المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قوله تعالى (فإن مع العُسر يُسرا) هل هذا لجميع الخلق البر والفاجر ؟ وهل كل عُسر له يُس


نزف القلم
2021-09-09, 12:50 AM
1السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فضيلة الشيخ لدي سؤال وهو كالتالي :
في قوله تعالى (فإن مع العسر يسرا)
هل هذا لجميع الخلق البر والفاجر ؟
وهل كل عسر له يسر ؟
فقد يمرض الشخص ويموت بمرضه فكيف يكون هذا العسر معه يسر
وقد يعيش الانسان بلاء حتى يموت 4كفقر او مرض او مصيبه فلا تُفرج حتى يموت فأين يكون اليسر ؟ هذا ما اشكل علي ياشيخ
وهل اليسر يكون في صور مختلفه قد لانشعر بها ؟
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أولاً : يجب على المسلم أن يُسلِّم لِنصوص الوحيين ، وإن بَدَا له تعارُض في النصوص فَعَليه أن يَتّهِم نفسه بِقُصور الفَهْم ، كما قال ابن القيم .
فإن مِن نِعمة الله على العبد : أن يُسلّم للنصوص .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : مِن أعظم ما أنعم الله به عليهم [أي : السلف] اعتصامهم بالكتاب والسنة ؛ فكان مِن الأصول المتفق عليها بَيْن الصحابة والتابعين لهم بإحسان : أنه لا يُقبل مِن أحد قط أن يُعارِض القرآن لا بِرأيه ولا ذوقه ولا مَعقوله ولا قياسه ولا وَجْدِه ، فإنهم ثبت عنهم بالبراهين القطعيات والآيات البينات أن الرسول صلى الله عليه وسلم جاء بالهدى ودِين الحق ، وأن القرآن يَهدِي للتي هي أقوم : فيه نَبأ مَن قبلهم ، وخَبر ما بعدهم ، وحُكم ما بينهم . هو الفصل ليس بِالْهَزل ، مَن تَركه مِن جبّار قَصَمَه الله ، ومَن ابتغى الْهُدى في غيره أضلّه الله ، هو حبل الله المتين ، وهو الذِّكر الحكيم ، وهو الصراط المستقيم ، وهو الذي لا تَزيغ به الأهواء ، ولا تلتبس به الألْسُن ؛ فلا يستطيع أن يُزيغه إلى هواه ، ولا يُحَرِّف به لِسانه ، ولا يَخْلَق عن كثرة الترداد ، فإذا رُدِّد مَرّة بعد مرة لم يَخْلَق ولم يُمَلّ كغيره من الكلام ، ولا تنقضي عجائبه ، ولا تَشبع مِنه العلماء ، مَن قال به صَدَق ، ومَن عَمِل به أُجِر ، ومَن حَكَم به عَدَل ، ومن دعا إليه هُدِي إلى صراط مستقيم . فكان القرآن هو الإمام الذي يُقْتَدَى به ، ولهذا لا يوجد في كلام أحدٍ مِن السلف أنه عارَض القرآن بِعَقل ورأي وقياس ، ولا بِذَوق وَوَجْد ومُكاشَفة ، ولا قال قط قد تعارَض في هذا العقل والنقل . اهـ .
ثانيا : مع كُلّ عُسر يُسْرَان ؛ لأن اليُسْر جاءت بِلفظ مُنكّر ، والعُسر جاء بِلفظ مُعرَّف ، فاليُسر اثنان , والعُسر واحد .
قال تعالى : (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا)
قال القرطبي : أي إن مع الضيقة والشدة يُسرا ، أي : سَعة وغِنى ... وقال ابن عباس: يقول الله تعالى : خَلَقْتُ عُسرا واحدا ، وخَلَقْتُ يُسْرَين، ولن يَغلب عُسر يُسْرَين . اهـ .
وقال ابن كثير : وقوله : (سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا) ، وَعْد منه تعالى ، وَوَعده حقّ ، لا يُخْلِفه ، وهذه كَقوله تعالى : (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا) .
وقال :
ومما يُروى عن الشافعي رضي الله عنه أنه قال :
صبرا جميلا ما أقرب الفَرَجا ... مَن رَاقب الله في الأمور نَجا
مَن صَدَق الله لم يَنله أذى ... ومَن رَجاه يكون حيث رَجا . اهـ .
ورجّح بعض المفسِّرِين أن الآية خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم ؛ لأن أول السورة وآخرها في خِطاب النبي صلى الله عليه وسلم .
قال البغوي في تفسير قوله تعالى : (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا) :
أي : مع الشِّدّة التي أنت فيها مِن جهاد المشركين يُسْرا ورَخاء ، بأن يُظْهِرك عليهم حتى يَنقادوا للحَقّ الذي جِئتهم به . اهـ .
وقال أبو حيّان : وكان الكفار أيضا يُعَيِّرُون المؤمنين بالفَقر ، فَذَكَّرَه هذه الـنِّعَم وقَوّى رجاءه بِقوله : (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا) ، أي : مع الضيق فَرَجا . ثم كَرَّر ذلك مبالغة في حصول اليُسر .
ولَمّا كان اليُسر يَعْتَقِب العُسر مِن غير تطاول أزمان ، جُعِل كأنه معه ، وفي ذلك تبشيرا لِرسول الله صلى الله عليه وسلم بَحصول اليُسر عاجلا . والظاهر أ
ن التكرار للتوكيد ، كما قلنا . وقيل : تكرر اليُسر باعتبار الْمَحَلّ ، فيُسْر في الدنيا ويُسْر في الآخرة . اهـ .
ولفظ الآية عامّ في كُلّ عُسْر ، والعِبرة بِعُموم الألفاظ لا بِخصوص السبب .
قال الشيخ السعدي رحمه الله في " القواعد الحسان في تفسير القرآن " :
القاعدة الثانية : العِبرة بِعُموم الألفاظ لا بِخصوص الأسباب .
وهذه القاعدة نافعة جدًا ، بِمُراعاتها يحصل للعبد خير كثير وعلم غزير، وبإهمالها وعدم ملاحظتها يَفوته علم كثير، ويقع الغلط والارتباك الخطير . اهـ .
ويَدلّ على هذا العموم : قوله عليه الصلاة والسلام : واعْلَمْ أنَّ في الصَّبرِ على ما تَكْرَهُ خيرا كثيرا ، وأنَّ النصرَ معَ الصبرِ ، وأنَّ الفَرَجَ مَعَ الكَرْبِ ، وأنَّ مَعَ العُسْرِ يُسرا . رَوَاه الإمام أحمد ، وصححه الألباني والأرنؤوط
إلاّ أنه ليس مِن شَرْط اليُسْر أن يكون في صورة واحدة ، ولا أن يكون على الصورة التي يُريدها ويرغبها صاحب العُسْر ، إذا اتّقى الله .
فقد يَكون اليُسْر مع العُسْر في أن ما أُصِيب به الإنسان لم يَكن أعظَم مِن ذلك .
وقد يَكون اليُسْر في غير ما نَزَل بالإنسان مِن فقر أو داء ؛ فقد يُيسّر الله للإنسان أمورا أخرى ليست في حُسبانه ، مِن مثل : صلاح الولد ، ومغفرة الذَّنْب ، وتكفير السيئات ، ودَفْع بلاء أكبر ، إلى غير ذلك مما يَخفَى على كثير مِن الناس .
وقد يَكون اليُسْر في بقاء الحال ؛ مِن مرض ، أو فقر ، أو بلاء ؛ لأن مِن الناس مَن لا يُصلِحه إلاّ الفقر ، ومِنهم مَن لا يُصلِحه إلاّ المرض ، فلو اغتنى الفقير ، أو صحّ المريض ؛ أفسَده ذلك ، وذلك لأن الغِنَى والصِّحّة مِن أسباب الأشَر والبَطَر ومُجاوزة الْحَدّ ، كما قال تعالى : (كَلاَّ إِنَّ الإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6) أَنْ رَآَهُ اسْتَغْنَى) ، وأكثر أتْبَاع الأنبياء هُم الفقراء والمستضعفين .
ومَن أراد الله به خيرا يَسَّره لليُسْرَى ، كما يشاء ربّ العِزّة سبحانه .
واليُسْر في الآخرة أنْفَع مِن يُسْر الدنيا .
وسبق قول أبي حيّان : فيُسْر في الدنيا ويُسْر في الآخرة . اهـ .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : قد يكون الفقر لبعض الناس أنفع مِن الغِنى ، والغنى أنفع لآخرين ، كما تكون الصحة لبعضهم أنفع . اهـ .
ثالثا : قد يَكون الإنسان هو الذي يُضيِّق على نفسه ، ويَمنع نُزول الفَرَج بِسبب ذنوبه .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ليس كُل مَن وُسّع عليه رِزقه يكون مُكرَما ، ولا كل مَن قُدِر عليه رزقه يكون مُهانا ، بل قد يُوسَّع عليه رزقه إملاء واستدراجا ، وقد يُقْدَر عليه رزقه حِماية وصيانة له ، وَضِيق الرِّزق على عبدٍ من أهل الدِّين قد يكون لِمَالَه مِن ذُنوب وخطايا ، كما قال بعض السلف : إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه . اهـ .
وقد لا يحصل اليُسْر بسبب سُوء ظنّ العبد بِربِّه ، فإن سوء الظنّ بالله مُهْلِك . كما قال تعالى : (وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ) .
وفي المقابِل : حُسن الظن نَجَاة .
قال الله تبارك وتعالى في الحديث القدسي : أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي . رواه البخاري ومسلم .
وعند الإمام أحمد : أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي ؛ إِنْ ظَنَّ بِي خَيْرًا فَلَهُ ، وَإِنْ ظَنَّ شَرًّا فَلَهُ .
ومَن اتَّقى الله كَفَاه وفرّج عنه ، فالفَرَج مَشْروط بالتقوى ، كما قال تعالى : (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) .
ولَمّا قال يُوسُف عليه الصلاة والسلام لإخوَته : (أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا) أخبَرَهم أن ما حَصل له مِن الخير والفَرَج إنما هو بسبب الصبر والتقوى ، فقال : (إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) .
فكيف يَرجو الفَرَج والنجاة مَن أغلق أبواب التوفيق بالذنوب والمعاصي
قال يحيى بن معاذ الرازي : لا تستبطئن الإجابة إذا دَعوت ، وقد سَدَدْتَ طُرقها بالذنوب .
وقال ابن الجوزي : نَظِّف طُرق الإجابة مِن أوساخ المعاصي . اهـ .
وقال ابن القيم : يا مُستَفْتِحا باب المعَاش بغير إقليد التقوى ، كيف تُوسِّع طريق الخطايا وتشكو ضيقَ الرِّزق ، ولو وَقَفْتَ عند مرادِ التقوى لم يَفُتْكَ مُراد . اهـ .
والله تعالى أعلم .
عبد الرحمن السحيم

مس مون
2021-09-09, 01:16 AM
يعطيك الف عافية

صقر
2021-09-09, 06:50 AM
جزاكم الله خيرا
ونفع الله بكم وسدد خطاكم
وجعلكم من أهل جنات النعيم
اللهم آآآآمين

شريهان
2021-09-10, 12:52 AM
جزاك الله الف خير

أريج
2021-09-11, 10:18 AM
دائما متميز في الانتقاء
سلمت

♕ السلطااانه ♕
2021-09-11, 03:33 PM
جزاك الله خيروبارك فيك
ورزقك الجنة بغيرحساب
ودي

أحساس
2021-09-12, 10:27 AM
بارك الله فيك


ودي

لذة غرآمگ ♥
2021-09-14, 07:28 PM
جعل الله ما كُتِبَ في مــــــوازين حســــــــــناتك
ورفع الله قدرك في الدنيــا والآخــــرة

♕حُلوة الحُب♕
2021-09-15, 02:07 AM
https://i.servimg.com/u/f47/11/97/32/04/tm/572-th10.gif

الهاوي
2021-10-14, 11:23 PM
جزاك الله جنة عرضها السموات والأرض
بارك الله فيك على الطرح القيم
في ميزان حسناتك ان شاء الله
اسأل الله ان يرزقك فسيح الجنات
وجعل ماقدمت في ميزان حسناتك
وعمر الله قلبك بالايمان
على طرحك المحمل بنفحات إيمانيه
لك خالص ودي ..

مشمشة
2022-10-27, 03:43 PM
جزاك الله كل خير
وبارك الله فيك

♔ الراقية ♔
2024-01-13, 08:21 AM
عطاء مترف :1024:
جزاك الله كل خير ::
و بارك الله فيك و وفاك ::

https://www.3b8-y.com/vb/images/smilies/cute_pink_flower_for_my_dear_friends_by_vafiehya-dam43jo.gif