نزف القلم
2018-12-18, 07:12 PM
https://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/1/10/CairoFustatLandscape.jpg
بعد أن فرغ عمرو بن العاص من فتح الإسكندريَّة وأجلى البيزنطيين عنها وطردهم من مصر، همَّ أن يستقرَّ بها لِما فيها من عُمران، فيجعُلها عاصمةً للولاية التليدة كما كانت زمن الروم، وكتب بذلك إلى عُمر في المدينة المُنوَّرة، لكنَّ عُمرًا أمره أن ينزل بالمُسلمين منزلًا لا يحول بينه وبينهم نهرٌ ولا بحر سواء في الشتاء أو الصيف. والواقع أنَّ الإسكندريَّة لم تكن صالحة لِأن تكون حاضرة مصر الإسلاميَّة، إذ أنَّ انتقال السيادة عليها من البيزنطيين إلى المُسلمين المُنطلقين من شبه الجزيرة العربيَّة، يُحتِّم على هؤلاء أن يختاروا مكانًا لِإقامتهم يقع إمَّا على ساحل البحر الأحمر، وإمَّا في مكانٍ يسهلُ معهُ الاتصال ببلاد العرب، ولمَّا لم يكن للمُسلمين عهدٌ بالبحر بعد، لِذلك كان الاختيار الثاني هو الحل المُناسب. كان عمرو قد أقام فسطاطهُ (بيتٌ من أدم أو شعر) في أرضٍ فضاء ومزارع بين حصن بابليون وجبل المُقطَّم أثناء حِصار الحصن المذكور. فلمَّا فتح الحصن وقرَّر الزحف نحو الإسكندريَّة أمر بِنزع هذا الفسطاط، فإذا بِيمامةٌ قد باضت في أعلاه، فتركها حتَّى تكبُر فراخها وتطير. فلمَّا عاد من الإسكندريَّة بعد فتحها أمر جُنوده أن ينزلوا عند الفسطاط وأن يختطّوا دورهم فيها، فسُمِّت تلك البُقعة بالفسطاط. وهكذا أسَّس عمرو بن العاص مدينةً جديدةً للمُسلمين في سنة 21هـ المُوافقة لِسنة 642م، وبنى فيها أوَّل جامعٍ في مصر عُرف باسمه لاحقًا، وسُمي أيضًا جامعُ الفتح أو الجامع العتيق. ويُستبعد أن تكون مدينة الفسطاط قد جُعلت عند اختطاطها مدينةٌ كبيرة أو أنَّهُ كان يُقصدُ منها أن تكون عاصمةً للمُسلمين، لكنَّها وإن ابتدأت صغيرة، فقد نمت نُموًّا سريعًا بعد سنةٍ من تأسيسها، فقد رأى المُسلمون أنَّهم يستطعون البناء خارج أسوار الحصن ويتوسَّعون لا يخافون شيءًا بعد أن وضعت الحرب أوزارها، وأمنوا الغدر من أن يأتيهم من جانب المصريين. وسُرعان ما نزلت في الفسطاط عدَّة قبائل عربيَّة مثل: أسلم، وبلي، ومعاذ، وليث، وعنزة، وهذيل، وعدوان، وغيرهم، وقد نزل فيها المصريّون أيضًا واختلطوا مع العرب المُسلمين وامتزجوا تدريجيًّا، حتَّى أصبحت المدينةُ الجديدة حاضرةُ مصر
مماتصفحت
بعد أن فرغ عمرو بن العاص من فتح الإسكندريَّة وأجلى البيزنطيين عنها وطردهم من مصر، همَّ أن يستقرَّ بها لِما فيها من عُمران، فيجعُلها عاصمةً للولاية التليدة كما كانت زمن الروم، وكتب بذلك إلى عُمر في المدينة المُنوَّرة، لكنَّ عُمرًا أمره أن ينزل بالمُسلمين منزلًا لا يحول بينه وبينهم نهرٌ ولا بحر سواء في الشتاء أو الصيف. والواقع أنَّ الإسكندريَّة لم تكن صالحة لِأن تكون حاضرة مصر الإسلاميَّة، إذ أنَّ انتقال السيادة عليها من البيزنطيين إلى المُسلمين المُنطلقين من شبه الجزيرة العربيَّة، يُحتِّم على هؤلاء أن يختاروا مكانًا لِإقامتهم يقع إمَّا على ساحل البحر الأحمر، وإمَّا في مكانٍ يسهلُ معهُ الاتصال ببلاد العرب، ولمَّا لم يكن للمُسلمين عهدٌ بالبحر بعد، لِذلك كان الاختيار الثاني هو الحل المُناسب. كان عمرو قد أقام فسطاطهُ (بيتٌ من أدم أو شعر) في أرضٍ فضاء ومزارع بين حصن بابليون وجبل المُقطَّم أثناء حِصار الحصن المذكور. فلمَّا فتح الحصن وقرَّر الزحف نحو الإسكندريَّة أمر بِنزع هذا الفسطاط، فإذا بِيمامةٌ قد باضت في أعلاه، فتركها حتَّى تكبُر فراخها وتطير. فلمَّا عاد من الإسكندريَّة بعد فتحها أمر جُنوده أن ينزلوا عند الفسطاط وأن يختطّوا دورهم فيها، فسُمِّت تلك البُقعة بالفسطاط. وهكذا أسَّس عمرو بن العاص مدينةً جديدةً للمُسلمين في سنة 21هـ المُوافقة لِسنة 642م، وبنى فيها أوَّل جامعٍ في مصر عُرف باسمه لاحقًا، وسُمي أيضًا جامعُ الفتح أو الجامع العتيق. ويُستبعد أن تكون مدينة الفسطاط قد جُعلت عند اختطاطها مدينةٌ كبيرة أو أنَّهُ كان يُقصدُ منها أن تكون عاصمةً للمُسلمين، لكنَّها وإن ابتدأت صغيرة، فقد نمت نُموًّا سريعًا بعد سنةٍ من تأسيسها، فقد رأى المُسلمون أنَّهم يستطعون البناء خارج أسوار الحصن ويتوسَّعون لا يخافون شيءًا بعد أن وضعت الحرب أوزارها، وأمنوا الغدر من أن يأتيهم من جانب المصريين. وسُرعان ما نزلت في الفسطاط عدَّة قبائل عربيَّة مثل: أسلم، وبلي، ومعاذ، وليث، وعنزة، وهذيل، وعدوان، وغيرهم، وقد نزل فيها المصريّون أيضًا واختلطوا مع العرب المُسلمين وامتزجوا تدريجيًّا، حتَّى أصبحت المدينةُ الجديدة حاضرةُ مصر
مماتصفحت