميم :: دعم فني ::»

Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
المشاركات المكتوبة والمنشورة لا تعبر عن رأي منتدى بحرالامل ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك (ويتحمل كاتبها مسؤولية النشر)